يصطفَّ العديد من مُحبي كرة القدم، أمام الشركات الخاصة بالقنوات الفضائية، في صفوف مطولة، كل منهم ينتظر دوره في الحصول على الاشتراك في القناة الرياضية، لمشاهدة مباريات بطولة الأمم الإفريقية لكرة القدم (الكان 2019) التي تنظمها مصر، بينما قصد آخرون حَوانيت أجهزة الريسيفر والأطباق اللاقطة "الدش"، لتتناسب مع أحوالهم الاقتصادية "المكسب للجميع.. ظروفنا اتحسنت بعد وقف الحال.. والمواطن اتجمع مع عيلته ووفر أسعار القهاوي.. ده غير توفير الوقت على المشترك بدل الانتظار بالأسابيع".
جَالت في خاطِر كريم محمود، فكرة شراء جهاز ريسيفر استقبال قنوات "bein" الرياضية، عقب الشكاوى المتكررة من بعض أصحاب المقاهي من الشركات الشهيرة، لاسيما مع ارتفاع الاشتراك السنوي، وعدم استقرار البث، فاتجه صوب منطقة باب اللوق بمحافظة القاهرة، لتأهب للحدث الرياضي قبل بدئه بخمسة أيام، لعله ينجح في كسر حالة الركود الذي يعيشها منذ أن فتح مشروعه في مطلع يناير المنصرم "اتشعلقنا بقشة.. وربنا فرجها"، بعدما جثَم الهمُّ على صدره.
وبالرغم من ارتفاع أسعار الريسيفر مع كل مباراة تصعد فيها مصر، إلا أن صاحب الـ(40 عامًا)، حقق مكاسب مرضية بعدما روج للأجهزة عن طريق توزيع إعلانات ورقية على المارة والمحال التجارية المُحاذية له، وإعداد صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، تتضمن مواصفات وعروض للجهاز وموعد توافره "اشتريت في البداية 50 جهاز وقولت أجرب.. ومجرد ما وصلت الكل كان بيسأل عنه وبعتهم في نفس اليوم"، ما جعله يتردد طيلة أيام المباريات على الحي الشهير بوسط القاهرة.
تدب الحياة داخل المحال الذي لا تتعدى مساحته 50 مترًا، جميع العاملين منخرطًين في تشفير وتجهيز الجهاز الذي أصبح الإقبال عليه كثيفًا، لاسيما قبل مباراة المنتخب المصري وأوغندا غدًا "في البداية اشتريت الجهاز كان سعره 300 جنيه.. وبعد الماتش التاني لمصر سعره وصل 450 ثم وصل إلى 550 جنيه.. وفي اللي بيبيعوا بـ600 جملة"، لم يستغل الأب لأربع فتيات حاجة المواطنين لمشاهدة المباريات "باخد ثمن المواصلات 50 جنية وبرفع السعر 20 جنية مكسب"، يقاطعه عبدالله أحد العاملين بالمحال، ممازحًا إياه "حتى عمولة تركيب الدش زي ماهي.. ورفض يغلي السعر".
ينهمك إبراهيم محمد، في مهامه الخاصة بتشفير الـ(11 قناة) التي يميز هذا الريسيفر-بحسب ما يرى الشاب المُقبل على عامه الـ(25ربيعًا)-، عن الأجهزة التي يتم الاشتراك فيها من خلال بعض الشركات الخاصة بالقنوات الفضائية المسموح لها بالبث "الاشتراك 70 جنيه سنويًا وفي قنوات كتير مش رياضة بس.. وبيفضل على طول موجود وتكلفته على المواطن ممكن توصل إلى 700 جنيه بطبق الدش..إنما الريسيفر الآخر الاشتراك سنويًا 2000 جنية".
وهو ما اتفق معه أحد المشتركين في إحدى الشركات الفضائية، والذي وقف في طابور شبة يوميًا على مدار أسبوع للحصول على الاشتراك "أنا اشتركت beinsport عن طريق فوري لكأس الأمم الافريقية زي ما وصفولي العاملين بالشركة والإرسال مجاش لمدة أسبوع من بدء البطولة وخدمة العملاء مش بيردوا.. وفاتني المباراة الأولى والبث مشوش وبيقطع"، كلمات رددها بحسرة سليم أحمد، بعدما أهدر الكثير من الوقت في الانتظار "كان نفسي ارتاح من زحمة القهاوي". يلتقط منه أطراف الحديث طارق عمر" فضلت أكتر من يوم انتظر كود التفعيل.. وخدمة العملة مشغولة على طول .. وبضطر أجي اقف في طابور طويل".
وعضَّ صاحب المحال، الكائن بإحدى أحياء مدينة السادس من أكتوبر، على توفير الأجهزة للأهالي بناجِذه، فهم أكثر إقبالاً شرائه، وليس كما المتعارف عليه فالمقاهي رغم ازدحامها، إلا أن البيوت ازدهرت بالمباريات "احنا في إجازة الصيف ومحبين الكرة كتير.. وولي الأمر غلبان هيجيب منين كل ماتش على الأقل 200 جنيه.. ففي النهاية هو الكسبان.. كمان بعد البطولة هيعرفوا يتابعوا الأفلام.. والموضوع تكلفته بسيطة".
"الصناعة صينية.. لكن الدماغ المصرية هي الأصل"، عبارة رددها إبراهيم خلف محاورة مع أحد الزبائن عن صناعة الريسيفر، الذي يأتي دون "سوفت وير"، ليوضح الشاب أن الأجهزة جميعها بالسوق تعد واحدة، رغم اختلاف أنواعها وأشكالها وأسمائها الذي أرجع أن الفرق في تفاوت الأسعار يعود إلى الدعايا الإعلانية التي تروج لها هذه الشركات، لكنها تتوحد في "السيرفر".