تعرف على الثور والحمار.. ولماذا رسما في أيقونة الميلاد؟
قال المطران نيقولا أنطونيو، المتحدث الرسمي باسم بطريركية الاسكندرية وسائر افريقيا للروم الارثوذكس، أن في أيقونة الميلاد البيزنطية، يظهر دائمًا خلف المذود، ثور وحمار، ونراهما يتطلعان إلى المسيح المضطجع فيه!.
وأضاف: إن وجودهما في الأيقونة الأرثوذكسية ليس لمجرد الإشارة إلى أن المسيح ولد في مغارة وضيعة فيما بين البهائم، التي قد تكون احتوت على حيوانات أخرى كالخراف والماعز والدجاج وغيرها!
ولفت " نيقولا" عبر حسابه الشخصي" فيس بوك" إلي أن الأيقونة الأرثوذكسية هي مدرسة لاهوتية بكل ما تحتويه من تفاصيل، فترمي إلى أخذنا إلى أعماق بعيدة من وراء الحدث، مؤكدا أنها تهدف إلى تعليمنا حقائق لاهوتية وكتابية عبر ما تكتبه لنا بألوانها، وتسمو بنا إلى التأمل في عظمة السر الإلهي المعلن لنا.
وأشار إلي أن وجود "الحمار والثور"، لهما مدلول روحي ولاهوتي عميقين، لأنهما يشيران إلى نبوءة أشعيا النبي في العهد القديم، الذي عاش في القرن السابع قبل الميلاد، وكتب في نبوءة يقول: «عرف الثور قانيه، والحمار معلف صاحبه، أمّا شعبي فلم يعرف وإسرائيل لم يفهم» (أشعيا 1: 3).
ولفت إلي أن هذه الآية فيها توبيخ لبني إسرائيل الذين بغالبيتهم العظمى رفضوا المسيح، وتنكروا له ولم يؤمنوا به "جاء إِلَى خَاصَّتِهِ، وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ" (يوحنا1: 11) حيث يقول لهم الرب على لسان نبيه أشعيا.
وأكد أن الثور والحمار يستطيعان أن يعرفا الإنسان الذي يمتلكهما ويهتم بإطعامهما.
وأضاف أن بني إسرائيل فقد انغلقت عيونهم عن رؤية الفداء والخلاص الذي صنعته لهم، وقست قلوبهم عن معرفتي أنا الإله الذي ظهر على الأرض متجسدًا، والذي كتب عني في الناموس الذي عندهم، وتنبأ عني الأنبياء الذين يؤمنون بهم ويقرؤون أسفارهم.
وتابع: إن هذا التوبيخ الموجه لليهود من جهة، يمكننا نحن أيضًا أن نلمس فيه توبيخًا لكل واحد منا على قساوة قلبه، وذلك عندما نتنكر لكل إحسانات الرب لنا في حياتنا، وتنغلق أذهاننا عن فهم كل ما يدبره ويصنعه باستمرار من أجل خيرنا وخلاصنا، فنقابل مراحمه وإحسانه لنا بالنكران والجحود والابتعاد عنه.
وأوضح أن البهائم الغير عاقلة تصبح حافظة للجميل أكثر منا كبشر مخلوقين على صورة الله ومثاله!
وأكد أن الثور يشير إلى الناموس وذبائح العهد القديم التي كانت تقدم في هيكل أورشليم، والتي كانت الثيران أشهرها، بالتالي يشير "الثور" إلى أمة اليهود المرتبطة بالله عبر شريعة موسى وذبائح الناموس، مضيفا أن "الحمار" يشير إلى الأمم الوثنية التي لم تكن تعرف الله، والذين كانوا سالكين في عبادة الأصنام وعمل الرجاسات الكثيرة، حيث أن الحمار كان من الحيوانات "النجسة" والمحرم أكلها بحسب شريعة موسى (لاويين 11).
وأشار إلي أن القديس غريغوريوس النصيصي في قال: "الثور إشارة إلى اليهود المرتبطين بالناموس، والحمار إشارة إلى الأمم الرازحين تحت وطأة عبادة الأوثان."
وأكد إن المسيح بميلاده يدعو الجميع، من اليهود والأمم لكي يعرفوه إلهًا متجسدًا آتيًا إلى العالم لخلاص الكل، ويوحد كليهما ويجمعهم معًا في كنيسة واحدة، وهذا ما رأينا رسمه في أيقونة الميلاد الأرثوذكسية، حيث جاء الرعاة يمثلون باكورة شعب اليهود، وجاء المجوس من بلاد الفرس يمثلون باكورة الوثنيين، وهناك في بيت لحم سجدوا لقدوس واحد، ورب واحد، يسوع المسيح.