لم يُحالفهم الحظ لمشاهدة افتتاح الكان في الاستاد.. حكاية 90 دقيقة بالمقاهي "حماس وصراخ وفرحة" (معايشة)
مع بدء العد التنازلي لانطلاق المباراة الافتتاحية لبطولة أمم أفريقيا 2019، التي تجمع المنتخب الوطني وزيمبابوي، لم يكن ثمة مكان لقدم داخل المقاهي الشعبية بمنطقة الهرم التابعة لمحافظة الجيزة، التي نصبت في محيطها أعلام مصر، احتفاءً بالحدث الذي تأهب له محمود، طيلة الأسبوع "مفيش وقت نضيعوا.. ده رزق وجايلنا لأن الغلابة كتير ومش كل الناس بتروح الاستاد ولا الكافيهات الغالية.. المهم نساند بلدنا والفرحة واحدة في كل مكان".
ينتقل صاحب الخامسة والثلاثين ربيعًا، بخفة بين مكتبه ومتابعة طلبات الزبائن، يتعَجّل عمر-أحد العاملين- للنهوض من المهام المخوَّلة له بإعداد المشروبات مهرولاً في تجهيز العديد من أكواب الشاي "سبع ساعات مقعدتش لحظة واحدة"، بالرغم أن عمله يبدأ في الساعة السادسة مساءً يوميًا، إلا أنه شرع في عمله عقب صلاة الجمعة "النهاردة عيد مصر"، عبارة مقتضبة يقولها الشاب الذي أوشك على دخول عقده الثالث، بنبرة فخر، مُتحمسًا للمباراة الذي توقع أن تنتهي بثلاث أهداف لمصر، لاسيما في ظل وجود اللاعب محمد صلاح، نجم المنتخب المصري المحترف في صفوف فريق ليفربول الإنجليزي.
لم تتوقف يد إبراهيم، عن تغيير حجر الشيشة، طيلة وقت المباراة، وبالرغم من حرمانه من رؤيتها وزيادة ساعات العمل المكثف في هذا اليوم، إلا أنه سعيد بتوافد الجماهير على المقهى "يوميتي بتزيد وبفرح ولادي". يتفق معه طارق، العامل بإحدى المقاهي المُحاذية- والذي يقطع مسافة طويلة من منطقة المنيب حتى الهرم يوميًا، ليصل إلى عمله-، أن استضافة مصر لبطولة كأس الأمم الإفريقية من الأحداث التي تنعش حالته الاقتصادية، لذا يستعد من قبلها بيوم "ببات في القهى علشان مضيعش وقت واتعودت على كده من أيام كأس العالم"، بعكس زميله الذي يعمل في المقهى منذ ستة أشهر ولم يحالفه الحظ حضور بعض المباريات الهامة.
دقائق قليلة وينتهي الشوط الثاني، الكل يترصد هدف آخر لمصر، الأطفال يلهون، أنفاس الدخان تتصاعد، أما الحاج محمد، لم يتوقف لسانه "يلا كمان جون"، يقولها من حين لآخر، ويعود لحالة الصمت الذي لزمته على مدار ما يقرب من 90 دقيقة "كنت متوقع مصر" تكسب (5 صفر).. علشان أبو صلاح موجود"، متكئن على حفيدته، الذي حرص على تعليمها حب الرياضة ومتابعة المباريات منذ الصغر "متزعليش إن شاء الله الماتشات الجاية نكسب أكتر.. وأهو فرحنا ومروحناش مكسورين الخاطر".