ربيع جودة يكتب: الثورة.. وصية إبليس
لن أكتب لطرف دون طرف.. وما كنت لأخشي من أحد.. ولن يقف قلمي موقف الحياد.. في وقت لزم فيه الحسم.. ولن ترحم كلماتي القادمة جهة .. والكل يحمل من أوزار هذه الفوضى الوشيكة..
الأمر وبكل بساطة.. أننا نختلف في كل شيء.. ونتفق في الكراهية.. فعشق كل منا مذهبه.. وصم أذنه عن تقبل حتى مجرد رأى الآخر.. وتلك حجتنا.. حتى أوشكنا على أعتاب خراب محقق.. فلن تكون المرة.. ككل مره.. ولن تجني أجيالنا منها.. سوى الدمار والضياع .. حتى من نجا منا.. سيصبح تائهاً في طرقات بلاد غريبة.. لا يعرف أهلها.. ولا يأنس ربعوها .. أتحدث عنا أولا كمواطنين.. نتفرق بين المصلحة.. والمذهبية.. بين فئات مستفيدة.. وأخرى غارقة مطحونة..
أما الهيئات .. فمعظمها لا يؤدي واجباً.. ولا يقيم عدلاً.. فأصبحت كدبابة خشبية.. شكلها مهيب.. وداخلها معيب.. حضور وانصراف.. وأجور.. وحوافز.. وبدلات.. لكن دون إنتاج يذكر..
برلمان تم انتقاءه بمعزل عن الناس.. يعيش في كوكب آخر.. لا يعرف لواقع الأرض طريق.. لا يحكى آلام الناس.. ولا يرعى لهم حق.. فهو الآخر دبابة خشبية..
ثم يأتي من بعد ذلك.. وزارات.. ومحليات.. وقطاعات.. كلها بين قلة الحيلة.. وفقدان القرار.. ومن ذا له قرار.. والمسؤولية كلها تفردت بها جهة واحدة.. ووضعنا البيض كله في إناء الجيش.. فتحمل فوق طاقته.. فالقول قوله.. والقرار قراره.. بداية من شراء الطائرة.. وانتهاءاً بشراء لبن الأطفال.. وحتى ما دون ذلك
ولعل الجيش لا يحمل ثقة لأحد.. فيراعي أن تكون الأمور على عينه.. ولكن هذا من شأنه إبطاء السير.. وتعثر الخيل
أنا لا اعيب على الدولة طموحها.. ولا ابخس حقاً في إنجاز لها.. كل ما أعاتب فيه.. أننا بحق كشعب نتحمل فوق طاقتنا.. من طعام.. وشراب.. وعلاج.. وتعليم.. ومسكن .. وكساء
شعب يصبر مكروهاً.. لعل القادم أفضل.. ولعل غدٍ يحمل الخير.. ويمر الغد والغد.. لكن الي أسوأ..
نحمل جميل العيش في أمان.. ونطوي الفقر والحزن تحت وسائد تؤرقها الديون .. 94 طفل في فصل واحد جريمة.. وقتل للإنسانية.. وتدمير للدولة.. واجهاض للأمل.. وخواء للأمة.. لكننا نصبر.. ونتكبد من قوتنا.. ثمن الدروس والملازم.. حتى جاء من يقول .. أيتها العير إنكم لسارقون.. من أين تأتي قصوركم وقبوركم.. وصار الناس بين مصدق ومكذب.. وانتزع من شعور الناس بالحاجة.. موعداً للخروج بثورة.. على طريقة..( يا نعيش فل يانموت احنا الكل).. وهو يعلم أنه دمار لا خير فيه.. وخرج الفئام من الناس.. يكسرون حاجز الخوف على حد رأيهم.. وجلس البقية الوفيرة.. يختارون الحياة الفقيرة.. عوضاً عن السقوط في الجحيم
والان وقبل فوات الأوان.. هل جميعكم يدرك الخطر.. متى نتخلص من الكبر والعناد.. متى
ننزل بطموحاتنا إلى بسطاء الناس.. متى تعلمون أن شعوباً حولنا بحكوماتهم صاروا جميعاً أشلاء إنسان.