بعد الدعوة لعمل عربي يتصدى لتدخلاتها.. الأدوار التخريبية لإيران في المنطقة
طالبت دولة الإمارات العربية المتحدة، بضرورة تنظيم عمل عربي مشترك يتصدى للتدخلات الإقليمية المستمرة في القضايا العربية وفي شؤون المنطقة، خاصة من قبل إيران، التي تتدخل في شؤون العديد من الدول العربية منها سوريا والعراق واليمن ولبنان، تارة بالميليشيات وتارة أخرى من خلال شخصيات سياسية بارزة وأحزاب وأموال وموالين لها.
إيران تدخل في المنطقة من خلال أدوات عديدة
وقال الدكتور أنور بن محمد قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، في كلمته خلال أعمال الدورة العادية الـ١٥١ لمجلس جامعة الدول العربية، الأربعاء، بالقاهرة، على مستوى وزراء الخارجية، أن "وتيرة التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية مستمرة، عن طريق أدوات عديدة ومساحات وملفات تتحرك فيها، والملف اليمني هو أحد أبرز الأمثلة".
وأكد مجدداً أهمية إعادة الدور العربي النشط في الأزمة السورية لمواجهة استمرار التدخلات الإقليمية غير العربية فيها، والتي تقوض الجهود الدولية لحل الأزمة السورية وتفك معاناة هذا البلد وشعبه الشقيق وتهدد سيادة الأراضي السورية ووحدتها.
الهدف الإيراني من التدخل في اليمن
وتحظى اليمن بأهمية كبرى من واقع موقعها الاستراتيجي المطل على مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط بالمحيط الهندي، ما جعلها مطمع لبعض الدول التوسعية في المنطقة وتحديدا إيران، ما دفع الأخيرة تسعى لإحداث تواجد لها من خلال توطيد علاقاتها بمليشيات الحوثي لتحقيق أهداف تخدم الأجندة الإيرانية في المقام الأول وكذلك تطلعات الحوثيين نحو مستقبل يهدف إلى الهيمنة على البلاد.
قد يكون التواجد الإيراني أصبح أكثر وضوحا بعد قيام ميليشيا الحوثيين بقتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح وسيطرتهم علي العاصمة صنعاء، وهذا ما يطرح التساؤل حول أبعاد الدور الإيراني على الساحة اليمنية وأهدافه مستقبلا بعد مقتل الرئيس علي عبد الله صالح.
التدخل الإيراني في العراق
ولإيران النفوذ الأكبر على قوى سياسية شيعية كثيرة في العراق، وأن ذلك النفوذ يمتد ليشمل بعض القوى السنيّة والكردية، وذلك النفوذ قد تعلقه بوقائع قائمة على الأرض، يفاخر بها الإيرانيون وأتباعهم ولا يخشون من إعلانها والنفوذ في أي مكان، يستند غالباً إلى مجموعة أدوات وأذرع محلية عاملة في الداخل البلاد.
لكن الملاحظ أن القوى المناوئة للنفوذ الإيراني في العراق يطيب لها الحديث فقط، عن جماعات مسلحة صنعتها إيران باعتبارها الأداة الوحيدة التي تعمل بها ويتمحور حولها نفوذها، في مقابل تجاهلها، بسبب ضعف الدراية، أو نتيجة عدم أخذ الموضوع على محمل الجد، التأثير الخطير والحاسم الذي تمارسه عشرات، وربما مئات، القنوات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية والمحطات الإذاعية ومراكز الدراسات الوهمية الممولة إيرانياً، فضلاً عن «جيوش» إلكترونية تطارد الناشطين الذين يوجهون انتقادات علنية عبر مواقع التواصل المختلفة إلى السياسات الإيرانية.
الدور الإيراني في لبنان وأهمية حزب الله
وبدأت ايران بالإنفاق على حزب الله وتدريبه وتجهيزه عسكريا على طراز الحرس الثوري منذ العام 1982 أي بعد نجاح الثورة بثلاثة أعوام ليكون ذراعا عسكريا لها على الأراضي اللبنانية، ومع الإعلان عن انتهاء الحرب الأهلية في لبنان في العام 1990 أدركت ايران أهمية مشاركة حزبها في المجتمع السياسي والمدني اللبناني وأن لا يبقى مجرد تنظيم عسكري.
وبالفعل شارك الحزب في أول انتخابات برلمانية لبنانية بعد الحرب واستطاع الحصول على 11 مقعدا ليدخل الساحة السياسية اللبنانية ويبدأ بعدها بوضع العلم اللبناني الى جانب علمه في مناسباته.
واستعانت إيران بالنظام السوري حليفها القديم والمتواجد في لبنان بقوة ليكون حلقة وصل أساسية لها مع حزب الله وأصبحت معظم الأسلحة التي ترسلها طهران إلى الحزب تشحن عن طريق سوريا.
الوجود الإيراني في سوريا
ومنذ بدايات عام 2012، مثّلت الأزمة السورية فرصة للجانب الإيراني لنشر وتعميق نفوذه في الساحة السورية، مدفوعًا بأهمية سوريا الاستراتيجية؛ لدورها في ضمان تواصل ممره البري من طهران لبيروت، والوصول للمياه الدافئة على شواطئ البحر المتوسط.
وبينما كانت موازين القوى مائلة لصالح قوى المعارضة السورية المسلحة، وكاد معها "نظام الأسد" أن يسقط، وتخسر معه الميليشيات المدعومة إيرانيًّا، تدخلت روسيا عسكريًّا في الأزمة بشكل مباشر، في 30 سبتمبر/أيلول 2015، وهو ما انعكس بدوره على موازين القوى، حيث استدارت لصالح "نظام الأسد" والميليشيات الحليفة له.
وتعمق النفوذ الإيراني في سوريا من خلال إرسال مئات المستشارين العسكريين من الحرس الثوري؛ للمشاركة في تقديم الاستشارات ووضع الخطط، إلى جانب الإشراف على عشرات المجموعات الشيعية المسلحة قيادةً وتدريبًا وتسليحًا. كما تتحدث بعض التقديرات عن وجود نحو 2000 مستشار وأكثر من 9 آلاف مقاتل في مجموعتي "فاطميون" المشكلة من شيعة أفغانستان، و"زينبيون" المشكّلة من شيعة باكستان، إلى جانب 7 آلاف مقاتل من "حزب الله" اللبناني، وأعداد غير معروفة من مجموعات شيعية عراقية تنتمي إلى "الحشد الشعبي"، منها "النجباء" و"حزب الله العراقي" و"لواء أبو الفضل العباس" و"عصائب أهل الحق".
إيران و"حزب الله" وتفشي الإرهاب أخطار تهدد الشرق الأوسط
وانتهى مؤتمر وارسو لـ"تشجيع الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط"، المنعقد الشهر الماضي، ببيان ختامي شددت فيه الدولتان الراعيتان، الولايات المتحدة وبولندا،على ضرورة أن يؤسس هذا المؤتمر للاستقرار في الشرق الأوسط.
ودعا وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى التعاون للتوصل إلى اتفاقية عالمية حول تهديدات إيران، مشيراً إلى أن "التحديات لن تبقى في الشرق الأوسط، بل ستتجه إلى أوروبا والغرب"، في حين قال وزير خارجية بولندا ياتسيك تشابوتوفيتش: إن "تدخلات إيران في سوريا تؤثر سلباً في المنطقة".
وقال بومبيو: إن مؤتمر وارسو يؤسس لمعالجة الأزمات، مؤكدا ان إيران و"حزب الله" وتفشي الإرهاب أخطار تهدد الشرق الأوسط، مضيفاً "سنواصل عملنا من أجل السلام في الشرق الأوسط...نريد عقوبات أكثر وضغوطاً أكثر؛ لأن هذا سيمنع الديكتاتوريين في إيران من التمادي".
وأوضح، أنه من الصعب التحدث عن المشكلات في المنطقة من دون الإشارة إلى إيران قبل أن يشير إلى ضرورة التعاون للتوصل إلى اتفاقية عالمية حول تهديدات إيران، وتابع "واشنطن كانت محقة في فرض مزيد من العقوبات على إيران.
وشاركت في مؤتمر وارسو قرابة 60 دولة، لكن مستوى الحضور الأوروبي كان متدنياً، وشدد مسؤولون أمريكيون على أهمية وجود أطراف مختلفة من الشرق الأوسط، بما فيها دول عربية وإسرائيل، ترى في تصرفات إيران خطرًا على المنطقة.