منال لاشين تكتب: هزيمة الحكومة أمام الدولار فى الموازنة الجديدة
بدون الاهتمام بملف الصناعة لن يستطيع الجنيه مواجهة الدولار
على الرغم من انخفاض الدولار فى السوق وعلى الرغم من الآثار الإيجابية لهذا الانخفاض، على الرغم من هذا وذاك فإن الحكومة قد أقرت بهزيمتها أمام الدولار فى الموازنة الجديدة. كانت وزارة المالية قد احتسبت سعر الدولار فى الموازنة الحالية بـ17.25 جنيه، ولكن فى مشروع الموازنة الجديد قيمت الدولار بـ18 جنيها. وهذا الارتفاع له آثاره السلبية سواء على الموازنة نفسها والأهم على المواطن وعلى الأسعار. هذه الهزيمة سببها حكومى بحت وتتحمل الحكومة أسبابها بينما سندفع نحن ثمنها.
1- أزمة اقتصادية
قد يتصور البعض أن زيادة سعر الدولار فى الموازنة الجديدة بـ75 قرشا لم يؤثر كثيرا فى اقتصاد مصر. ولكن بحسب وزارة المالية فإن ارتفاع سعر الدولار جنيه يكلف الموازنة العامة 5 مليارات جنيه، فالموازنة ستتحمل 5 مليارات جنيه نتيجة احتساب الدولار بـ18 جنيها وبزيادة 75 قرشا.
ولكن المشكلة ليست فى الحسابات المالية أو الورقية أو فى ادعاء وزارة المالية إنها تتخذ جانب الحيطة باحتساب الدولار بـ18 جنيها. ولكن القضية التى يجب التوقف عندها أو بالأحرى الأزمة هى الجانب الاقتصادى من الأزمة. لأن تراجع سعر الدولار مقابل الجنيه قضية اقتصادية وليست مالية، فالجنيه مجرد عملة تعكس أو تلخص وضع الاقتصادى المصرى فى مواجهة الاقتصاديات الأخرى وبالتالى العملات الأخرى. وحتى الآن لم يستطع الاقتصاد المصرى أن يخرج من كبوته وأن نصل إلى درجة الشفاء من أمراض الاقتصاد المزمنة منها أو الطارئة. لانزال اقتصادا يقوم على الانتعاش العقارى وهو انتعاش جيد ولكنه مؤقت بطبعه، وفضلا عن ذلك فإن اقتصادا ينتج سلعة ذات طبيعة خاصة جدا وهو العقار. ولا يزال الاقتصاد الصناعى يتعثر فى أزماته سواء أزمة الإغلاق الجزئى والكلى للآلاف من المصانع من ناحية أو ضعف الاستثمارات الجديدة أو التوسعات من ناحية أخرى. ولذلك لا يزال الاقتصاد المصرى يعانى من نقاط ضعف عديدة ومن ثم لا يمكن أن نتوقع أن ينخفض الدولار بقفزات، وما حدث هو العكس فالحكومة أو وزارة المالية لديها توقعات بأن مسيرة الدولار فى العام المالى الجديد فى زيادة وليست نقصانا. ولاشك أن غياب التقدم فى ملف الصناعة هو أحد الأسباب الرئيسية فى ضعف الاقتصاد وبالتالى انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار ومعظم العملات الأخرى. فقد مر على وزارة الصناعة ثلاثة وزراء من تم إقرار خطة الإصلاح الاقتصادى ولم نجد تطورات أو خطوات جادة لإقالة المصانع المتعثرة من عثرتها أو حلا للمشكلة التاريخية المزمنة لصناعة الغزل والنسيج.
ولم تستطع وزارة الصناعة عبر أكثر من وزير والمؤسسات العاملة فى مجال تشجيع المشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة أن تحقق تقدما مؤثرا ورقما حاسما فى المعادلة الاقتصادية. وفشلت الحكومة فى تنفيذ الخطة الطموحة المحترمة للمجلس التنسيقى بين البنك المركزى والحكومة. وهى خطة استبدال المنتجات المستوردة بأخرى محلية من خلال تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى مجالات الإحلال مثل المسامير أو مواد الطلاء أو المفاصل أو الأبواب وغيرها. وضخ المركزى مليارات من الجنيهات للمبادرة. ولكن الحكومة لم تضع خطة محكمة بالمنتجات التى يجب إحلالها لمنحها الاهتمام والتسهيلات اللازمة للانطلاق.
2- أزمة تصريحات
بعيدا عن أزمة الملف الصناعى وعدم التوازن فى الاقتصاد المصرى. فإن هناك أزمة تخوف وتحوط بين المستثمرين بسبب تصريحات رسمية من هنا أو هناك. على سبيل المثال وليس الحصر فإن وزير المالية محمد معيط كل أسبوعين ثلاثة يثير المخاوف من تصريحاته عن ربط بين التهرب الضربيى وسرية وحصانة الحسابات المصرفية. وهذه التصريحات لا تزال تسبب قلقا رغم النفى القاطع لمحافظ البنك المركزى طارق عامر. مشكلة التصريحات تطال أيضا بعض المحافظين فيما يختص بالأراضى الصناعية، ولاتزال هناك تصريحات متضاربة بين بعض الوزراء حول اختصاص الأراضى الصناعية. وهذه التصريحات تؤثر سلبا على انطلاق الاستثمار وجذب المستثمرين. ولذلك أتمنى من رئيس الحكومة أن يخصص بعضا من وقته للتنسيق بين الوزارات أو بالأحرى الوزراء. فالمواطن لم ولن يتحمل مزيدا من الأخطاء فى إدارة الاقتصاد لأنها تعنى على بلاطة زيادة الدولار وزيادة اشتعال الأسعار.
ارحمونا بقى..