تفسير الشعراوي للآية 149 من سورة الأعراف
تفسير الشعراوي للآية 149 من سورة الأعراف
{وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ(149)}
هذا يوضح لنا أن عبادة العجل بين قوم موسى صار لها جمهور. لكن الناس الذين امتلكوا قدراً من البصيرة، أو بقية إيمان قالوا: هذه الحكاية سخيفة، وما كان لنا أن نفعلها وندموا على ما كان، ويقال: سُقِط في يده، وهذه من الدلالات الطبيعية الفطرية التي لا تختلف فيها أمة عن أمة، بل هي في كل الأجناس، وفي كل لغة تشير إلى أن الإِنسان إذا ما فعل فعلا وحدث له عكس ما يفعل يعض على الأنامل ندماً وغمًّا، وهذه من الدلالات الفطرية الباقية لنا من الالتقاء الطبعي في المخاطبات، في كل الأجناس. ويعض الإِنسان الأنامل لأنه عمل شيئاً ما كان يصح أن يعمله، فإذا كان الشيء عظيماً فهو لا يكتفي بالأنملة بل يمسك يده كلها ويعضها. والحق يقول: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظالم على يَدَيْهِ}.
و(سُقط في أيديهم) أي جاءت أنيابهم على أيديهم، كأن الندم بلغ أشده، إن ذلك حدث من التائبين الذين أبصروا بعيونهم ورأوا أن ذلك باطل وخسران. أي قالوا: لئن لم يتداركنا الله برحمته ومغفرته لنكونن من الهالكين، وهذا اعتراف منهم بذنبهم والتجاء إلى الله عز وجل.
ويقول الحق بعد ذلك: {وَلَمَّا رَجَعَ موسى...}.
لمحة من حياة الشيخ محمد متولي الشعراوي:
ويعتبر الشيخ محمد متولي الشعراوي عالم دين ووزير أوقاف مصري سابق. يعد من أشهر مفسري معاني القرآن الكريم في العصر الحديث؛ حيث عمل على تفسير القرآن الكريم بطرق مبسطة وعامية مما جعله يستطيع الوصول لشريحة أكبر من المسلمين في جميع أنحاء العالم العربي، لقبه البعض بإمام الدعاة.
حيث ولد محمد متولي الشعراوي في 15 أبريل عام 1911م بقرية دقادوس مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بمصر، وحفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره. في عام 1922م التحق بمعهد الزقازيق الابتدائي الأزهري، وأظهر نبوغاً منذ الصغر في حفظه للشعر والمأثور من القول والحكم، ثم حصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية سنة 1923م، ودخل المعهد الثانوي الأزهري، وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، وحظي بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق، وكان معه في ذلك الوقت الدكتور محمد عبد المنعم خفاجى، والشاعر طاهر أبو فاشا، والأستاذ خالد محمد خالد والدكتور أحمد هيكل والدكتور حسن جاد، وكانوا يعرضون عليه ما يكتبون.
وهذه كانت نقطة تحول في حياة الشيخ الشعراوي، عندما أراد والده إلحاقه بالأزهر الشريف بالقاهرة، وكان الشيخ الشعراوي يود أن يبقى مع إخوته لزراعة الأرض، ولكن إصرار الوالد دفعه لاصطحابه إلى القاهرة، ودفع المصروفات وتجهيز المكان للسكن.
فما كان منه إلا أن اشترط على والده أن يشتري له كميات من أمهات الكتب في التراث واللغة وعلوم القرآن والتفاسير وكتب الحديث النبوي الشريف، كنوع من التعجيز حتى يرضى والده بعودته إلى القرية. لكن والده فطن إلى تلك الحيلة، واشترى له كل ما طلب قائلاً له: أنا أعلم يا بني أن جميع هذه الكتب ليست مقررة عليك، ولكني آثرت شراءها لتزويدك بها كي تنهل من العلم. وهذا ما قاله فضيلة الشيخ الشعراوي في لقائه مع الصحفي طارق حبيب.
التحق الشعراوي بكلية اللغة العربية سنة 1937م ، وانشغل بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية، فحركة مقاومة المحتلين الإنجليز سنة 1919م اندلعت من الأزهر الشريف، ومن الأزهر خرجت المنشورات التي تعبر عن سخط المصريين ضد الإنجليز المحتلين. ولم يكن معهد الزقازيق بعيدًا عن قلعة الأزهر في القاهرة، فكان يتوجه وزملاءه إلى ساحات الأزهر وأروقته، ويلقي بالخطب مما عرضه للاعتقال أكثر من مرة [بحاجة لمصدر]، وكان وقتها رئيسًا لاتحاد الطلبة سنة 1934م.