كلمة المحكمة قبل النطق بالحكم على "مالك" وأعوانه بـ"الإضرار بالاقتصاد"
أسدلت اليوم الثلاثاء، محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بمجمع محاكم طره، الستار على محاكمة حسن مالك وآخرين في اتهامهم بالإضرار الاقتصاد القومي وتمويل الإرهاب، حيث قضت بحُكمها الرادع بمعاقبة بمعاقبة "مالك" ونجله حمزة وخمسة آخرين بالسجن المؤبد، وعاقبت ثلاث متهمين بالسجن المشدد عشر سنوات، وبرأت 14 آخرين.
واستهلت المحكمة نطق الحكم بتلاوة آيات قرآنية: "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ، أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ، وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ ۗ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَٰكِن لَّا يَعْلَمُونَ" صدق الله العظيم.
وقال منطوق الحكم: "إن الأمة تصاب أحيانا من فئة من فئات فسدت ضمائرها، فئات تغلغل الشر في نفوسها وقيل حياؤها، وانعدم الخير فيها، لا تبالي بأي ضرر يلحقون بالوطن، لا تهتم بمصالح الأمة ولا تقيم لأمنها واستقرارها أي وزن، فئات تسعى لنشر الفوضى في المجتمع، الذي يجب أن يكون يقظا حذرًا، منتبهًا لكل مجرم يريد للأمة شرا محسوبا على الوطن، انشقت على الإجماع، وانحرفت عن جادة الصواب، واختارت الوقوف مع الأعداء، في خندق التأمر على الوطن والمواطن.
جماعة تأسست على غير سند من القانون عام 1928 على يد من يدعى حسن عبد الرحمن سعدى وشهرته "حسن البنا" ، أطلقت على نفسها جماعة الاخوان المسلمين ، تهدف في حقيقتها الى السيطرة على أكبر عدد من الدول الإسلامية وعلى رأسها مصر ، والاستيلاء على الحكم فيها عن طريق هدم أنظمتها وتعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والحريات والحقوق العامة والاضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى وقد لجأت هذه الجماعة على مر تاريخها الى استخدام القوة والعنف والتهديد والترويع والاعتداء على الامنين للحصول على مبتغاهم فهم دائما في خصومة مع وطنهم يبحثون عن موقع ينصبون أنفسهم من خلاله كرموز وطنية ، يروجون ضلالات ودعايات ، ينخدع بها الكثيرين ، دون ما تبصر في عواقب الأمور ومالاتها ، يدمرون البلاد ويمزقون الامة ويضيعون المجتمع.
وتابعت بأنهم ليسوا أصحاب قضايا فكرية يدافعون عنها ، أو مبادى عقائدية يتمسكون بها بل هم يسعون من خلال دعواتهم الباطلة الى تسيس الدين واتخاذ مطية لتحقيق مكاسب سياسية لزيادة نفوذهم الطائفى وقبله وبعده مصالحهم الشخصية المشبوهة فيستغلون كل الوسائل لتحريف الواقع وتزيف الحقائق واثارة الفتن بين المواطنين ليحرضوا على التمرد والإرهاب والخروج على الدولة فغاية امانيهم الاستيلاء على الحكم ولو بهدم الوطن ونسف استقراره واحراقه وقد شهد بذلك أفكارهم وواقعهم وتاريخهم، هذه أخلاقهم وقيمهم ، خدعهم الحلم على طيشهم فتمادوا في غيهم وباطلهم.
وظلوا على هذا النهج حتى تمكنوا عن طريق مؤامرتهم من الوصول الى حكم مصر في عام 2012 ، وتولى محمد مرسى العياط القيادى بالجماعة حكم مصر ، الا ان الشعب المصرى سرعان ما ثار في وجه تلك الجماعة ، نتيجة حدوث أزمات عديدة ترجع الى سوء إدارة الحكم في البلاد وتم عزل محمد مرسى من الحكم في 3 يوليو 2013 ولان عزل الرئيس الاخوانى جاء على خلاف رغبه جماعة الاخوان وحمل في فحواه معنى الهزيمة وكسر الشوكة فقد كان له بالغ الأثر في احتقان النفوس فثارت ثائرتهم وتملكتهم الرغبة في محاولة اجهاض عزل رئيسهم وحثوا انصارهم على التجمهر في الطرقات وافصحوا عن وجههم الحقيقى كدعاه للعنف والتخريب لاظهار هيبة جماعتهم وقوتها ولبث الرعب في نفوس العامة وارهابهم في محاولة لاجهاض ثورة الشعب وإعادة رئيس الجمهورية المنتمى لجماعتهم الى الحكم ، الا ان الدولة تصدت لهم واتخذت الإجراءات اللازمة لحماية البلاد من ارهابهم.
ونظرا لانهم مبدعون في تأجيج الصراع وتخبيب الافراد على وطنهم ويتفننون في المغالطات وركوب موجة التزلف والتضليل وتشوية صورة الوطن من خلال بذر الشبهات التي تجذب البسطاء من الناس روجوا ضلالات ودعايات تدمر البلاد وتمزق الامة ونشر الفوضى.
ومن هذا المنطلق قامت قيادات الجماعة بوضع مخطط لاثارة الفوضى والاضرار بالاقتصاد القومى للبلاد بغرض اسقاط نظام الحكم القائم بها يعتمد على القيام بافعال غير مشروعة كالاستمرار في التجمهر والتظاهر وقطع الطرق والمواصلات العامة وقام المتهمان حسن مالك "المتهم الأول" وعبد الرحمن سعودى "المتهم الثانى" باعتبارهما قياديين بتلك الجماعة الإرهابية يتوليان مسئولية اللجنة الاقتصادية المركزية التابعة لمكتب الارشاد العام للجماعة بالعمل على ترويج الضالالات والدعايات ونشر الشائعات التي ممن شأنها شيوع اليأس والإحباط بين صفوف المواطنين وخلق مناخ التشاؤم حول المستشقبل الاقتصادى للبلاد وحاز أوراق هذا المخطط المتهمون حسن مالك "الأول" وكرم عبد الوهاب"الثالث" وفارس سيد "الرابع" وفاتن أحمد إسماعيل "الحادية عشر" "وتم ضبطها لديهم وتضمنت عناوين خطة تغير الراى العام نحو الجماعة استراتيجية عمل التنظيم خلال الثلاثة اشهر للجان العمليات النوعية بالقطاعات الجغرافية بالإضافة الى أوراق بعنوان "كيفية بث روح التفاؤل لدى أعضاء التنظيم " وكيفية تصعيد العمل الثورى ومستوى الحراك بالمكاتب الإدارية للجماعة وواجبات للافراد في التصعيد الثورى "اقتصادى" ونماذج لبعض الرسائل والموضوعات الإعلامية ورسائل ينشرونها بين المواطنين لخلق ما اسموه " مناخ من التشاؤم حول المستقبل الاقتصادى للبلاد " وذلك بغرض المساهمة في خلق حالة من الركود الاقتصادى عن طريق نشر شائعات واخبار محبطه واستمرار الجهر بالشكوى بالمواصلات العامة والخاصة عن سوء الأوضاع الاقتصادية بلزمات معينة مع نشر اشاعات غير صحيحه من شانها اثارة غضب المواطنين.
وأضاف منطوق الحُكم بأنه انضم لهذه الجماعة كل من المتهمين كرم عبد الوهاب عبد العال عبد الجليل (الثالث)، وفارس سيد محمد عبد الجواد (الرابع)، وفاتن أحمد إسماعيل علي (الحادية عشر)، وأحمد أبو زيد أحمد أبو زيد (الرابع عشر)، ومدحت محمد حسن (السادس عشر)، وناجي فرج عبد الصمد فرج (السابع عشر)، وأشرف محمد محمد (التاسع عشر)، وحمزة حسن عز الدين مالك (الرابع والعشرين)، مع علمهم بأغراضها بوسائلها الإرهابية في تحقيقها، وتلاقت إرادتهم نحو الأغراض غير المشروعة التي تتوخى هذه الجماعة الإرهابية ارتكابها، وتداولت الأوراق التنظيمية التي تحوي مخطط الجماعة بين هؤلاء المتهمين مما يدل على اتجاه ارادتهم إلى الانخراط في عضوية هذا التنظيم، وأنهم من بين من أوكلت لهم الجماعة القيام بمهمة تنفيذ المخطط لهدم الاقتصاد المصري.
وتابعت الكلمة :"إن من حق أوطاننا أن نكون بتحقيق مصالحها سُعاة، ولدرء المفاسد عنها دُعاة، ولأمنها ورخائها و استقرارها حُماة، ولوحدة شرائحها وأطيافها رُعاة".
وأضافت بالقول إن المحكمة قامت بدورها في البحث عن الحقيقة، من خلال محاكمة منصفة، تحققت فيها كافة ضمانات الحقوق والحريات، في إطار الشرعية الإجرائية التي تعتمد على أن الأصل في المتهم البراءة، فاستمعت إلى جميع شهود الإثبات الذين تقدمت بهم النيابة العامة، واستدعت من رأت لزومًا لسماع شهادته للإحاطة بالدعوى عن بصر وبصيرة، واستمعت إلى دفاع المتهمين، وأتاحت لهم كل الفرص الممكنة، لتقديم دفاعهم شفاهة و كتابة، ليطمئن وجدانها إلى أنها أعطت كل ذي حق حقه.
وتابعت بأنه وبعد جلسات بلغ عددها ستًا وعشرين جلسة، حققت المحكمة خلالها كل قواعد العدالة والمحاكمة القانونية المنصفة، دون إخلال أو التفات عن حق أحد، وعكفت على دراسة جميع أوراق الدعزى دون كلل أو ملل وصولًا للحقيقة حتى استقر في يقين المحكمة عن جزم ويقين، لا يخالجه شك أو عوار، يقينًا ثابتًا لا مرية فيه، كافيًا لإدانة من رأت إدانته، بعد أن اطمأنت إلى شهادة شهود الإثبات، التي عززتها تحريات الشرطة، ويرتاح وجدانها إلى الأخذ بالاسباب سندًا للإدانة وتعتبر أن اقتنعها بأدلة الإثبات المار بيانها رفضًا نها لما أثاره دفاع المتهمين من اعتبارات وأوجه دفاع موضوعية قصد بها التشكيك في تلك الأدلة، لحمل المحكمة على عدم الأخذ بها، ولا تعول المحكمة على إنكار المتهمين أمامها بحسبان أن تلك وسيلتهم في الدفاع لدرء الاتهام بُغية الإفلات من العقاب.
وذكرت المحكمة في بداية تلاوتها للحكم بأنه وبعد الإطلاع على القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ، وقرار رئيس الجمهورية رقم 510 لسنة 2017 بشأن إعلان حالة الطوارئ، وقرار رئيس الجمهورية رقم 647 لسنة 2017، بشأن مد حالة الطوارئ، وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 840 لسنة 2017 بتعيين أعضاء محاكم أمن الدولة، وبعد الاطلاع على المواد 304 و 313 و 1/384 من قانون الإجراءات الجمنائية، والمواد 86 و 86 مكرر و 86 مكرر أ من قانون العقوبات، والمواد 1 و 3 و 12 على 1 و 2، 37 بتد 8، و 39 من القانون رقم 94 لسنة 2015 بشأن إصدار قانون الإرهاب، والمواد 17 و 28 و 32 عقوبات.
وحكمت المحكمة حضوريًا للأول ومن الثالث حتى الثالث عشر، والخامس عشر، والثامن عشر، ومن العشرين حتى الثالث والعشرين، وغيابيًا للباقين: بمعاقبة كل من: حسن عز الدين يوسف هلال مالك، وعبد الرحمن محمد محمد مصطفى سعودي، وأحمد أبو زيد أحمد أبو زيد، ومدحت محمد حسن محمد، وناجي فرج عبد الصمد، وأشرف محمد محمد عبد الناصر، وحمزة حسن عز الدين مالك، بالسجن المؤبد.
ومعاقبة كل من: كرم عبد الوهاب عبد العال عبد الجليل، وفارس سيد محمد عبد الجواد، وفاتن أحمد إسماعيل علي بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات.
مع مصادرة الأوراق المضبوطة بحوزة المحكوم عليهم والهاتف المحمول المضبوط بحوزة المحكوم عليه الأول "حسن مالك" وألزمت المحكوم عليهم بالمصاريف الجنائية، وإلزام المحكوم عليهم بالاشتراك في دورات إعادة التأهيل، وإدراج المحكوم عليهم والكيان الذي يتبعونه "جماعة الإخوان" في القوائم المنصوص عليها في القانون رقم 8 لسنة 2015، مع وضع المحكوم عليهم تحت مراقبة الشرطة لمدة 5 سنوات بعد انقضاء العقوبة المقضي بها.
كما قضت المحكمة ببراءة كل من: شهاب الدين علاء الدين علي أبو العلا، عمر علاء الدين علي أبو العلا، أحمد ميزار عبد الوهاب عبد العال، محمد علي أمين أحمد، محمد إبراهيم محمود صالح، عبد التواب السيد الجبيلي، نجدت يحيى أحمد بسيوني، أشرف محمد أحمد أبو زيد، محمد ميزار عبد الوهاب عبد العال، علي عبد العظيم كمال ميزار، كمال يونس محمد النوحي، خالد إسماعيل أحمد السيد، عطوة سليمان سلامة إبراهيم، حسن سليمان سلامة إبراهيم.
صدر الحكم برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي وعضوية المستشارين عصام أبو العلا والدكتور عادل السيوي وحسن السايس وبسكرتارية حمدي الشناوي وأسامة شاكر.
وكانت نيابة أمن الدولة العليا بإشراف المستشار خالد ضياء الدين المحامي العام الأول للنيابة، قد قامت بضبط حسن مالك، وأجرت تفتيشا لمسكنه، فعثرت على مطبوعات تنظيمية تضمنت خطط جماعة الإخوان الإرهابية للإضرار بالاقتصاد القومي عن طريق خلق طلب مستمر على الدولار الأمريكي لخفض قيمة الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية، والقيام بعمليات إرهابية تستهدف رجال القوات المسلحة والشرطة وقطاع السياحة، خاصة الوفود الروسية والأوروبية.