في الذكرى الـ116 لتأسيسه.. ننشر أدق تفاصيل فنون قصر الأمير محمد علي
يعد قصر الأمير محمد علي توفيق أحد أجمل التحف المعمارية والفنية الباقية عن أسرة محمد علي، وهو القصر الذي أسسه صاحبه ليكون معرضًا لكامل الفنون الإسلامية سواءً في شرق العالم الإسلامي أو غربه، وهو يقع في شمال جزيرة الروضة على فرع صغير لنهر النيل أمام قصر العيني.
والقصر كان ملكًا للأمير محمد علي الابن الثاني للخديوي توفيق، وشقيق الخديوي عباس حلمي الثاني والذي شغل منصب ولي العهد ثلاث مرات، كما كان أحد الأوصياء الثلاثة على العرش في الفترة ما بين وفاة الملك فؤاد الأول وتولي ابن عمه الملك فاروق سلطاته الدستورية عند إكماله السن القانونية، والنص التأسيسي للقصر والموجود أعلى بوابته الرئيسية تجد أن الأمير سجل "قصر محمد علي بالمنيل، أنشأ هذا القصر الأمير محمد علي نجل المغفور له محمد توفيق، إحياء للفنون الإسلامية وإجلالًا لها، ابتكر هندسة البناء وزخرفته سمو الأمير وقام بالتنفيذ المعلم محمد عفيفي وتم ذلك عام 1348 من الهجرة"
واستطاع القصر اجتذاب ولفت أنظار الجميع سواء في الداخل أو الخارج بفريق عمل متميز من الأمناء والإداريين والمرممين، تحت قيادة الدكتور ولاء الدين بدوي مدير عام قصر المنيل، والذي كشف لنا عن روائع القصر الذي يتكون من عدة سرايات ومبان متميزة بها عدد كبير من القاعات الرائعة عبر التقرير التالي.
بناء القصر ووصية صاحبه
مبتدأ بناء القصر كان في عام 1901 وتم الانتهاء منه وافتتاحه عام 1903م، الذي اتخذ كتأريخ معتمد لبناء القصر، لذا فالعام 2019 هو العام الـ 116 لذكرى بناء القصر، والذي يقع في مساحة إجمالية تصل إلى مساحة 61711 متر مربع منها تشغل المباني منها مساحة 5000 متر مربع، وحرص الأمير على أن يكون قصره جامعًا للفنون الإسلامية من شتى بقاع الدنيا، وأوصى أن يكون القصر متحفًا مفتوحًا للشعب المصري بعد وفاته، وانتقل الأمير محمد علي إلى جوار ربه في 17 مارس 1954 في لوزان بسويسرا عن عمر ناهز الثمانين عامًا، وكان من وصيته أن يدفن في مصر، فدفن في مدافن العائلة المالكة بالدراسة "قبة أفندينا".
القاعة الشامية
سميت بهذا الأسم لأن كل جدرانها وأسقفها مغطاة بخشب جلبه الأمير من بيت"العظم" الأثرى في سوريا ويرجع إلى عام 1081 هــ، والباب الؤدى الى القاعة من الخشب المزخرف بأطباق نجمية مطعمة وحداتها بالعاج، ويفتح على حجرة صغيرة ذات أرضية رخامية من قطع ملونة تشكل زخارف هندسية جميلة، ويميز هذه الغرفة وجود نوافذ من الزجاج الملون المعشق بالجص المنفذ بدقة رائعة، وبالقاعة شمعدنان كبيران من الفضة الخالصة المزخرفة.
القاعة المغربية
صممت على الطراز المغربي لأن أغلب مكوناتها من المغرب، فالسقف من المرايا عليها سدائب خشبية تشكل اطباق نجمية، والجدران مغطاة ببلاطات القاشاني بينهما مرايا كبيرة المساحة، والأرائك خشبية محلاة بزخارف الأرابيسك، ويتدلى من السقف نجفة نحاسية تشبه الناقوس مشغولة بالتفريـــــغ بها فنايير إضاءة، وبصدر القاعة توجد منضدتان كبيرتان من الخشب المزخرف بالبارز مخصصتان لتقديم واجب الضيافة.
القاعتان الشتويتان
حرص الأمير على تخصيص قاعتين للجلسات الشتوية وتطلان على النيل، الأولى لها سقف مطلي محلى بزخارف نباتية وهندسية مذهبة على طراز "الركوكوكو"، والجدران مغطاة بالقاشانى ذو الزخارف النباتية الجميلة، وأعلى الجدران لوحات صغيرة، على كل منها بيت شعر عربى من قصيدة المنفرجة لابن النحوي.
أما القاعة الثانية فيها السقف والجدران مغطأة بألواح من الخشب الفاخر عليها زخارف نباتية وهندسية، وأعلى الجدران توجد آبيات من شعر ابن النحوى تكملة لقصيدته المنفرجة، والجدار الغربى على اليسار يوجد فيه نموذج لمدفآة رائعة مقتبس طرازها من احد قصور"اسطنبول"، من الخشب المذهب المزين بزخارف نباتية، ومن أعلى على شكل عقود يبرز منها نطاق بيضاوى بداخله طغراء للسطان العثماني "محمود" بخط "عبدالله زهدي".
بهو المرايا
سبب هذه التسمية وجود مرآتان كبيرتان متقابلتان، تغطيان الإحساس بالاتساع، ويدخل الزائر إلى هذا البهو من بهو النافورة بواسطة باب خشبى مزين بحشوات ذات زخارف هندسية دقيقة ويشتمل هذا الباب على باب أصغر يطلق عليه أسم "الخوخة" وهو نظام من الأبواب كان معروفا فى البيوت الإسلامية إلى عصـر قريب حيث كانت الأبواب الكبيرة تغلق عند الغروب وتفتح الخوخه لمرور الأشخاص بعد التعرف عليهم وذلك لدواعي الأمن، وهذا البهو يرتفع أيضا بمستوى طابقين، أرضيته من الرخام الملون الجدران على النمط المنتشر بالمساجد المملوكية، الجزء العلوى من الجدران مكسو ببلاطات القاشانى يعلوها شريط كتابى على وزرة خشبية لسورة الملك كاملة.
بهو النافورة
سمي بهذا الأسم لوجود نافورة من الألبستر على الطراز الأندلسي تتوسط القاعة، وأرضية القاعة مغطاة بقطع الرخام الملون مكونة زخارف هندسية رائعة التنفيذ، وللجدران وزرة مكسوة بنفس قطع الرخام الملون على شكل عقود متكررة على الطراز المملوكي، وبالجزء العلوي من الجدار الجنوبي علقت صورة كبيرة " لمحمدعلى " باشا مؤسس السرة، لها اطار مذهب ويعلوها قرص الشمس كما يوجد بالبهو ساعة دولاب كبيرة صناعة انجلترا قرن 18م وكطاقم جلوس من الخشب المطلى باللون الأسود والمشغول بالخرط الدقيق وعلى الجدران علقت لوحات بداخل بعضها قطع نسيج من كسوة الكعبة الشريفة.
قاعة الشكمة
تقع في الجهة الجنوبية من بهو النافورة، ويفصلها عنه حاجز مكون من حشوات خشبية مشغولة بالخرط، وتنقسم الشكمة إلى قسمين بينهما عقد كبير، القسم الخارجي له سقف محلى بزخارف هندسية تبرز منها كرات مذهبة، أما الجدران فمغطاة ببلاطات القاشاني بزخارف نباتية ملونة تتخللها بلاطات عليها كتابات مثل "البسملة" ولفظ الجلالة "الله" و"محمد صلى الله عليه وسلم، وأسماء الخلفاء الراشدين.
حجرة الأوبيسون
سميت كذلك لأن جميع الجدران مغطاة بنسيج "الأوبيسون" المصنوع في فرنسا، وعليه مناظر طبيعية مصرية مثل الأهرامات والنيل وجنوب مصر، والحجرة خاصة بالأمير "الهامي" باشا جد الأمير محمد علي لوالدته وبها جميع مقتنياتها التي ورثها عنها، وجميع أثاث ومحتويات الغرفة صناعة فرنسية، فطاقم الجلوس من آرائك ومقاعد وكراسي من الخشب، والكسوة من نسيج الحرير عليه مناظر من التي كانت منتشرة في أوربا -خاصة فرنسا- في القرن 18م، وهذا الأسلوب عرف باسم "البارووك".
غرفة التشريفات
تقع بسراى الاقامة، ويؤدي إليها باب يعلوه كتابة نصها "الحياة من الأيمان"، والحجرة كانت مخصصة لاستقبال الشخصيات الرسمية وكبار رجال الدولة والسفراء لتقديم التهنئة للأمير فى المناسبات الرسمية والخاصة، ويتم ذلك بترك بطاقاتهم الخاصة في صحنين كبيرين خصصا لهذا الغرض، وهما من البورسلين الصيني المزخرف برسوم آدمية وحيوانية ومناظر طبيعية.
حجرة الطعام
تقع فى الجهة الشرقية من بهو النافورة، ويعلو بابها جملة "الحمد لله على نعمة الإسلام"، والباب زاخر بالزخارف ومنها ما هو مشغول بالنحاس أو مطعم بالعاج والصدف مكونة أشكال هندسية ونباتية فى تناسق جميل،سقف الحجرة منفذ على شكل براطيم "جذوع النخيل" بزخارف ملونة ومذهبة، وأسفل السقف يوجد شريط كتابى لآيات قرآنية من سورة "الواقعة تتناسب مع مضمون الحجرة "يطوف عليهم ولدان مخلدون باكواب وأباريق وكأس من معين"يلى ذلك ما يشبه نص التأسيس،قد ذكر فيه الأمير اسم شقيقه الخديوي "عباس حلمي الثاني"
حجرة المشربية
كانت مخصصة لجلوس الحريم اللاتي تحضرن مع ضيوف الأمير،ولها شرفة كبيرة من الخشب الخرط الدقيق تطل علي حديقة القصر،وبها كنبتين بالقطيفة الحمراء الرائعة لجلوس السيدات،مشيرا إلي أنه يوجد بها أيضا دولابين لوضع بعض الملابس عندما تجلس السيدات علي راحتهن.
قاعة العرش
بها مجموعة من الأرائك المنجدة بالقطيفة الحمراء عليها زخارف أشعة الشمس وإسم محمد علي بالصرما المذهبة ،ومجموعة من اللوحات الزيتية لأسرة محمد علي باشا بترتيب توليهم للعرش، باب القاعة من الخشب تبرز منه زخرفة تشبه أكليل الغار على دلفتيه، وتعلوه لوحة مكتوب عليها نص من القرآن الكريم هو "فالله خير حافظ وهو أرحم الراحمين "، وعلى يمين ويسار كرسى العرش شمعدانان من كريستال "بوهيميا".