أقدم "مائدة رحمن" غرب الأقصر.. بدأت عام 1984 وأقيمت أثناء عزاء صاحبها كما تنبأ (صور)
"إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث "صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"، هكذا علمنا النبي صلي الله عليه وسلم في حديثه، لينتفع المؤمن بالصدقة التي قام بها حتى بعد وفاته
وفي مدينة القرنة يتكرر مشهد سنويًا قبل آذان المغرب بلحظات خلال شهر رمضان، بوقوف مجموعة على شارع "مصر - أسوان" الزراعي، لاستيقاف السيارات المارة ودعوة ركباها للإفطار، بأقدم مائدة رمضانية بغرب الأقصر.
ويعود تاريخ هذه المائدة إلى 1984، والتي أقامها الحاج " أحمد عباس"، أحد أهالي مدينة القرنة، أمام متجر يمتلكه، لإفطار الصائمين المارة في الشارع، والمحتاجين من الأهالي، حيث على حرص مواصلة هذا الأمر حتى وافته المنية، وأوصى باستمرارها بعد وفاته.
وقال علي أحمد، نجل صاحب أقدم مائدة رحمن غرب الأقصر، إن وصاية والده بمواصلة المائدة، كانت تتكرر دائمًا على لسانه في أيامه الأخيرة، ذاكرًا أنه كان يقسم عليه بإقامتها حتى إن مات وكان عزائه في يوافق هذه الأيام المباركة.
ومن المعروف أن العزاء في محافظات الصعيد يستمر لمدة 3 أيام وأكثر من ذلك، لاستقبال أهالي المتوفي المعزين على مدار الأيام الأولى والتي قد تصل إلى 7 أيام، مما يجعلهم لا يستطيعون قضاء أعمالهم خلال هذه الفترة.
وفي عام 2002، حرص "الحاج أحمد"، على شراء لوازم المائدة قبيل شهر رمضان، حيث هل الشهر الكريم، ليقوم بتجهيز مائدة اليوم الأول في منزله كالمعتاد بين أسرته، ويذهب بالوجبات إلى موقع المائدة بالشارع، حيث تناول مع الصائمين الذين تم استيقافهم ودعوتهم، وعاد بعدها إلى المنزل لتتحقق نبوءته، بوفاته فجر اليوم الثاني من شهر المغفرة.
وأوضح نجله لـ"الفجر"، أنه رغم أحزانهم وإقامة واجب العزاء الذي يستمر لمدة أيام كالمتعارف عليه في الصعيد، تم تنفيذ وصية الأب، بمواصلة إقامة مائدة الرحمن بعد وفاته بيومين، وحتى الآن كما كان يفعل.
وأشار إلى أنه رغم وجود العديد من المطاعم التي تعد وجبات الافطار في الوقت الحالي، والتي تكلف مجهودًا أقل، إلا أن الأسرة تحرص على إعدادها في المنزل كما كان يفعل ربها، مؤكدًا أنها عادة حسنة يعلموا أبنائهم الحفاظ عليها لاستمراها مستقبلًا وعدم توقفها حتى تقوم الساعة.