في ذكرى رحيل بطرس غالي.. كيف واجه حكيم الدبلوماسية إسرائيل؟
وصف بالرجل العنيد، وأطلق عليه ثعلب الدبلوماسية المصرية، بعد تاريخ طويل في العمل الدبلوماسي، أهله ليكون أول مصري وعربي يتقلد منصب الأمين العام للأمم المتحدة، حيث استمر في منصبه خمسة أعوام، إنه الدكتور بطرس بطرس غالي، والذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم.
عرف
بسياسته المحنكة، فهو سادس أمينًا عامًا للأمم المتحدة في يناير 1992، حين تولي مهامه
لفترة خمس سنوات، كما دعي في أول جلسة لمجلس الأمن تعقد في تاريخه على مستوى رؤساء
الدول والحكومات إلى إعداد تحليل وتوصيات بشأن طرائق تعزيز قدرة الأمم المتحدة في ميادين
الدبلوماسية الوقائية وصنع السلم وحفظ السلم، في فترة سادت فيها صراعات في رواندا والصومال
وأنغولا ويوغوسلافيا السابقة، فيما لم تمتد رئاسته لفترة ثانية بسبب استخدام الولايات
المتحدة لحق الفيتو بعد انتقادها له.
وحمل مشوار بطرس غالي الفكري العديد من الأطروحات السياسية، كان أبرزها
الولايات المتحدة العربية، وهي فكرة طرحها الراحل، إبان وجوده في الوزارة في فترة حكم
السادات، وقت الوحدة بين مصر وليبيا، حيث كان من أبرز ما عرض، وإنشاء عاصمة عربية تتوسط
مصر وليبيا، ونشرت مجلة الهلال المصرية تفاصيل الأطروحة في أوائل السبعينيات من القرن
الماضي، وتزامنا مع ذكرى رحيله، نستعرض كيف تأمرت أمريكا على السياسي المصري المحنك،
فيما يلي.
اتفاقية
كامب ديفيد
لعب
"غالي" دورًا فاعلا في الاتفاق المبرم بين مصر وإسرائيل، في اتفاقية كامب
ديفيد للسلام التي وقعت في عام 1979، وكان برفقة الرئيس السادات في زيارته الشهيرة
للكنيست الإسرائيلي، حيث كان يتولي منصب وزير الخارجية، الذي استمر فيه حتي عام
1991.
في
عام 1993، تولى بيل كلينتون الرئاسة في الولايات المتحدة، وساءت علاقة "غالي"
بالنظام الأمريكي أكثر، وخاصة مع ممثلة واشنطن في الأمم المتحدة وقتها "مادلين
أولبريت"، ويذكر "غالي" في مذكراته أنه كان هناك صدام دائم بين الأمم
المتحدة وأمريكا.
معارضة
أمريكا
تجرأ
"غالي" على معارضة أمريكا في الأمم المتحدة، مما دفعها لرفض التجديد له لفترة
ولاية جديدة في المنظمة الدولية، واضطرت أمريكا حينها إلى طرح اسم "كوفي أنان"،
كبديل أفريقى لغالي.
موجهات
مع إسرائيل
و شهدت
مسيرة عمل بطرس غالي في الأمم المتحدة مواجهات مع إسرائيل أيضًا، كان أهمها قضية
"مجزرة قانا"، التي أسفرت عن مصرع أكثر من 100 شخص في لبنان بسبب قصف إسرائيلي،
وقام الجنرال المستشار العسكري الهولندي في الأمم المتحدة بإجراء تحقيق رسمي في موقع المجزرة.
ورفع
المسؤول الأممي تقريره بتاريخ 1 مايو 1996 إلى الأمين العام للأمم المتحدة وقتها، بطرس
غالي، وجاء فيه "استحالة أن يكون قصف القاعدة التابعة لليونيفيل في "قانا"
نتيجة خطأ تقني أو إجرائي فادح، كما ادعى مسؤولون في الجيش الإسرائيلي"، و
"كانت هناك أدلة مهمة على انفجار قذائف مدفعية، مزودة بصواعق تفجير عند الاقتراب
من الهدف، فوق المجمع مباشرة، وتغطيتها لجزء كبير من مساحته". وأشار في تقريره
إلى احتمال أن يكون مسؤولو الجيش الإسرائيلي ممن هم في مركز من مستويات القيادة، متورطين
بإصدار الأوامر بقصف القاعدة التي كانوا يعلمون أنها تأوي المئات من المدنيين العزل.
غضب
أمريكا وإسرائيل
لم
يلق التقرير الأممي ترحيبا من إسرائيل والولايات المتحدة، وقالت إسرائيل إن التقرير
مضلل ومنحاز، وقال الرئيس الأمريكي، بيل كلينتون، إن ما حدث خطأ من تلك التي تحدث في
الحروب، لكن الجمعية العامة للأمم المتحدة وجهت في 25 أبريل 1996، ضربة قوية للرئيس
كلينتون، وقالت إن إسرائيل انتهكت القوانين الدولية المتعلقة بحماية المدنيين خلال
الحرب.
أسباب
عدم التجديد
وكان
الموقف السابق من أهم الأسباب التي جعلت بطرس غالي لا يترشح لفترة ولاية ثانية، وبعدها
بأيام، تم اختيار كوفي أنان، أمينا عاما للأمم المتحدة، وكان هذا الموقف معاقبه لـ"غالي"
من قبل أمريكا على عدائه لإسرائيل، واعتراضه على الهجمات التي وجهتها إسرائيل للبنان
وقتها.
وبعد
أعوام من النشاط رحل "غالي"، في مثل هذا اليوم، في السادس عشر من فبراير،
تاركا خلفه تاريخا طويلا من الإنجازات، بعد