السكرتير العام غائب و"الواتساب" بديلًا للاجتماعات.. العشوائية سيد الموقف بنقابة الصحفيين
أصبحت نقابة الصحفيين أكثر المشاهد ازدحامًا بالألم، عندما تبدأ في الصعود على درجاتها التي ظلت طوال حياتها منبرًا للنضال، ترى شيئًا من القسوة، وتشعر بأنك غريبٌ عن هذا المكان، الذي لم تعتده بهذا الشكل، تقف للحظة على عتبات أبوابها، تراها مُظلمة وحزينة، غيَم عليها الألم، وزادها ظُلمًا أنها غير قادرة على النطق والصراخ، وحتى أبنائها الذين دفعت في الحفاظ عليهم جزءًا من حياتها، أصبحوا غافلين عن النظر إلى ما تشعر به.
كانت نقابة الصحفيين دائمًا مصدرًا للدفء لنا، والآن هنا داخل أروقتها، أصبح كل شئ باردًا وشاحبًا، لا روح فيه ولا لون، تتقدم بخطواتك الأولى داخل أحضانها، فترى مشهدًا أغرب مما يمكن أن تتوقعه، وتحزن بعد أن تجدها تحولت إلى جزء من سوق شعبي، تتراص في بهوها -المناضل- زجاجات الزيت والزيتون، فتشرد بنظرك بعيدًا، فترى السوق تتنوع بضائعه من ملابس للكبار والصغار وحقائب وجلود.
فتتعجب.. كيف لنقابة الصحفيين التي ظلت طوال 80 عامًا مصدرًا للطاقة، أن تصبح بهذا العجز، غير قادرة على توفير شئ لك، سوى بعض مستلزمات الأسواق، وتراها أنهكها المرض، وبدأ الإهمال يأكل جنباتها.
60 يومًا بدون مجلس نقابة
اليوم يمر شهران على انعقاد انتخابات التجديد النصفي للنقابة، والتي كانت مشهدًا من القوة والحماس، بعد أن شارك بها ما يزيد عن 4 آلاف صحفي، وارتفعت أحلام أعضاء الجمعية العمومية إلى السماء، حاملة حلول الأزمات، واليوم تسقط أرضًا، حتى تهشمت وانهارت.
ففشل مجلس النقابة المُنتخب في تشكيل هيئة المكتب واللجان، وأصبح العبث داخل النقابة سيد الموقف، في غياب السكرتير العام وأغلب الأعضاء، وبدأ مسلسل الأزمات مجرى النهر، بدءًا بإهانة الزملاء الصحفيين في كل حدب وصوب، وانتهاءً بتعطل مصالحهم.
ولم تشهد نقابة الصحفيين طوال تاريخها، تأخرًا لتشكيل هيئة المكتب بهذا الشكل، بالمخالفة للمادة الثالثة من اللائحة الداخلية، التي يُصر المجلس على مخالفتها حتى اليوم.
غياب السكرتير العام
استمرارًا للمشهد القاتم، الذي يأتي على رأسه غياب السكرتير العام، كجزء من اختفاء تشكيل هيئة المكتب، أصبحت العشوائية جزءًا من الجهاز الإداري داخل النقابة، حتى رأى الصحفيون في بادئ الأمر مخاطباتها ممهورة باسم المدير الإداري، في غياب لتوقيعات النقيب أو الأعضاء.
وبدأ المدير الإداري للنقابة سعيد حسني، في التعامل مع المبنى كسكرتير عام، تطوعًا منه، لحين تشكيل هيئة المكتب، وسط غياب الأعضاء، يعطي الأوامر للموظفين دون رقيب، على الرغم من إيقافه عن العمل أكثر من مرة طوال سنوات عمله داخل أروقة صاحبة الجلالة، إلا أنه رأى في نفسه سكرتير عام للنقابة قادر على تحمل المسؤولية كاملة دون أن يحاسبه أحد.
وعند استياء أعضاء الجمعية العمومية من ذلك، خرج النقيب ضياء رشوان، قائلًا: "النقيب عليه أن يخاطب كبار المسؤولين السياسيين والتنفيذيين ممن يليق بممثل صحفيي مصر أن يخاطبهم، بينما يتكفل مدير عام النقابة بمخاطبة نظرائه من مسؤولين بخصوص جهود أمنية أو تنفيذية قاموا بها لتسهيل عمل النقابة، وهو تأكيد لهيبة موقعه المُنتخب".
ولم ينته الأمر عند هذا الحد، بل فوجئ الصحفيون ذات صباح، بورقة علقها المدير الإداري للنقابة على أبوابها، بعد أن اتخذ قرارًا بمنع الزملاء المتدربين من غير النقابيين من الدخول، ومطالبًا الزملاء بإبراز الكارنيه الخاص بالعضوية عند الدخول، مما أثار استياء أعضاء الجمعية العمومية، وفي غياب لأعضاء مجلس النقابة وعلى رأسهم النقيب.
استمرار للعشوائية
وفي استمرار لحالة العشوائية داخل الجهاز الإداري للنقابة، قام الموظفون القائمون على استخراج كارنيهات العضوية للزملاء الصحفيين، بتجديدها للراغبين، بتوقيع النقيب السابق عبدالمحسن سلامة والسكرتير السابق حاتم زكريا، وذلك بعد نحو شهر من انعقاد الانتخابات، دون اتخاذ أية قرارات من المجلس أو النقيب بذلك، ودون وجود أية رقابة عليهم.
الواتسآب بديلًا عن اجتماع المجلس الدوري
وأصبح جروب "الواتسآب" بين النقيب والأعضاء بديلًا عن اجتماع المجلس الدوري، والذي يجب أن ينعقد مرة كل شهر على الأقل، وفقًا للائحة الداخلية، يتشاور فيه الأعضاء بخصوص الأزمات واتخاذ القرارات.
النقيب ينفذ قرارًا للمجلس بعد 41 يومًا
ولم يختلف المشهد هنا ولو قليلًا، فقرر النقيب أمس فقط، تنفيذ أحد قرارات المجلس التي اتخذها خلال اجتماعه الوحيد يوم 4 إبريل الماضي، بالطعن على لائحة الجزاءات التي أصدرها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لدى القضاء الإداري، وجاء تحرك النقيب بعد 41 يومًا من اتخاذ المجلس لقرار الطعن على اللائحة.