تورط قطر وتركيا في عرقلة تسليم متهم بتفجيرات مانشستر
رغم الطلبات المتكررة من الحكومة البريطانية
بتسليم الليبي هاشم رمضان عابدي المتهم بتنفيذ تفجيرات مانشستر عام 2017، إلا أن حكومة
فايز السراح، المدعومة من نظام قطر وتركيا، والتي تتحفظ عليه تؤجل تسليمه في كل مرة،
متذرعة بحالة التوتر التي تشهدها العاصمة طرابلس، وفقا لقطر يلكيس.
وفي تقرير أعده الصحافي البريطاني كون كوغلين،
تساءل عن أسباب استمرار هاشم أحد المشتبه بهما الرئيسيين في تفجيرات مانشستر أرينا
محتجزا في ليبيا؟ حيث يتواجد في أحد السجون التي تسيطر عليها جماعات إسلامية متطرفة
مدعومة من نظام قطر.
وذكز كوغلين أنه منذ بداية التحقيقات البريطانية،
تركز الاهتمام على علاقات سلمان عابدي، الانتحاري الإرهابي الذي قتل 22 شخصاً في حفل
المغنية أريانا غراندي في مايو (أيار) 2017، بإسلامويين متطرفين موجودين في ليبيا،
وتدعم حكومة قطر وأيضا النظام في تركيا.
وفي مايو 2017 نفذت عملية إرهابية في قاعة
"مانشستر أرينا"، خلال حفلة موسيقية للمغنية الأمريكية المشهورة، أريانا
غراندي، حيث أودى الهجوم بحياة 22 شخصا وإصابة 59 آخرين بجروح متفاوتة، من بينهم
12 طفلا على الأقل.
وأعلن تنظيم داعش المصنف إرهابيا على المستوى
الدولي، مسؤوليته عن الهجوم، فيما أعلنت الشرطة البريطانية لاحقا تورط الشقيقان سلمان
وهاشم رمضان العابدين في الحادث، حيث ألقي القبض على سلمان في لندن، بينما بقي هاشم
في ليبيا، قبل أن تعتقله حكومة فايز السراج، وتتعهد من حين لآخر بتسليمه إلى السلطات
البريطانية.
وبغض النظر عن التطمينات المستمرة من وزراء
حكومة الإخوان، بمن فيها رئيسها فايز السراج حول تسليم هاشم للسلطات البريطانية، يبقى
الإرهابي المشتبه به في طرابلس تحت حماية وزير داخلية حكومة الوفاق الوطني، التي تتحرك
وفق قرارات قطرية وتركية.
ويحرص المحققون البريطانيون تحديدا على
استجواب شقيق الإرهابي هاشم عابدي، بعدما اكتشفوا أن الشقيقين سافرا إلى ليبيا قبل
وقت قصير من الهجوم، لكن سلمان عاد إلى بريطانيا مباشرةً قبل الاعتداء بينما بقي هاشم
في ليبيا.
وسُلط الضوء على أهمية هاشم بالنسبة إلى
التحقيقات البريطانية في وقت مبكر، بعدما أصدرت السلطات في مانشستر مذكرة توقيف ضده
وتقدمت بطلب رسمي إلى ليبيا لتسلمه، ولكن هاشم محتجز يبقى محتجزا تحت رقابة حكومة الوفاق
الوطني.
وتسببت المراوغة المستمرة من أذناب الحمدين
في طرابلس في إحباط هائل للسلطات البريطانية وتذمر مسؤول بارز من تعرضهم للخداع من
الليبيين، حيث من المحتمل أن يتأجل التسليم أكثر.
واحد من أحدث أعذار حكومة الوفاق لتأجيل
تسليم هاشم، هو تصاعد التوترات عقب العملية العسكرية التي شنها المشير خليفة حفتر للسيطرة
على العاصمة الليبية.
وتحصل المجموعات الإسلاموية المتطرفة على
دعم قوى خارجية مثل قطر، التي تريد أن ترى ليبيا خاضعة لنظام إسلاموي شبيه بالحكومة
الإخوانية التي سيطرت على السلطة لفترة وجيزة في مصر وأدت إلى نتائج كارثية.
كما أن هناك متطفل أجنبي آخر، وهو تركيا
التي تدعم بقوة المؤيدين الإسلامويين لحكومة الوفاق عبر تسليحهم، ومن بين هذه الأسلحة
عشرات العربات من طراز بي أم سي كيبري المدرعة والمصنعة في تركيا، والتي صُورت مصطفة
على رصيف ميناء طرابلس، قبل أيام، في ظل إنكار من الجانبين التركي وحكومة السراج.
اتهام الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بمساعدة
هذه المجموعات الإسلاموية، يتطابق مع اشتراكها مع القطريين في الترويج للإسلام السياسي
المتطرف، حيث تملك أجندات سياسية شبيهة بأجندات الإخوان، والتي تؤيد أعمال العنف والتفجيرات
في الدول الغربية.
محاولات أذناب الحمدين في ليبيا عرقلة تسليم
الإرهابي المطلوب للحكومة البريطاني، يثير الشكوك حول دور قطري على صلة بالعملية الإرهابية،
التي استهدفت الحفل الغنائي في مدينة مانشستر، حاصة أن هاشم تحتجزه قوات الردع الخاصة،
وهي ميليشيا على صلة وثيقة ببلحاج الذي يتمتع بنفوذ إسلامي مسلح يعد من بين الأبرز
في ليبيا بفضل الدعم الذي يتلقاه من قطر.
وتعد قوة الردع أكبر ميليشيات طرابلس وأكثرها
نفوذها، ويقودها الجهادي عبدالرؤوف كارة، ويعد محمود حمزة اسما بارزا في القوة أيضا،
وتتخذ من قاعدة معيتيقة مقرا رئيسيا لها.
وتتبع قوة الردع الخاصة وزارة الداخلية
التابعة لحكومة الوفاق الوطني، وتأتمر بأوامرها، وتسيطر على مساحة صغيرة في شمال شرق
طرابلس، لكن نطاق عملياتها ونفوذها يتسع إلى طرابلس بأكلمها، وسبق وأن تحدثت الأمم
المتحدة عن عمليات تعذيب واحتجاز قسري وتنفيذ إعدامات خارج إطار القانون في السجون
التي تديرها قوات الردع.
كما يعد رمضان عابدي، والد الشقيقين، هو
عضو سابق في الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، التي شاركت في الإطاحة بالديكتاتور الليبي السابق معمر القذافي
واستبدال حكومته بحكم إسلاموي، حيث يعتنق فكر السلفية الجهادية.
والجماعة الليبية المقاتلة هي تنظيم مسلح
يحمل فكر السلفية الجهادية، أنشأه مجموعة من الشباب الليبيين الذين عادوا إلى ليبيا،
بعد أن شاركوا في الحرب الأفغانية السوفيتية، وقام بعدة عمليات إرهابية في مواقع مدنية
وأمنية بليبيا في تسعينات القرن العشرين بهدف "إسقاط نظام العقيد معمر القذافي"،
إلا أن القوات المسلحة الليبية وأجهزة الأمن قضت عليهم، واعتقلت مجموعة كبيرة منهم.
وواصل رمضان، مثل ولديه، الاحتفاظ بروابط
مع مجموعات إسلاموية بعد حل جماعته رسميا، ويبدو بشكل متزايد أنّه من أجل منع بروز
تفاصيل عن دور هذه المجموعات في تفجيرات مانشستر، يصمم القادة الإسلامويون على تفادي
تسليم هاشم إلى بريطانيا مهما كان الثمن.
ويرى مراقبون أن أي تصعيد في العنف يعني
احتمالا أقل لتسليم هاشم عابدي إلى بريطانيا، وهو وضع يناسب محتجزيه الإسلامويين. أحد
الأسباب التي تدفع المحققين للقول بتردد السلطات الليبية في التعاون معهم هو المعلومات
التي قد يوفرها هاشم عن تورطه وتورط أخيه في المجموعات الإرهابية داخل ليبيا.
وبعدما أشعل تميم العار الحرب الأهلية في
ليبيا، سعى مؤخرا للتستر على دليل جديد يدين تورطه في هجوم مانشستر، حيث تعمد عبر أذنابه
في طرابلس عرقلة التحقيقات بشأن تفجيرات مانشستر، مستخدما حكومة السراج الإخوانية لإخفاء
المتهم الرئيسي.
ويبدو أن وجود هاشم عبادي في إحدى السجون
التي تسيطر عليها ميليشيات السراج، هو مجرد حماية قطرية ليبية للإرهابي بعد تنفيذ جريمته،
خاصة أنه في حال تهريبه إلى أي دولة أخرى سيفتضح أمره، ليقرر أذناب تميم استخدام أسلوب
المماطلة مع الحكومة البريطانية.
وفي تصريحات متكررة، أكد المتحدث باسم قوات المشير خليفة حفتر، أحمد المسماري، أن الدوحة تدعم الإرهاب، مطالبا قطر بإنهاء تدخلها في ليبيا، ووقف تمويل الجماعات والميليشيات الإرهابية بالمال والسلاح.