ليست للتنزه فقط.. حكايات وأسرار داخل حدائق المنتزه بالإسكندرية.. "الفجر" يسردها لك
بقيمة تذكرة 25 جنيهًا يمكنك الدخول والتجول داخل حديقة المنتزه في أقصى شرق محافظة الإسكندرية، ليس فقط للتنزه داخل الحدائق والاستمتاع بهواء البحر، كونها أكبر الحدائق وأهم المقاصد السياحية داخل المحافظة، إنما ستأخذك قصورها وأحواض مياها إلى رحلة تاريخية تعود بك إلى الحقبة الملكية، عندما قرر الخديوي عباس حلمي الثاني إعادة احياء تلك المنطقة في عام 1862بعد أن كانت تمثل الحقبة البطلمية في ذلك الوقت.
الدكتور إسلام عاصم نائب رئيس جمعية التراث للفنون التقليدية بالإسكندرية يسرد ل"الفجر" أهم المناطق التاريخية التي يجب على الزوار مشاهدتها داخل حديقة المنتزه وأهم الحكايات التاريخية التي ارتبطت بتلك المناطق، مشيرًا إلى أن حديقة المنتزه هي أشبه بمتحف تاريخي يحفظ التاريخ الملكي لمصر، خاصة انها كانت المقر الصيفي لأسرة الملكية.
قصر السلاملك
يقول الدكتور إسلام عاصم إن قصر السلاملك هو أول قصر قد أمر الخديوي عباس حلمي الثاني بنائه داخل حديقة المنتزه، وذلك على غرار القصور النمساوية وسط الغابات، وقد جاء بنائه على تلك الطراز إرضاء لرغبة الخديوي وصديقته الكونتيسة"ماري تورك فون زندوا" التي أصبحت فيما بعد زوجته وعرفت بإسم جلفيدان هانم.
وقد عهد الخديوي وقتها إلى مهندس القصور الخديوية يوناني الأصل"ديمتري فابرشيوس" باشا لبناء القصر، وقد قام المهندس ببناء القصر على ربوة عام 1891م، وقد استوحى تصميمه من الطراز النمساوي السائد في القرن التاسع عشر.
ويقول الباحث أنه قد احتوى القصر في ذلك العهد على ثلاثة طوابق، قد خصص الطابق الأرضي لمكتب الخديوي، وقاعات الاستقبال، والطعام وخصص طابقين لحجرات النوم والمعيشة الخاصة بالأسرة الخديوية.
وقد أطلق على ذلك القصر اسم"السلاملك" أي مكان الاستجمام والراحة باللغة التركية، واليوم قد تحول إلى فندق 5 نجوم داخل الحديقة.
قصر الشاي
ويأتي من بين ثاني القصور التي لا يمكن للزائر أن يفوتها داخل حدائق المنتزه كما يرشحها"عاصم" هي قصر الشاي، فحكاية أرض ذلك القصر أنها أقدم أرض تاريخية أطلق عليها الأثرييون"تابو زيرز بربا"، والتي مسماها"أرض الآله"، وقد اعتقد المعمارييون في وقتها أنه قد بنى عليها معبد الآلة"أوزريس"، لكنه اندثر في القرن الرابع أو الخامس.
ويضيف أنه في وقتها قد تم الحفر داخل تلك الأرض، وقد تم اكتشاف حفريات داخل الصخر، وقد تم نشرها في عام 1926 كمقابر تعود للعصر الروماني، وقد تم اكتشاف قطعة آثرية تم تخزينها في المتحف المصري.
ولفت إلى أنه بسبب تلك المرجعية التاريخية لتلك الأرض، قد أصر الملك فاروق أن يقوم ببناء قصر الشاي الذي كان يقضي به أوقات الراحة وتناول مشروب الشاي على الطراز اليوناني الروماني، وأن الإدارة العامة لآثار الغارقة حاليًا تقوم بعملية بحث حول الجزيرة المحيطة بالقصر، وقد قاموا باكتشاف مزارع سمكية تعود للعصر الروماني.
حمامات الأمراء والمزارع السمكية
في الجهة المحيطة بقصر الشاي، يقول"عاصم" أن الزائر سوف يشاهد حمامات الأمراء الشاطئية والتي جاء بنائها بتصميم احترازي، يراعي وضع صددات، تمنع ارتفاع الأمواج، للحفاظ على الأمراء أثناء استحمامهم داخل الأحواض، وما زالت تلك البقعة الشاطئية محتفظة بتصميمها داخل حديقة المنتزه.
وفي ذات المحيط، تتواجد المزارع السمكية التي قام الملك فاروق ببنائها بجوار فيلا"حسين الشافعي" الحالية، وهو أحد كبار قيادات ثورة 1952 ورئيس محكمة الشعب.
حكاية كوبري وكشك الشاي
روى"عاصم" أن كوبري وكشك الشاي وهو ممشى طويل يتوسط البحر لديهما قصة خاصة، حيث أراد الملك فاروق أن يثير غضب والدته الملك نازلي بسبب علاقتها أحمد حسنين باشا، وقد وكل المهندس الإيطالي "بيلوتشي" ببناء تلك الممشى، بسبب كره والدته لذلك المهندس، لأنه أحد الأسباب التي أدت إلى مشاكل خاصة مع زوجها الملك فؤاد، ويشير إلى أن تصميم الكوبري هو ذات تصميم قصر المنتزه.
سجن العبيد
ومن بين أهم العلامات التاريخية داخل حديقة المنتزه، هي تواجد بئرين تحت الأرض، مزويدن بأنفاق مقسمة إلى طريقين، الأول يصل إلى منطقة المعمورة، والثانية نحو قصر المنتزه.
وأشار"عاصم" أنه تعددت الروايات حول بناء تلك البئرين وسبب تلك التسمية، فهناك قصة تقول أنها كانت مخبأ في الحرب العالمية الثانية، لتواجد بها حجرات متعددة، لكنها رواية مشكوك في صحتها، ورواية أخرى قد تكون أكثر صحة بأنها كانت مخبأ لأهالي عزب المنتزه وقت الحرب العالمية، على الرغم من بعدهم عن هجمات الحرب.
ساعة الشمس
ويتحدث "عاصم" أن أقدم قطعة داخل حدائق المنتزه هي ساعة الشمس المطلة على البحر وأنها قد تزامن تواجدها داخل حديقة المنتزه في عام 1892 عقب الانتهاء من بناء قصر السلاملك، ويشير إلى أن تلك الساعة قد تم استخدامها لتدليل على التوقيت، إلا أنها قد تعرضت للتشويه بسبب كتابات الزوار عليها، مطالبًا بإعادة ترميمها ووضعها داخل بيت زجاجي للحفاظ عليها.
فيلا السادات
وفي الجهة المقابلة عند وقوفك أمام ساعة الشمس، يمكنك مشاهدة فيلا ذات طلاء أحمر وهي ملك فيلا الرئيس الراحل محمد أنور السادات، والتي وفق حديث"عاصم" قد هجرتها أسرته عقب اغتياله في بداية الثمانينات، ولم تطالبها أسرته وظلت مغلقة حتى اليوم.
ويضيف"عاصم" أن هناك قطعة أرض تقع خلف فيلا السادات، كانت تسمى"المشرحة"، وأن العاملين داخل الحدائق، مازالوا يطلقون عليها الأسم ذاته، بسبب أنها كانت تستخدم مشفى لجرحي الحرب العالمية الأولى والثانية.
الصوبة الملكية
ومن بين أهم المباني داخل حديقة المنتزه هي الصوبة الملكية لكنها تفتح فقط لكبار الزوار، ويقول عنها"عاصم" أنه شرع الملك فؤاد عام 1934 في بنائها، وهي صوبة زراعية خاصة للعائلة الملكية تضم النباتات النادرة، ليخلفه من وراءه نجله الملك فاروق الأول في التوسع في زراعة النباتات وتجديد الصوبة عام 1945.
ويضيف أن تلك الصوبة اختارها الملكين لقضاء وقت ترفيهي ومشاهدة جمال النباتات النادرة بأوراقها المختلفة، واحتساء كوب الشاي في وقت الظهيرة، وأن منطقة قصر المنتزه ما زالت تحتفظ بالنخيلات التي تمت زراعتها والاعتناء بها، وعلى رأسها نباب البوتاس ذات الأوراق العريضة.