د. بهاء حلمي يكتب: مواجهة الإعلام المضاد.. واجب وطني

يحتل الإعلام مكانة كبيرة فى حياتنا اليومية والعملية وله تأثير كبير وفعال فى مخاطبة عقول الناس، وهو متعدد الوسائل والنوافذ التى يطل علينا من خلالها، فلم يًعد الإعلام مجرد صحيفة أو تلفاز أو مذياع فقط وإنما تجاوز تلك الوسائل وتعدى الواقع والفكر بفعل تكنولوجيا الاتصالات ليصل إلى السوشيال ميديا والمواقع الإلكترونية وغيرها من المنصات الجديدة التى تتميز بأنها أكثر سرعة وانتشارا على مستوى العالم دون أى حواجز أو موانع، مما خلق بيئة خصبة ومساحة كبيرة لنشر كل الأخبار والمعلومات والشائعات والادعاءات والحملات الإعلامية الموجهة - وهو أمر واقع ليس بجديد – ولكنه قد لا يتأتى لبعض وسائل الإعلام الوطنية التعاطى معه بعد.

تواجه مصر حربا إعلامية شرسة مغرضة هدفها محاولة إثارة الفتنة وإحداث بلبلة فى أوساط الرأى العام من خلال العديد من الفضائيات والمنصات الإلكترونية وغيرها لبث الشائعات والأكاذيب.

إن ما تسمى بحروب الجيل الرابع تقوم على استخدام الإعلام والشائعات لاختراق وإضعاف المجتمعات وإحداث البلبلة والتحريض لتكوين رأى عام فى اتجاه مناهض لسياسات ومؤسسات الدولة وإنجازاتها، وهو ما يحاول الإعلام المضاد التعويل عليه.

إن أخطر ما نواجهه حاليا هو حملات الإعلام المضاد الممول من قطر وتركيا والدول الراعية للإرهاب والتى تحتضن قيادات جماعة الإخوان المحظورة مثل بريطانيا التى تأوى زعماء ومراكز التطرف، وما تبثه الأبواق الإعلامية المستأجرة للتضليل والكذب والتحريض مثل الـ(BBC) التى تسعى من خلال سياستها وبرامجها إلى التحريض وزعزعة استقرار الوطن والنيل من النجاحات الوطنية على صعيد الإصلاح الاقتصادى والسياسى والاهتمام بسلامة الإنسان المصرى وبنيانه والتطلع لتحقيق التنمية المستدامة، واستقلال القرار الوطنى.

إن مواجهة الإعلام المضاد لمصر واجب وطنى والتزام الكافة بمراعاته مسئولية وطنية طبقا لأحكام الدستور إضافة إلى أنه لا يقل أهمية عن مكافحة الإرهاب لما ينطوى عليه من آثار وانعكاسات سلبية على المجتمع والأمن القومى، وهو الأمر الذى دعا الولايات المتحدة الأمريكية إبان حكم أوباما إلى رصد ميزانية خاصة لإنشاء وحدة تتبع البنتاجون والخارجية الأمريكية تعمل على رصد وتحليل ومواجهة الدعاية الإعلامية المضادة، وبعدها أنشأت الحكومة البريطانية وحدة عمليات خاصة لمواجهة الإعلام المضاد والعمل على منع نشر الأخبار الزائفة ضدها وتحقيق أهدافها على المستويين الداخلى والدولى.

صحيح أن هناك جهودا كبيرة من أجهزة المعلومات والجهات الحكومية والوزارات المختلفة فى مواجهة فيضان الشائعات فى ضوء تربص وسائل الإعلام المعادية الغارقة فى أموالها القذرة التى تدفع لها، إضافة إلى دور الهيئة العامة للاستعلامات فى مواجهة منصات الإعلام المضاد.

إلا أنه يبدو أن المستقبل سيكشف عن المزيد من الحملات الإعلامية المضادة بالتزامن مع إنجاز المرحلة الأصعب فى الإصلاح الاقتصادى وحالة الاستقرار الناتجة عن التماسك والترابط بين جموع وفئات الشعب المختلفة، واستعادة مصر لدورها الإقليمى والدولى.

ومن ثم فلا مناص من الاستفادة من التجارب السابقة فى إنشاء وتدعيم أجهزة ووحدات المعلومات الخاصة بمزيد من الموارد البشرية والمادية لمواجهة أعباء رصد وتحليل الإعلام المضاد مع تقدير حجمه وقوته وتأثيره محليا وخارجيا لمواجهته بفاعلية وكفاءة وذلك بجانب الجهود المبذولة من أكاديمية ناصر العسكرية والمعاهد الأمنية المختصة وخبرائها فى التوعية وعقد الندوات بكافة ربوع الوطن للتعريف والتوعية بماهية وأهمية الأمن القومى والتحصين ضد الشائعات، حفظ الله مصر وشعبها.