أبو الغيط: الحروب الداخلية في الدول العربية تضعف أمننا القومي
تقدم السيد أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية، بالتهنئة لوزير خارجية جمهورية العراق محمد علي الحكيم، على تولي العراق رئاسة أعمال الدورة 152 للمجلس الوزاري.
وقال أبو الغيط: "مُتمنياً كل التوفيق والنجاح لأعمالها.. كما أتقدم بالشكر لمعالي الأخ أحمد عيسى عوض، وزير الشئون الخارجية والتعاون الدولي لجمهورية الصومال الفيدرالية، الذي قاد أعمال الدورة المنقضية بكل اقتدار ومهنية وحكمة".
وأضاف: "إنها المرة الأولى التي يجتمع فيها مجلسنا بعد أن فقدنا زعيماً عربياً كبيراً وقامة شامخة هو الباجي قايد السبسي الذي لبى نداء ربه في يوليو الماضي.. إننا ندعو له بالرحمة وبأن يجزيه الله خير الجزاء عما قدمه لوطنه ولأمته من قيادة حكيمة واعية في وقت عاصف.
ما زال "حال الأزمة" يخيم على المنطقة العربية .. فهناك جبهات مفتوحة، وجراح لم تندمل في اليمن وسوريا وليبيا، وهناك الملايين من اللاجئين والنازحين تمثل معاناتهم اليومية، وبخاصة النساء والأطفال من بينهم، الكلفة الإنسانية الأفدح لاستمرار هذه النزاعات التي لا زالت تهدد حياة الإنسان ووحدة الأوطان".
وتابع أن استمرار حالة الاحتراب الداخلي في بعض الدول العربية هو الخطر الأول الذي يتهدد الأمن القومي العربي.. ذلك أن هذه الحروب، وكما شهدنا خلال الأعوام الماضية، تُضعف مناعة الجسد العربي.. وتستدعي تدخل الآخرين في شئوننا، وتفتح لهم الباب للتلاعب بمصائرنا عبر تقسيم البلدان إلى ميلشيات متصارعة وطوائف متناحرة .. وما من غرضٍ لهذه التدخلات غير الحميدة سوى توسيع رقعة النفوذ، وإدارة معارك بالوكالة على أراض عربية تسيل فيها دماء عربية لأهداف لا يُمكن أن تحمل خيراً للعرب.
وأردف: "لقد دخلت المعارك العسكرية التي تشهدها المناطق المحيطة بالعاصمة طرابلس شهرها السادس.. وتقديري أن مجلسكم الموقر لا ينبغي أن يكون بعيداً عن الجهود المبذولة لإخراج ليبيا من هذه الأزمة المتفاقمة.. إن المطلوب اليوم هو خفض فوري للتصعيد الميداني، والتوصل إلى وقف دائم وثابت لإطلاق النار، والعودة إلى المسار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة .. كما أنه مطلوب أيضاً، منا جميعاً.. وفي ضوء الشرخ الكبير الذي أحدثته التطورات الأخيرة في نسيج المجتمع الليبي.. أن نقف مع أشقائنا الليبيين ونعمل على استعادة جسور الثقة المفقودة بينهم .. ومطلوب ثالثاً الخروج بمقاربة شاملة لتسوية الوضع الليبي في مجمله.. وتوحيد المؤسسات المنقسمة .. واستكمال المرحلة الانتقالية باستحقاقاتها الأمنية والسياسية والدستورية".
أما في اليمن فشهدنا انقسامات جديدة تهدد وحدة التراب اليمني التي نسعى جميعاً لصيانتها .. وفي هذا الخصوص، فإننا نُرحب بتجاوب الأطراف المختلفة مع دعوة المملكة العربية السعودية للحوار ووقف المواجهات المؤسفة التي آلمنا جميعاً اندلاعها في بعض محافظات الجنوب.. إن الجامعة تتمسك بخيار السلام في اليمن.. وتدعم الشرعية الدستورية للحكومة برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي.. إن العملية السلمية التي تقودها الأمم المتحدة في الحديدة تمثل خطوة جيدة لتخفيض التصعيد العسكري وبناء الثقة.. إلا أنها لا زالت تصادف عراقيل يضعها الطرف الحوثي الذي نحمله مسئولية التدهور المطرد في الوضع الإنساني.
لقد ظهر واضحاً خلال الفترة الماضية أن الطرف الحوثي لا يملك قراره وإنما يتلقاه من دولةٍ أخرى.. إننا نكرر الدعوة لإيران بأن ترفع يدها عن الساحة اليمنية .. وأن تكف عن دعم الميلشيات بالمال والسلاح، وأن تتوقف عن تحويل الأرض اليمنية إلى منصة لتهديد أمن واستقرار الدول المجاورة.
ونقول في عبارة واضحة إن اليمن وأهله جزءٌ لا يتجزأ من الأمة العربية .. اليمن عمق استراتيجي للأمن العربي.. كان وسيظل.. وعلاقات اليمن مع جواره العربي هي الباقية .. والتدخلات الخارجية من قوى غير عربية عرض سيزول في يوم قريب .. لأن أغلبية الشعب اليمني ترفض هذه التدخلات وتتمسك بعروبتها.
لقد اتخذت التدخلات الإيرانية في الشئون العربية صورة أكثر خطورة وتهوراً في الشهور الماضية.. إذ تجاوزت إشعال الأزمات داخل الدول إلى تهديد أمن الملاحة وإمدادات الطاقة في منطقة الخليج العربي.. وقد اجتمع القادة العرب في قمة مكة في آخر مايو الماضي لإدانة كافة الاعتداءات الإيرانية على مبدأ حرية الملاحة البحرية في المياه الدولية في الخليج العربي وخليج عمان.. ومعروض أمام مجلسكم الموقر مشروع قرار في هذا الشأن الذي يهم العرب جميعاً.