منال لاشين تكتب: كيف نضمن النجاح لمبادرة الـ200 مليار؟
شقة الزمالك تهدد التمويل العقاري
تصاريح البيئة تعطل المصانع المتعثرة
وخطة تمويل الصناعة تأخرت 4 سنوات
انفردنا منذ ثلاثة أسابيع وقبل الإعلان الرسمى بالكشف عن مبادرة التمويل العقارى للطبقة المتوسطة ومبادرة الصناعة.. والآن وبعد أن أعلنت كل من الحكومة والبنك المركزى عن المبادرات الثلاث التى يساهم فيها كل من المركزى والحكومة، فقد أظهرت التفاصيل وآراء رؤساء وخبراء فى البنوك والصناعة معا ثمة عقبات نحتاج إلى نفيها على الفور حتى تثمر هذه المبادرات الجادة والمهمة عن أفضل وأحسن النتائج سواء بالنسبة للمواطن العادى أو قطاعات الاقتصاد المختلفة خاصة قطاع الصناعة الذى طال إهمالها له سنوات طويلة من ناحية، ولم ولن ينهض الاقتصاد وتنخفض معدلات البطالة بدون صناعة قوية من ناحية أخرى.
1- شقة الزمالك
مبادرة المركزى للتمويل العقارى أطلقها محافظ البنك المركزى السابق هشام رامز ويحسب لطارق عامر استمرارها. ولكن مع عودة المبادرة حدثت تغييرات مهمة. الأول ما كشفناه من أسابيع عن رفع سعر الفائدة فى المبادرة من 8% متناقصة إلى 10% متناقصة. ولكن التغيير الأهم أو بالأحرى الأخطر هو زيادة سعر الوحدة داخل المبادرة لتصل فجأة وبدون مبرر إلى 2.5 مليون جنيه على ألا تزيد مساحة الشقة عن 150 متشطبة. ولتبرير الوصول بالسعر إلى 2.5 مليون جنيه قيل إن الهدف هو دفع عجلة سوق العقارات التى تعانى من الركود. ومن حيث المبدأ ليس لدى اعتراض على دعم قطاع العقارات بوصفه قطاعا مهما من قطاعات الاقتصاد. ولكن شريطة ألا يؤثر هذا الهدف على الهدف الأساسى وهو دعم الطبقة المتوسطة فى الحصول على سكن أو شقة بسعر معقول. وواقع الأمر أن رفع سعر الشقة لـ2.5 مليون جنيه داخل المبادرة بدلا من 900 ألف جنيه فى المبادرة الأولى التى بدأت فى عهد هشام رامز. وكانت قيمة المبادرة 20 مليار جنيه. ولا أدرى سر الزيادة الخرافية للحد الأقصى للشقة. لأننا بهذا السعر وصل سعر المتر إلى نحو 20 ألف جنيه. وهو سعر المهندسين والزمالك. ولذلك فإننا أمام منافسة غير متكافئة من الأثرياء إلى الطبقة المتوسطة الحقيقة. خاصة أن الأموال تتوفر أكثر مع الأثرياء. ولذلك فسوف تستفيد هذه الطبقة من المبادرة أكثر من الطبقة المستهدفة من المركزى والحكومة. ولذلك أعتقد أن تقسيم الـ50 مليارا المخصصة للمبادرة إلى شريحتين إحداهما تخاطب الطبقة المتوسطة بسعر شقة لا تتجاوز 1.5 مليون جنيه بحد أقصى وبسعر فائدة 8% أو 9%. بينما تخصص نسبة من أموال المبادرة لاتزيد عن 30% للشقق الذى يصل سعرها إلى .5 مليون جنيه وبفائدة 10%. ولا توجد أى مشاكل فى تطبيق هذه الفكرة على أرض الواقع. لأن بداية المبادرة كانت تتضمن شرائح تبدأ من 5% للإسكان الاجتماعى. و7% و8% لإسكان الطبقة المتوسطة. وبهذا التعديل البسيط يمكن أن نضمن استفادة الطبقة المتوسطة من المبادرة بشكل كامل ودون منافسة فئات أخرى.
2- مسامير وترابيس
وربما يكون من باب المفاجآت أن كثيرا من تفاصيل مبادرة دعم الصناعة المصرية وإحلال الصناعات المحلية ولدت من أربع سنوات. وشارك فى صياغتها محافظ البنك المركزى السابق وأبو الإصلاح المصرفى الدكتور فاروق العقدة والمحافظ الحالى طارق عامر وذلك من خلال المجلس التنسيقى بين المركزى والحكومة. ووضعت خطة لدعم الصناعة الوطنية من خلال البنوك والحكومة لإحلال الصناعة الوطنية محل الواردات خاصة فى المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمغذية للصناعة. وكان هناك حماس وتفاؤل كبير بهذا المخطط. وكان إيمان البنك الأهلى عميقًا بهذه الأحلام. وقد ظهر هذا الإيمان فى الحملة الإعلانية للبنك فى رمضان. وهو إعلان شهير جدا خاصة صناعة المسامير. ومن هنا ظهرت مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى الولاية الأولى لطارق عامر. ومرة أخرى يفتح طارق عامر فى المبادرة الجديدة الباب للجميع الصغير والكبير معا. المهم أن توفر هذه المصانع سلعا وسيطة أو سلعا عادية تغطى الاستهلاك المحلى. وتقلل من الواردات. والوصول لهذا المستوى الاقتصادى يحقق أهداف المركزى والحكومة معا. فخفض الواردات يقلل الضغط على الدولار ويرفع قيمة الجنيه وهو ما يسعى إليه المركزى، كما أن زيادة التصنيع تفتح أبواب العمل والرزق المستدام، وبذلك تحل أزمة البطالة كما تسعى الحكومة. وبهذا المفهوم فإن تعاون الحكومة والمركزى فى هذه المبادرة يجب أن يكون وثيقا. فلا يجب أن يترك للبنوك تحديد الصناعات الأولى بالدعم. وذلك ليس عدم ثقة فى البنوك، ولكن يجب أن تصدر الحكومة قائمة محددة بالصناعات المغذية للصناعات الكبرى والتى يتم استيرادها. ويتم تخصيص أموال المبادرة لدعم هذه الصناعات. أما ترك الأمر لكل بنك على حدة. فلن تحدث المبادرة أثرا قويا. فمع عدم الإخلال بقواعد الائتمان، ومع عدم المساس بأموالنا فى البنوك. مع هذا وذاك فإن تحديد قائمة المشروعات الأولى بتمويل البنوك من ناحية، وإنهاء التراخيص الحكومية من ناحية أخرى وفى نفس التوقيت.
3- سر التعثر
نأتى إلى المبادرة الثالثة وهى مبادرة المصانع المتعثرة. وحسن فعل طارق عامر أن قصر هذه المبادرة إلى أصحاب القروض التى تقل عن 10 ملايين جنيه. لأن هذه المصانع هى الأولى بالرعاية والدعم. ولكن المشكلة الحقيقة هى أن الجميع لا يتصور سببا للتعثر سوى قروض البنوك وفوائدها وغراماتها. وهذا تصور قاصر وغير حقيقى. فهناك مشاكل أخرى تخص وزارات الصناعة والبيئة والصحة وغيرها من الهيئات الحكومية. وإذا لم تنته هذه المشاكل بحلول نهائية من جانب الجهات الحكومية فإننا نضيع الوقت. ولذلك يجب أن تقوم بأمر رئيس الحكومة بتشكيل لجنة عاجلة وبرئاسته لفحص مشاكل المصانع المتعثرة مع الجهات الحكومة وإنهائها. فليس من المعقول أو المقبول أن تظل مشاكل الترخيص أو الأمن الصناعى بالسنوات الطويلة بين المصانع والهيئات الحكومية مما يغرق المصانع فى مستنقع الفشل. ومن هنا فإن اللجنة الحكومية سوف تنهى المشاكل المعلقة وتحقق الانطلاق للمصانع. مرة أخرى فإن الاكتفاء بتعليق شماعة الفشل على البنوك فقط أو بالأحرى التمويل هو خطيئة متكررة آن لها أن تنتهى.
4- لعنة النجوم
وتبقى مبادرة السياحة والتى تلقى قبولا هائلا لدى العاملين بالسياحة باعتبارها الأكبر فى تاريخ قطاع السياحة، وقد بدأت مبادرات البنك المركزى بقطاع السياحة. وبدأت هذه المبادرات بعد حوادث الدير البحرى وشرم الشيخ. ولذلك كانت ملامح وحدود هذه المبادرات واضحة. فالهدف كان مساندة القطاع السياحى لتجاوز الأزمات. ولكن الآن يجب أن يكون للفنادق ثلاثة نجوم نصيب وافر من أموال ودعم هذه المبادرة. فهدف توفير سياحة للطبقة المتوسطة يجب ألا يقل أهمية من هدف دعم صناعة السياحة. فالساحل الشمالى نشأ عشوائيا وحتى مع وجود ندرة فى الفنادق، فإن الأكثر ندرة هى الفنادق الثلاثة نجوم. ولذلك يجب أن تخصص نسبة من هذه المبادرة لشريحة لفنادق الثلاثة نجوم لتنشيط السياحة للطبقة المتوسطة. فعلى مدى حكومات وسنوات وخطط لم تحظ ثقافة نشر الفنادق الثلاثة نجوم أو نشر الكامبات باهتمام يوازى أهميتها ولم تقدم الحكومات المتعاقبة الدعم والمساندة لصناعة سياحة الشباب والطبقة المتوسطة. ولذلك اختل توازن العلاقة بين الفنادق الفاخرة وفنادق الثلاثة نجوم. أو بالأحرى اختلال الميزان لصالح سياحة الأثرياء. سياحة الخمسة نجوم والسبعة نجوم.