مي سمير تكتب: عسكري أمريكي: اختاروني للقيادة المركزية لأننى غبي
"أوباما" كان يتفاوض سرًا مع إيران على برنامجها النووي
فى بداية سبتمبر الجارى صدر فى الولايات المتحدة الأمريكية كتاب جديد لوزير الدفاع الأمريكى السابق، جيمس ماتيس بعنوان «استدعاء علامات الفوضى: تعلم القيادة»، يتناول فيه فترة عمله فى إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وباستقالته المفاجئة، وسنوات عمله مع الرئيس السابق باراك أوباما ويكشف فيه أيضاً كواليس جديدة فى الربيع العربى والعلاقات الأمريكية الإيرانية.
قدمت جريدة الجارديان البريطانية عرضاً لأهم ما تضمنته هذه المذكرات التى كتب فيها ماتيس أن خدمته فى البحرية الأمريكية علمته «درساً فى القيادة واستدعاء الإنسانية لصالح السلام».
1- أوباما ساذج
قال ماتيس فى كتابه الجديد، إن إدارة الرئيس الأمريكى آنذاك باراك أوباما، لم ترد على «عمل حرب» من إيران لأنها أرادت إتمام الاتفاق النووى، الذى تم توقيعه فى عام 2015، مشيراً إلى أنه عندما تولى القيادة المركزية الوسطى للولايات المتحدة فى عام 2010، كان يعلم أن طهران كانت أكثر الخصوم دموية، وفى منصبه وقتئذ تولى ماتيس الإشراف على الحروب فى أفغانستان والعراق، إلى جانب سوريا، إيران واليمن. وخلال ربيع عام 2011، كشف المدعى العام إريك هولدر عن مؤامرة إيرانية لاغتيال السفير السعودى على الأراضى الأمريكية، حيث تم اعتقال اثنين من الإيرانيين بزعم التخطيط لقصف مقهى يسمى «ميلانو» فى واشنطن.
وحسب ماتيس: »قال المدعى العام إريك هولدر إن مؤامرة التفجير تم توجيهها واعتمادها من قبل عناصر من الحكومة الإيرانية، وبالتحديد أعضاء كبار فى فيلق القدس قوة العمليات الخاصة للحرس الثورى الإيرانى».
ويؤكد ماتيس أنه لو انفجرت تلك القنبلة لكانت غيرت التاريخ، وكان هذا الهجوم سيكون أسوأ هجوم على الولايات المتحدة منذ 11 سبتمبر، وشعر ماتيس أن إيران ترى أمريكا عاجزة ولذا اندفعت إلى هذه المخاطرة التى كانت ستكون على بعد بضعة أميال من البيت الأبيض.
وكشف ماتيس أن الإرهابيين الإيرانيين ورطوا عميل وكالة مكافحة المخدرات السرى فى محاولة لتهريب القنبلة، ما يعنى نفى علاقتهم بالانفجار فى حالة وقوعه، كشف أيضاً أنه أراد أن ترد الولايات المتحدة بقوة وتبعث برسالة صارمة إلى النظام فى إيران بأن تكلفة هذه المؤامرة، التى تتجاوز أى شيء ستكون كبيرة، كما طلب أن يصدر أوباما تنديداً علنياً بالمؤامرة، ولكن لم يحدث أى شىء، وبدلاً من ذلك، تعاملت إدارة أوباما مع عمل الحرب باعتباره انتهاكاً لإنفاذ القانون، وتم سجن حامل الحقيبة ذى المستوى المنخفض.
وكتب ماتيس: «فى رأيى، كان علينا محاسبة إيران والرد عليها، ولكن الإدارة الأمريكية كانت تمارس ضبط النفس لأنها كانت الإدارة تتفاوض سراً مع إيران على برنامجها النووى، رغم أننى لم أكن على دراية بالتفاصيل فى ذلك الوقت».
وبشكل عام انتقد ماتيس سياسة أوباما فى منطقة الشرق الأوسط، خاصة أثناء الربيع العربى، حيث تجاهل الأخير العلاقات القوية التى تربط بين أمريكا وحلفائها فى المنطقة، «تلك الدول التى وقفت إلى جانبنا بعد أحداث 11 سبتمبر وكان لها سجلات أفضل بكثير من تلك التى فى الأنظمة العدائية القمعية مثل إيران».
وعندما جاء الربيع العربى إلى مصر فى عام 2011، اعتقد ماتيس أنه يتعين على الولايات المتحدة استخدام الدبلوماسية الهادئة للحث على تأسيس الحكومة الشاملة، لكن أوباما دعا بدلاً من ذلك إلى استقالة الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وقال ماتيس:» كان أوباما مصراً على أنه فى الجانب الصحيح من التاريخ فى مصر».
واستمرت فترة ولاية ماتيس فى القيادة المركزية من عام 2010 إلى عام 2013، وخلال هذه الفترة اتخذت إدارة أوباما خطوات قلصت من النفوذ الأمريكى فى الشرق الأوسط الكبير وساهمت فى تمكن إيران، بالتأثير غير المباشر أزمة المهاجرين التى ساهمت فى صعود الشعوبية الوطنية فى أوروبا، كما اختلف ماتيس مع سياسة أوباما فيما يتعلق بالعراق وكتب: «فى عام 2010 عارضت بشدة سحب جميع قواتنا من العراق». ويبدو أن اعتراض ماتيس على سياسة أوباما فى الشرق أدت فى النهاية إلى الاستغناء عنه فى القيادة المركزية الوسطى»كنت أغادر منطقة مشتعلة وفى حالة من الفوضى.. وعدم وجود استراتيجية إقليمية متكاملة جعلنا فى حالة هياج، وأصدقاءنا فى حيرة من أمرهم»، وانتقد ماتيس أيضاً نائب الرئيس آنذاك جو بايدن، الذى قال له: «هل تعرف لماذا أنت فى القيادة المركزية؟ لأنه لم يكن أى شخص آخر غبيا بدرجة كافية لتولى الوظيفة».
2- تحدي ترامب
وتولى ماتيس منصب وزير الدفاع فى إدارة الرئيس الأمريكى الحالى دونالد ترامب، كشكل من أشكال التحدى، ورغم استقالته من إدارة الأخير إلا أنه لم يوجه له انتقادات حادة كما هو متوقع.
يتذكر الجنرال المتقاعد من مشاة البحرية الأمريكية أنه فوجئ فى نوفمبر 2016 عندما استدعاه نائب الرئيس المنتخب آنذاك، مايك بينس، وطلب منه مقابلة ترامب لمناقشة مهمة وزير الدفاع، ويصف ماتيس ذهابه إلى نادى ترامب الوطنى للجولف فى بيدمينستر، نيوجيرسى، حيث عقد اجتماعاً لطيفاً مع ترامب ولكنه لاحظ: « تصورت أن دعمى القوى لحلف الناتو ورفضى استخدام التعذيب مع السجناء سيجعل ترامب يبحث عن مرشح آخر لأنه أعرب عن تأييده للتعذيب خلال حملته الانتخابية ما يشير إلى أنه قد يأمر الجيش بخرق قانون تكتيكات الاستجواب، بما فى ذلك استخدام الإيهام بالغرق». كما اختلف ماتيس مع ترامب بشأن حلف الناتو، الذى وصفه ترامب بأنه «عفا عليه الزمن»، والصفقة النووية الإيرانية، والمفاوضات مع كوريا الشمالية، وإنشاء قوة فضائية، ولكن استقالة ماتيس المفاجئة فى ديسمبر الماضى ترجع فى المقام الأول إلى تحرك ترامب لسحب جميع القوات الأمريكية من سوريا. وكتب وزير الدفاع السابق عن استقالته: «عندما لم تعد حلولى الملموسة ومشورتى الاستراتيجية، خاصة الحفاظ على الثقة مع الحلفاء، يتردد صداها، فقد حان الوقت للاستقالة».