مي سمير تكتب: من الذى لا يكره عائلة "أردوغان" فى تركيا؟
زوج ابنته على علاقة غرامية بعارضة أزياء.. وابنته تدير منظمة مشبوهة التمويل وابنه يبيع نفط داعش
إنفاق 145 مليون دولار حكومية على مؤسسة شبابية تابعة لنجل أردوغان
أصبحت عائلة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، الأسرة التى تحوز على النسبة الأكبر من كراهية الأتراك، سواء ابنه بلال أو ابنته إسراء مروراً بزوجها بيرات البيرق، وزير المالية فى حكومة صهره، ونشرت مجلة «tagesspiegel»، الألمانية تقريراً عن هذه المشاعر السلبية.
1- ولى العهد المرتعش
كتب السياسى المعارض التركى جيهانجير إسلام، قبل أيام على تويتر: «حقا سجل من الصعب الوصول إليه ويصعب تصديقه»، فى تعليق ساخر من نتائج الاستطلاع الأخيرة حول شعبية بيرات البيرق، وزير المالية وصهر الرئيس أردوغان، والذى سجل نسبة الرضا على أداء الوزير بـ2.1 % ما يجعله الوزير الأقل شعبية فى تركيا.
ويلقى الأتراك باللوم على البيرق، 41 عاماً، فى الأزمة الاقتصادية التركية ويقال إنه صاحب قرار إعادة انتخابات إسطنبول، الذى كان بمثابة كارثة على حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، وأردوغان نفسه، ولفترة طويلة، كان بيراق بمثابة ولى عهد أردوغان، لكن صورته أصبحت مهزوزة لحد كبير، وهناك إشارات صحفية تدور حول فقدانه منصبه فى أقرب تعديل وزارى.
انتقل البيرق، الذى درس إدارة الأعمال فى الولايات المتحدة الأمريكية وعمل فى البداية لمجموعة كاليك بعد عودته إلى تركيا، إلى السياسة قبل سنوات قليلة، ولم يكن دخوله إلى البرلمان صعب، لأنه متزوج من ابنة أردوغان الكبرى، إذ تم وضعه على رأس قائمة الحزب فى الانتخابات البرلمانية فى 2015، ثم تم تعيينه وزيراً للطاقة بعد بضعة أشهر.
وقبل عام، تم إسناد حقيبة المالية إلى البيرق وبعدها تراجع الاقتصاد التركى باستمرار، ورغم أنه لا يتحمل المسئولية وحده باستثناء عدم تمكنه من تحسين الأحوال حيث ارتفع التضخم لأكثر من 25 %، وانزلق الاقتصاد إلى الركود، وانخفضت الليرة انخفاضاً حاداً مقابل اليورو والدولار منذ بداية العام الماضى.
حسب المجلة الألمانية، حاول البيرق الترويج للاقتصاد التركى، الربيع الماضى، أمام مجموعة من المستثمرين الأمريكيين، ولكن أداءه كان كارثياً، إذ إن إقالة أردوغان لرئيس البنك المركزى التركى، كانت ضربة جديدة لاستقلال السلطات النقدية، وهى مسئولية مشتركة بين البيرق وأردوغان.
ويلقب الأتراك البيرق بـ«الصهر» لأنه فى نظام أردوغان الرئاسى غالبا ما تكون الروابط العائلية أكثر أهمية من الخبرة، وهو اللقب المنتشر أيضاً بين أعضاء حزب العدالة والتنمية، وكتب أحد أعضاء الحزب على حسابه بـ«فيس بوك» أثناء الانتخابات المحلية: «إذا بقى صهر أردوغان، سأغادر».
وانزعج الناخبون المحافظون من شائعات فى منتدى «Ekşi Sözlük»، التركى الشهير بأن البيرق كان على علاقة غرامية مع عارضة الأزياء التركية أوزجى أولوسوى، وفى محاولة لمنع انتشار الشائعة، حظرت الحكومة التركية الموقع الشهير.
هذه السياسة العائلية هى مصدر غضب كبير داخل الأوساط السياسية فى تركيا، وطالب داود أوغلو، الذى انشق عن حزب العدالة والتنمية، بضرورة فصل الدولة والأسرة بشكل صارم. ولكن دور البيرق فى المشهد السياسى لا يمكن مقارنته بالدور الكبير لأبناء أردوغان فى عالم المال والتجارة.
2- الأبناء المدللون
البيرق هو زوج إسراء الابنة الكبرى لأردوغان التى ظهر اسمها على السطح كواحدة من أكثر المستفيدين من نفوذ والدها مع شقيقها بلال.
وفى السنوات الأخير أسس حزب العدالة والتنمية مجموعة من المنظمات الدينية الجديدة التى تتحكم فى تمويلها بالكامل وتديرها دائرة أردوغان المباشرة، غالباً ما تكون أعضاء فى أسرته، وتدير هذه المؤسسات ميزانيات تتجاوز مئات الملايين من الدولارات من تبرعات خارجية ويتحكم فيها بشكل مباشر أبناء أردوغان.
بدأت ظاهرة المؤسسات الدينية الجديدة فى تركيا خلال السنوات الأخيرة، ويسعى أردوغان من خلالها، حسب تحليل للمجلس الأوروبى للعلاقات الخارجية، إلى التحكم فى الشباب وضمان ولائهم لشخصه وليس لحزب العدالة والتنمية.
وبجانب هذا الهدف السياسى لهذه المؤسسات الدينية توجد فوائد مالية إذ إن هذه المؤسسات تحقق أرباحاً ضخمة لأبناء الرئيس التركى.
من الأمثلة البارزة على هذه المنظمات الدينية مؤسستى «توجفا» و«تورجيفا» لخدمة الشباب والتعليم فى تركيا، ورغم أن بلال نجل أردوغان لعب دوراً مهما فى توسيع حجم «توجفا»، إلا أن شقيقته إسراء تتولى إدارة المجلس التنفيذى لـ»تورجيفا»، ويتم تمويل جميع الأنشطة من قبل مانحين مجهولين.
ومع ذلك، من المعروف أن تورجيفا تلقت تبرعاً بقيمة 100 مليون دولار بين عامى 2008 و2012 من دول الخليج عبر بلال وقد تم نشر هذه المعلومة للمرة الأولى فى عام 2013 ضمن المعلومات المسربة فى فضيحة الفساد التى تورط فيها رجل الأعمال الإيرانى رضا ضراب، الذى أقر بأنه مذنب بتهمة غسل الأموال فى نيويورك.
كما اعترف رضا ضراب، برشوة وزراء أتراك وأبنائهم وتبييض الأموال.
ومؤخراً قام رئيس بلدية إسطنبول الجديد، كرم إمام أوغلو، بفتح تحقيق حول ما إذا كان حزب العدالة والتنمية أساء استخدام الأموال العامة خلال الانتخابات، حيث كشف تحقيق أولى عن إنفاق 145 مليون دولار على مؤسسة شباب مرتبطة بنجل أردوغان.
وتضم قصص المشروعات التى يتحكم فيها بلال كثير من التفاصيل الصادمة عن ابن الرئيس الذى تحول إلى أخطبوط يدير الدولة لمصالحه الشخصية ومصالح أصدقائه المقربين.
وعلى سبيل المثال كشف تقرير صندوق تأمين الودائع الادخارية «TMSF»، والذى أسسه أردوغان فى يوليو 2016 أن نجله نقل ملكية قطعة أرض فى منطقة أتاشهير، تبلغ قيمتها 158 مليون ليرة، إلى صديقه براك أكسوس، وشركائه دون إجراء مزايدة.
وبشكل عام يتمتع أصدقاء بلال بقدرة خاصة على الوصول إلى الأصول الحكومية، وكان بلال عين صديقه إيلكار آيجى، رئيساً لمجلس إدارة شركة الخطوط الجوية التركية، وبعدها تم الكشف عن وقائع فساد داخل الشركة فى عهده، أبرزها تحمل الشركة تكلفة حفل عيد ميلاده بقيمة 100 ألف ليرة، وتوزيع مبالغ ضخمة على أعضاء مجلس الإدارة.
وقام بلال بتعيين صديقه إبراهيم آران، مديراً لهيئة الإذاعة والتليفزيون الحكومية التركية، وقبل ذلك عضواً فى مجلس إدارة شركة الاتصالات الحكومية الوطنية «ترك تيليكوم»، كما تم الكشف عن أن أصحاب «tea hour» المطعم الوحيد فى مطار إسطنبول الجديد هم شركاء لسمية وبلال، أبناء أرودغان.
بجانب الفساد واستغلال النفوذ واتهامات التربح والمحسوبية، لايزال الشعب التركى يتذكر دور بلال فى دعم الإرهاب والتنظيمات الإرهابية، بالتجارة مع تنظيم داعش والتى كشفها تقرير لوزارة العدل الأمريكية أشار إلى أن بلال عمل وسيطًا فى بيع نفط داعش عبر تركيا، كما باعهم أسلحة.
كما صرح رئيس الوزراء الروسى ديمترى ميدفيديف، فى 25 نوفمبر 2015 بأن بعض المسئولين الأتراك لديهم مصالح مالية مباشرة فى بيع النفط مع داعش، فى إشارة لبلال الذى يملك شركات بحرية باعت بترول العراق المسروق من خلال رصيف بحرى فى لبنان بمساعدة زوج شقيقته.