العراق.. هدوء حذر بعد أسبوع من الاحتجاجات الدامية

عربي ودولي

قوة أمنية عراقية
قوة أمنية عراقية

شهد العراق، اليوم الثلاثاء، هدوء حذر بعد أسبوع من الاحتجاجات التي شابها عنف أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص، بحسب تعداد رسمي، وغداة دعوة رئيس الجمهورية، إلى وقف التصعيد والحوار.

 

ودعا الرئيس برهم صالح، مساء الإثنين، بغصة "أبناء الوطن الواحد" إلى وضع حد لما أسماه "الفتنة"، بُعيد إقرار القوات الأمنية بـ"استخدام مفرط" للقوة في مدينة الصدر بشرق بغداد، التي شهدت ليل الأحد أعمال فوضى.

 

وبحسب حصيلة رسمية، قتل أكثر من 100 شخص، غالبيتهم من المتظاهرين وجرح أكثر من 6 آلاف آخرين، منذ انطلاق الاحتجاجات في 1 سبتمبر الجاري، في بغداد ومدن جنوبية للمطالبة باستقالة الحكومة المتهمة بالفساد.

 

وقال صالح في كلمة متلفزة متوجهاً إلى الشعب إن "المتربصينَ والمجرمينَ الذين واجهوا المتظاهرين والقوى الأمنيةَ بالرصاصِ الحي، هم أعداءُ هذا الوطن، وهم أعداءُ الشعب".

 

وأشار إلى ضرورة اتخاذ "إجراءاتٍ لمواجهةِ هذا النوعِ من الاحتجاجاتِ ومنعِ الاندفاعِ إلى استخدامِ القوةِ المفرطة"، ودعا الرئيس العراقي إلى "حوار بين أبناء الوطن الواحد ومنع الأجنبي من التدخل" في بلد لطالما سعى إلى تحقيق التوازن بين حليفتيه المتعاديتين، الولايات المتحدة وإيران.

 

وأكد صالح أن "لا شرعيةَ لأي عملية سياسية، أو نظامٍ سياسيٍ لا يعمل على تحقيقِ متطلباتِ" الشعب.

 

وقدم رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، سلسلة مقترحات لتدابير اجتماعية لامتصاص غضب المتظاهرين الذين أكدوا أن "لا شيء لديهم ليخسرونه"، في بلد غني بالنفط ويعيش أكثر من خمس سكانه تحت خط الفقر.

 

وأعلن البرلمان مجدداً عن جلسة ظهر الثلاثاء، بعد فشل عقد اجتماع أول السبت لعدم اكتمال النصاب.

 

وكانت كتلة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الأكبر في البرلمان، قاطعت، مع نواب آخرين، جلسة السبت.

 

وبعد ليلة من الفوضى الأحد، في مدينة الصدر في شرق بغداد ومقتل 13 شخصاً في الصدامات بين المحتجين وقوات الأمن، حسب مصادر طبية، أقرت القوات العراقية الإثنين بـ"استخدام مفرط للقوة وخارج قواعد الاشتباك المحددة".

 

وقالت في بيان إنّها "بدأت إجراءات محاسبة الضباط والآمرين والمراتب الذين ارتكبوا هذه الأفعال الخاطئة".

وفي تسجيلات مصورة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، كان ممكناً سماع أصوات إطلاق رصاص متواصل، وأحياناً بالسلاح الثقيل، في مدينة الصدر أين واجهت القوات الأمنية ووسائل الإعلام صعوبات في الوصول إليها.

 

وتعد هذه المنطقة معقلاً لأنصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الذي دعا الجمعة إلى استقالة الحكومة.

 

ومن الممكن كشف صور أخرى قريباً، مع بدء شبكة الإنترنت التي قطعت تدريجياً في بغداد وجنوب العراق منذ مساء الأربعاء، بالعودة بشكل متقطع.

 

وكانت السلطات العراقية، التي تتعرض لانتقادات من المدافعين عن حقوق الإنسان، أكدت أنها تتقيد "بالمعايير الدولية"، متهمةً "مندسين" و"قناصة مجهولين" بإطلاق النار على المتظاهرين والقوات الأمنية على حد سواء.

 

وقالت منظمة العفو الدولية، الإثنين، إن اعتراف "القوات الأمنية باستخدام القوة المفرطة، خطوة أولى يجب أن تترجم على أرض الواقع لكبح تصرفات القوات الأمنية والجيش".

 

وقالت إن الخطوة التالية يجب أن تتمثل في "المحاسبة".

 

وفي ظل هذه التطورات، أعلن رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، الإثنين أن فصائله، وغالبيتها شيعية بعضها مقرب من إيران، جاهزة للتدخل لمنع أي "انقلاب أو تمرد" في العراق، إذا طلبت الحكومة ذلك.

 

وقال الفياض في مؤتمر صحافي في بغداد إن "هنالك من أراد التآمر على استقرار العراق ووحدته"، مؤكداً أن الحشد الشعبي، الذي يعمل في إطار رسمي، يريد "إسقاط الفساد وليس إسقاط النظام"، في رد على شعارات المتظاهرين.

 

وتابع الفياض "نعرف من يقف وراء التظاهرات، ومخطط إسقاط النظام فشل"، مشدداً على أنه "سيكون هناك قصاص لمن أراد السوء بالعراق".

 

وتأتي الاحتجاجات في العراق تزامناً مع توجه آلاف "المشّاية" العراقيين والإيرانيين خاصةً إلى مدينة كربلاء، 110 كيلومترات جنوب بغداد، لإحياء أربعينية الإمام الحسين، أكبر المناسبات الدينية لدى المسلمين الشيعة، بعد أيام قليلة.

 

والإثنين أيضاً، ضاعف رئيس الوزراء اتصالاته الدبلوماسية مناقشاً التطورات الأخيرة هاتفياً مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، والتقى في بغداد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وبحث معه اتفاقيات مشتركة بين البلدين.