"بوليتيكو": الأميرة ريما رمز لتمكين المرأة السعودية .. وهكذا وصلت لمنصب سفيرة المملكة لدى واشنطن (بروفايل)
حظيت الاميرة ريما بنت بندر، سفيرة المملكة العربية السعودية لدى واشنطن باهتمام بالغ من الإعلام الأمريكي، منذ توليها المنصب الجديد، حيث حرصت مجلة "بوليتيكو" على سرد سيرتها الذاتية ونشأتها حتى وصولها لهذا المنصب المهم.
وقالت المجلة عن الأميرة إنها جاءت في وقت تساعد فيه على استعادة عمق العلاقات بين البلدين، وما يساعدها هو أن والدها الأمير بندر بن سلطان كان دبلوماسي ماهر وشغل المنصب نفسه قبل سنوات قليلة وتمتع بالعديد من العلاقات الجيدة في الولايات المتحدة، وهو ما جعلها "الأميرة القوية" وأول سيدة تشغل هذا المنصب في تاريخ المملكة.
وحرصت "إليز لابوت" محررة مجلة "بوليتيكو" على الذهاب لمقر السفارة السعودية بواشنطن ولقاء السفيرة ريما أثناء جلوسها مع مجموعة من موظفات السفارة.
وكتبت إليزا: "تجمعت نحو 50 موظفة بالسفارة في قاعة الاحتفالات للقاء رئيستهن الجديدة، كانت الأميرة ريما بنت بندر آل سعود، سفيرة المملكة العربية السعودية لدى الولايات المتحدة، موجودة في واشنطن لبضعة أسابيع فقط، وكان هذا أول اجتماع جماعي لها مع موظفي السفارة - ولكن النساء فقط، كانت الغرفة مزدحمة عندما دخلت مرتدية سروالًا وسترة سوداء وبيضاء، دون ارتداء الحجاب المعتاد، توقفت عند المنصة وجلست على بعد مجموعة من الخطوات، وجها لوجه مع موظفيها، وقالت "اليوم، للنساء فقط، إنه يومنا للاحتفال".
وتحدثت السفيرة إلى النساء عن حقوقهن الجديدة التي أقرتها المملكة، بما في ذلك الحصول على جوازات سفر والسفر إلى الخارج وتسجيل الزيجات وتقديم الطلاق والعمل كواصي قانوني للأطفال، وعلى الرغم من وضعها الملكي، أوضحت الأميرة أنها، كأم مطلقة، أصبحت الآن فقط رب أسرتها.
وقالت للنساء: "لديكن حقوق غير قابلة للتصرف الآن، الحق في هويتك الخاصة، والتنقل، والحلم، والعمل"، وحذرت من أن الحريات الجديدة تأتي مع مسؤوليات جديدة.
وذكرت المجلة: "الأميرة ريما يراها الكثير من السعوديين كرمز لخطة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الطموحة لتحديث المجتمع السعودي وتجسيد للاحتمالات الجديدة المتاحة للمرأة السعودية".
نشأة الأميرة ريما
وقالت المجلة إن ريما أميرة ملكية "كما ينبغي للمرء أن يكون" - على حد تعبيرهم - فوالدها، الأمير بندر، هو حفيد الملك الراحل عبد العزيز، ووالدتها الأميرة هيفاء بنت فيصل، هي ابنة الملك الراحل فيصل، ابن عبد العزيز الثالث، وهذا يجعل من ريما سليلًا مباشرًا للملك عبد العزيز، مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة، من جانبي الأسرة.
وتلقت الأميرة ريما تنشة أمريكية بحكم تواجدها في الولايات المتحدة خلال فترة عمل والدها كسفير لمملكة، إلى جانب نشأتها السعودية وتربيتها على الشريعة الإسلامية، وتصر على أن والدها، وهو أحد الدبلوماسيين الأقوى والأقوى صلة في واشنطن، "جعل الحياة طبيعية"، بقدر الإمكان.
وقالت المجلة: "بعد حصولها على شهادة في دراسات المتاحف من جامعة جورج واشنطن في عام 1999، اتبعت ريما في البداية مهنة في عالم الفن، وسرعان ما بدأت تتعارض مع العادات الاجتماعية السعودية للسيدات، في عام 2008، عادت إلى الرياض مع وجود خطط للإشراف على أجزاء من مجموعة والدتها للفن الإسلامي التي كانت على وشك الظهور في المتحف الوطني السعودي، لكن المتحف رفض توظيف امرأة، قامت أسرتها، التي تتمتع بسمعة أكثر تقدمًا في قضايا المرأة في المملكة العربية السعودية، بالتبرع بهذا الفن لمؤسسة محو الأمية المالية للمرأة التي أطلقتها جدة ريما، الملكة إيفات، وشاركت ريما أيضًا في امتلاك أول جيم ونادي صحي للسيدات فقط في الرياض، عندما فتحت هي وابن عمها، فرضت اللوائح السعودية على النساء امتلاك نوع واحد فقط من الأعمال التجارية".
وبحلول عام 2010، أصبحت ريما أول مديرة تنفيذية لإحدى شركات البيع بالتجزئة الكبرى في المملكة العربية السعودية، حيث استحوذت على فرع "هارفي نيكولز" في الرياض، الذي تملك شركته الأم عائلتها، في غضون بضعة أشهر، أصدر الملك عبد الله، سلف الملك الحالي، مرسومًا يطالب المتاجر بتوظيف موظفات في الأقسام النسائي، وعندما رأت الأميرة فرصة، أخرجت عدة عشرات من الباعة المتمرسين، وقدمت رعاية الأطفال ووسائل النقل لموظفاتها الجدد، وساعدتهم على فتح حساباتهم البنكية الخاصة لإيداع رواتبهم، لقد كانت تجربة اجتماعية جذرية في بلد لم تتفاعل فيه النساء تقليديًا مع الرجال، باستثناء الأقارب، خارج المنزل، واكن بعدها انخفضت الأرباح، وأغلقت الشرطة السعودية المتجر بشكل منتظم لعدم اتباعها الإرشادات التي تقيد تفاعل المرأة مع الرجال، لكن ريما عارضت الإغلاقات مع وزارة العمل وستعمل مجددًا.
في عام 2013، بعد الطلاق الودي من الأمير فيصل بن تركي، ولديها طفلان، أسست ريما منظمة "ألف خير"، وهي منظمة لتقديم التوجيه للنساء السعوديات اللائي يدخلن سوق العمل، ومن خلال نفس المنظمة، بدأت تدافع عن الوعي بسرطان الثدي.
وفي عام 2016 أصبحت الأميرة أول نائبة مديرة للتخطيط والتطوير ونائبة رئيسة شؤون المرأة، في عامها الأول، كما تقول، عملت من المنزل لتفادي وجود بيئة غير مضيافة للمرأة؛ عندما بدأت في الظهور أخيرًا في المكتب، لم يكن الرجال يصعدون إليها طوال أشهر.
في تلك السنة، كلف ولي العهد جميع الوكالات الحكومية بإيجاد طرق لتحسين نوعية الحياة في المملكة العربية السعودية، عملت الأميرة ريما على تنفيذ خطة للتربية البدنية في مدارس البنات، وترخيص الصالات النسائية واستخدام الأماكن العامة للنساء لممارسة الرياضة إلى جانب الرجال، ويقول فواز فاروقي، زميل لها في ذلك الوقت: "قاتلت مع حوالي خمس أو ست وزارات من أجل بعض هذه التغييرات وتحدثت عن رأيها دون أن يشعر الناس بالتهديد، لقد استمرت في الظهور والتحدث إلى جميع مستويات الحكومة، باحترام، وغيرت رأي هؤلاء الموظفين الحكوميين واحدة تلو الأخرى حتى قالوا،" حسنًا ".
وأكدت المجلة أن للأميرة ريما دور وفضل كبير في السماح للمرأة في الخروج بدون إذن وقيادة السيارات، مما ساعدهن للانخراط في مجال العمل في المملكة.
في عام 2017، تم إرسال ريما إلى واشنطن قبل جولة ولي العهد في الولايات المتحدة.
الأميرة ريما والدفاع عن المملكة
تحرص الأميرة ريما بنت بندر في الدفاع عن المملكة في العديد من المحافل الدولية، وفق ما ذكرته مجلة "بوليتيكو" الأمريكية في تقريرها عن الأميرة الشابة التي تشغل حاليا منصب هام.
وتقول المجلة: "الأميرة ريما مصرة على أن الغرب ينظر إلى تحول المملكة العربية السعودية بشكل غير عادل، وقالت أمام الحضور في المنتدى الاقتصادي العالمي في عام 2018 "أنتم تطلبون منا التغيير، وعندما نظهر التغيير، تسخرون مننا، نحن لا نقوم بالمساواة بين الجنسين لأن الغرب يريده، أو لأن هيومن رايتس ووتش ترغب في ذلك، أو لأن منظمة العفو الدولية ستقول "عمل رائع"، نحن نقوم به لأنه صحيح".
نهج الأميرة ريما كسفيرة للمملكة في واشنطن
وقالت "بوليتيكو": كان نهج الأميرة ريما في العمل، حتى الآن، أكثر عمومية وتركيزًا على نطاق أوسع من سابقيها، في حين أن مهمتها المباشرة هي رعاية التحالف السياسي بين واشنطن والرياض كما فعل والدها، إلا أنها تقول إن غريزتها هي العمل أكثر على ما تسميه "الجانب الناعم للتغيير الاجتماعي".
وأضافت: "إنها تريد ألا تعود القصة السعودية الأمريكية بعد الآن لتركز فقط على مكافحة الإرهاب أو النفط، وتريد بدلًا من ذلك "شراكة شاملة" في الأعمال والثقافة والتعليم، وهي تحاول أيضًا تصوير المملكة العربية السعودية على أنها مجتمع أكثر تسامحًا".
آراء الدبلوماسيين عن الأميرة ريما
يقول السناتور "كريس مورفي" من كونيتيكت، والذي قابل الأميرة ريما: "السفيرة مثيرة للإعجاب بلا شك، هي شخص جيد"، بينما تقول عنها كارين إليوت هاوس، مؤلفة كتاب "عن المملكة العربية السعودية: شعبها، الماضي، والدين، وخطوط الصدع والمستقبل": "إن وظيفتها واضحة، وهي محو بعض وجهات النظر السلبية لدى الناس حول المملكة، وهي خيار جيد للقيام بذلك، إنها ليست مجرد أميرة وامرأة، إنها أيضا أم عازبة لديها بالفعل الكثير من القواسم المشتركة مع المرأة الأمريكية".
وعلقت "مي الدايل"، ابنة دبلوماسي سعودي نشأت في الولايات المتحدة مع الأميرة وصديقتها الحميمة، "ريما نجمة موسيقى روك في السعودية، لقد قالت ما أراد الجميع أن يقوله، وهو أننا نحاول التغيير في وتيرتنا".
وصرحت "ويندي تشامبرلين"، رئيس معهد الشرق الأوسط في ذلك الوقت، والتي استضافت الأميرة لتناول طعام الغداء في مقرها في واشنطن: "لقد صادفتها شخصية ديناميكية، إنها تعرف واشنطن جيدا، وتتحدث لغتنا، إنها شخص يمكن أن نتواصل معه".