إخوان اليمن والحوثي.. وجهان لعملة إيرانية واحدة
تثير ذراع جماعة الإخوان الإرهابية في اليمن
المتمثلة بحزب التجمع للإصلاح، الكثير من علامات الاستفهام حول انتماءاته في الحرب
الدائرة منذ عامين، فتارة يعلن تأييده للقوات الشرعية المدعومة من التحالف العربي بقيادة
السعودية، وتارة أخرى "يفتح صفحة جديدة" مع الحوثيين.
فخلال عامين من الحرب الدائرة باليمن بين
الشرعية وانقلاب الحوثي، لعبت جماعة الإخوان على الذاكرة القصيرة للناس؛ حيث تلونت
أكثر من مرة سعيا فقط لمصالحها الخاصة، دون الالتفات لمطالب الشعب اليمني أو آلاف الضحايا
الذين يعانون القتل والتجويع والتعذيب والخطف على يد مليشيات الحوثي وصالح.
ورغم ادعاء الإخوان أنهم يقاتلون إلى جانب
المقاومة الشعبية المؤيدة للشرعية، كشفت مصادر بالجيش اليمني، أمس السبت، العثور على
جثث لمقاتلين بحزب الإصلاح قتلوا أثناء القتال في صفوف الحوثيين.
وعثرت القوات الشرعية على جثث مقاتلين بحوزتهم
هويات حزب الإصلاح اليمني التابع للإخوان، في منطقة البقع بمحافظة صعدة -معقل الحوثيين-
وذلك بعد تحريرها بأيام قليلة.
لكن ما وجدته قوات الجيش اليمني لم يقدم
جديدا فيما يخص انتماءات الإخوان، إلا أنه كشف ما كان يخفيه قيادات الإصلاح منذ إعلانهم
"دعم" المملكة العربية السعودية على رأس التحالف العربي في يناير/كانون الثاني
2015، بالتدخل لدعم الشرعية اليمنية.
ويعود تاريخ تحالف الإخوان وصالح إلى التسعينيات؛
عندما أنشأوا حزب الإصلاح برعاية العلاقات المشتركة مع الرئيس المخلوع، قبل أن تهتز
تلك العلاقة الوطيدة تحت ضغط الولايات المتحدة عقب تفجيرات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
وطارد صالح أعضاء حزب الإصلاح وأنهى سيطرتهم
على المدارس الدينية، وقام بترحيل الإرهابيين الذين على علاقة بهم، ليترك جماعة الإخوان
على جانب المعارضة في اليمن.
ومع انضمام الإخوان لمعارضة صالح، جاءت
عاصفة الربيع العربي كفرصة ذهبية لهم، فانتظروا للتأكد من قوة الحراك الشعبي وأنه سيطيح
بصالح، حتى انقضوا على الثورة اليمنية وادعوا أنهم مفجروها.
وخرج صالح من الحكم بفعل المبادرة الخليجية،
لينقض الإخوان على السلطة باليمن وتقلدوا مناصب في وزارات سيادية، كما جندوا الآلاف
في أركان الدولة لترسيخ قاعدتهم في البلاد ولفرض أنفسهم بالقوة على الأرض.
ورغم قوتهم العسكرية والسياسية في ذلك الوقت،
إلا أنهم لم يحركوا ساكنا عندما بدأ الانقلاب الحوثي في البلاد، مهتمين فقط بمصالحهم
الشخصية دون النظر مجددا إلى مصلحة الشعب اليمني.
لكن موقفهم الصامت لم يعفهم من اجتياح مليشيات
الحوثيين، فخسروا معركة محافظة عمران القريبة من صنعاء في يوليو 2014، وتوعدوا وقتها
الحوثيين بمعارك هائلة، متحدثين عن 40 ألف مسلح تابع لهم.
وتبين أنهم قرروا صب غضبهم على الرئيس اليمني
عبدربه منصور هادي بدلا من الحوثيين، فاتهموه بأنه سبب خسارتهم لعمران، بل أعلنوا أنهم
لن يقاتلوا بالنيابة عن الرئيس المنتخب، ليختفوا من الساحات مجددا، قبل أن يفاجأ اليمنيون
بسقوط مدنهم في يد الانقلابيين القادمين من مران دون أي قتال.
وبعد تراجع آخر للإخوان من أجل التريث لاختيار
الأفضل لمصالحهم، سيطرت مليشيات الحوثي على العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014، ليبدو
أنهم أصبحوا في طليعة الأحداث باليمن، وهي إشارة إلى اتجاه الإخوان إليهم.
وبالفعل أعلن الإخوان في 27 نوفمبر/تشرين
الثاني، عن "فتح صفحة جديدة وطي صفحة الماضي" مع الحوثيين، في أول تحالف
علني بين الطرفين بعد حرب لسنوات كانت على أساس طائفي.
وجاء ذلك بعد زيارة مسؤولين حزب الإصلاح
على رأسهم زيد الشامي رئيس الكتلة البرلمانية، وسعيد شمسان المتحدث باسم الحزب، إلى
صعدة للقاء زعيم الحوثيين في معقله بصعدة، لتعلن وسائل إعلام إخوانية آنذاك طي صفحة
الماضي وبناء الثقة والتعاون.
وبعيد انقلاب مجموعات من القوات الخاصة
والحرس الجمهوري بالجيش اليمني، في يناير/كانون الثاني 2015، وإعلانهم لمساندة الرئيس
المخلوع، وتحالفهم مع مليشيات الحوثي في الزحف إلى جنوب اليمن، أعلن الإخوان تحالفهم
مع علي عبدالله صالح على لسان زيد الشامي.
ووقف الإخوان في موقف المحايد من الحرب
بعد اجتياح الحوثيين لمدينة عدن (جنوب) في مارس/آذار 2015، قبل أن تعلن السعودية على
رأس التحالف العربي ضد الحوثيين، دعم الشرعية في اليمن.
وادعى الإخوان آنذاك في بيانين متتاليين
آخرهما كان في أبريل/نيسان من العام ذاته، دعمهم لعاصفة الحزم والتحالف العربي، كما
زعموا القتال إلى جانب المقاومة الشعبية في بعض الجبهات.
وطوال عام 2015 والنصف الأول من 2016، لم
يظهر للإخوان دور حقيقي في الحرب اليمنية، حتى قال محمد عبدالسلام المتحدث باسم وفد
الحوثي في مفاوضات الكويت التي جرت العام الماضي، إن الحوثيين تحالفوا مع الإخوان والسلفيين
(المتمثلين في جبهة حاشد) لردع الشرعية والتحالف العربي.
وإضافة إلى ذلك جاء الكشف الأخير للجيش اليمني، بالعثور على جثث بهويات انتساب إلى حزب الإصلاح اليمني التابع للإخوان، في واقعة وصفتها مصادر رفيعة بالقوات الشرعية بـ"الفضيحة" لذراع الإخوان في اليمن.