مسائل فقهية| أبرز تساؤلات المواطنين حول فضائل شهر رجب.. ووعظ قنا تجيب
قال الشيخ أحمد عبدالجواد، واعظ مجمع البحوث الإسلامية، وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، ومسئول تطوير منطقة وعظ قنا، في تصريحات لـ"الفجر"، إن هناك العديد من الأسئلة والاستفسارات التي تتلقاها منطقة الوعظ، حول المسائل الفقهية المتعلقة بشهر رجب.
يشير عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، إلى أن من بين أهم المسائل الفقهية هي فضائل شهر رجب، ميزة هذا الشهر عن باقي الشهور، وكثرة الصيام وغيرها من المسائل التي ينبغي على المسلم معرفتها.
س: هل وردت بعض الفضائل في شهر رجب؟
ج: الحمد لله.. والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله.. وبعد:
فقد اشتهر على كثير من الألسنة فضائل ومناقب لهذا الشهر الكريم أكثرها غير صحيح، وصحيحها غير صريح، وكثرت حاجة الناس إلى معرفة الخطأ من الصواب، والتمييز بين الحق والباطل، وبيان ما هو سنة صحيحة، وما هو غير ذلك.
فنقول مستعينين بالله: إن شهر رجب هو من الأشهر الفاضلة أذ هو من الأشهر الحرم قال الله تعالى ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ..).
والأشهر الحرم هي ذو القعدة، وذو الحجّة، ومحرّم، ورجب، كما ورد في الصّحيحين من حديث أبي بكرة رضي الله عنه، عن النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" إنَّ الزمانَ قد استدار كهيئتِه يومَ خلق اللهُ السّمواتِ والأرضَ، السّنةُ اثنا عشرَ شهرًا، منها أربعةٌ حُرُمٌ، ثلاثةٌ مُتوالياتٌ ذو القعدةِ، وذو الحجّةِ، والمحرّمِ، ورجبُ مضرَ الذي بين جمادى وشعبانَ ".
وقد ذكر بعض المفسّرين أنّ هذه الأشهر سمّيت حُرمًا لزيادة حرمتها، ولتحريم القتال فيها. الا أن يكون القتال ردًا لهجوم عدو أو أن القتال بدأ قبلها واستمر فيها كما فعل النبي مع الطائف.
س: بعض الناس يرى أنه لا ميزة أو فضيلة في شهر رجب عن غيره من الشهور ؟
ج: قلنا أن شهر رجب هو من الأشهر الحرم وهذا وحده يكفيه، غير أن هناك ثلة كبيرة من الاحاديث الواردة في فضله وإن كانت ضعيفة فهذا لا يمنع من التزود بالعمل الصالح في هذا الشهر المعظم، ولا يمنع أيضًا من العمل بما ورد من الضعيف في هذا الباب؛ عملًا بما عليه جماهير الأمة من التسامح في العمل بالضعيف في باب الفضائل، بشرط ألَّا يشتد ضعفه، وأن يندرج تحت أصلٍ معمول به، وألا يعتقد الفاعل ثبوته، وذلك كما هو مُقَرَّر ومُفَصَّل في موضعه في كتب مصطلح الحديث، وهو ما يتفق مع الأحاديث الضعيفة الواردة في هذا الباب.
س: هل ينبغي للمسلم أن يكثر من الصيام والعبادة في هذا الشهر الفضيل ؟
ج: من المعروف أن الصيام وغيره من العبادات هي من فضائل الأعمال، لذا يجوز للمسلم أن يستزيد من الطاعات في شهر رجب لعموم فضل الأشهر الحرم والتعبد فيها.
وفي الأشهر الحرم ومنها شهر رجب نفحات وأنوار أمرنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن نتعرض لها بالطاعات، فقال صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله: "إن لربكم في أيام دهركم نفحات، ألا فتعرضوا لها".. والتعرض لنفحات الله في شهر رجب علينا أن ننشغل بالطاعات من صيام وقيام وذكر لله سبحانه وتعالى، وأن نعمر أوقاتنا بالأعمال الصالحة.
س: هل تكلم العلماء حول الاحاديث الواردة في فضائل شهر جب ؟
ج: علماء الحديث لم يغفلوا عن هذه الاحاديث فتعاملوا معها بالتصحيح والتضعيف والتنقيح حتى أن الحافظ ابن حجر العسقلاني قد قسَّمها في "تبيين العجب بما ورد في فضل رجب" إلى ضعيفة وموضوعة، فكان الضعيف أحد عشر حديثًا؛ منها حديث: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ نَهْرًا يُقَالُ لَهُ: رَجَبٌ، أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، مَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ يَوْمًا سَقَاهُ اللهُ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ» رواه البيهقي في "فضائل الأوقات"، وحديث: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ، وَبَلِّغْنَا رَمَضَانَ "
وكان الموضوعُ واحدًا وعشرين حديثًا.. والعمل بالحديث الضعيف جائز بشروطه المذكورة آنفًا.
وعليه فالعمل في رجب والإكثار من العبادة فيه أمر محمود يثاب عليه فاعله فهو من الاوقات الفاضلة ومن الأشهر الحرم التي فضلها الله علي باقي الايام الشهور حيث قال تعالي في أخر الآية( فلا تظلموا فيهنّ أنفسكم ).