صحيفة: مليشيات إيران في العراق تؤسس لـ"دولة موازية"
تخطط المليشيات الطائفية ذات الأعداد الكبيرة
والمدججة بالسلاح في العراق، لتأسيس "دولة موازية" تقوض الحكومة المركزية،
وترتكب "ممارسات شبيهة بالمافيا"، ربما تكرر المظالم ضد السنة التي عززت
صعود تنظيم "داعش" المفاجئ قبل 3 سنوات.
صحيفة "واشنطن بوست" حذرت في
تقرير أعده مدير مكتبها ببغداد تامر الغباشي، من أن المليشيات الطائفية الكبيرة المسلحة
تسليحا جيداً تدير الآن العديد من المناطق السنية التي ساعدت في تحريرها من "داعش"،
ما يعزز مشاعر استياء محلي ربما تغذي عودة الدعم للتنظيم الإرهابي.
وقالت، إن الميليشيات الطائفية، كثير منها
موال للنظام الإيراني، تتمتع بسلطة عسكرية وسياسية غير مسبوقة في العراق بعد فوزها
بنحو ثلث المقاعد في الانتخابات البرلمانية العام الماضي.
وأضافت أن هذا الصعود أثار المخاوف بين
السياسيين العراقيين والسكان السنة والمسؤولين الأمريكيين من أن قادة المليشيات يؤسسون
دولة موازية تقوض حكومة العراق المركزية، وتحيي ذلك النوع من المظالم السنية التي عززت
صعود "داعش" المفاجئ قبل 3 سنوات.
وأشارت إلى أنه خلال المعارك لطرد عناصر
"داعش"، تم حشد المليشيات الطائفية لتأمين "الأماكن المقدسة"،
قبل أن يصبحوا مقاتلين فعليين على خطوط المواجهة يشاركون في كل معركة مهمة، ثم اكتسبوا
وضعا قانونيا في العراق تحت راية قوات "الحشد الشعبي" التي تضم 50 مليشيا
قوامها نحو 150 ألف مقاتل تحت السيطرة الاسمية للحكومة.
وأوضحت أن بعض هذه المليشيات تعود جذورها
إلى عهد الرئيس الراحل صدام حسين، وبعض آخر ظهر لمحاربة القوات الأمريكية بعد عام
2003، إلى جانب أخرى تم تشكيلها في عام 2014 لمحاربة "داعش"، ولكنها في الوقت
الراهن، بعد انتهاء العمليات العسكرية الرئيسية، تضع نصب أعينها أهدافا سياسية واقتصادية.
ونوّهت بأنها تنتشر في أنحاء المعاقل السنية
بالعراق بما في ذلك محافظات الأنبار (غرب) وصلاح الدين، ونينوي (شمال) وعاصمتها الموصل
المدينة السنية الأكثر ازدحاما في العراق.
ولفتت "واشنطن بوست" إلى أن المليشيات
أنشأت في المدن السنية مكاتب سياسية ومكاتب توظيف، تقوم بإدارة نقاط تفتيش على طول
الطرق الرئيسية (وحتى المسارات الداخلية الأصغر)، وتفرض ضرائب على سائقي الشاحنات الذين
ينقلون النفط والسلع المنزلية والطعام.
ونقلت الصحيفة عن بعض المسؤولين العراقيين والأمريكيين،
قولهم إن بعض رجال المليشيات يرتكبون "ممارسات شبيهة بالمافيا"، ويطالبون
بأموال حماية من الشركات الكبيرة والصغيرة على حد سواء، ويبتزون سائقي السيارات عند
نقاط التفتيش للسماح لهم بالمرور.
ووفقا للصحيفة، فإن المليشيات هي التي تقرر
أيا من العائلات السنية مسموحا لها بالعودة إلى ديارها بعد انتهاء العمليات العسكرية
ضد "داعش"، كما يقول محللون يدرسون تلك المليشيات.
وعلاوة على ذلك، في العديد من البلدات،
أجبر قادة المليشيات المجالس المحلية على إلغاء حقوق الملكية للسنة على أساس أنهم دعموا
"داعش"، وهي ممارسات أدت إلى تغييرات ديموغرافية كبيرة في المناطق المختلطة
مع السنة بشكل تقليدي مثل الحلة وديالى.
في السياق، قال هشام الهاشمي المحلل الأمني
ومستشار الحكومة العراقية ووكالات المعونة الأجنبية، إنه في ظل وجود 1.8 مليون نازح
لا يزالون يعيشون في مخيمات وفي ملاجئ مزدحمة، فإن جهود المليشيات لمنعهم من العودة
إلى ديارهم تسهم في إحداث تطرف محتمل.
ولفت إلى أن المليشيات تشكل عقبة أمام استقرار
هذه المناطق لأنها تحظر عودة النازحين داخليا.
وفي الوقت الذي اقترح الساسة العراقيون
خفض عدد المليشيات أو استيعابهم في وحدات الشرطة والجيش النظامية أو تعيين قوات
"الدفاع الشعبي" كقوة مساعدة يتم استدعاؤها خلال حالات الطوارئ الوطني، رفض
قادة المليشيات الأقوياء مثل هذه الاقتراحات.
وزعم قادة المليشيات أن نجاح هذه القوات في طرد "داعش" يدل على أنها ضرورية لأمن العراق القومي، كما أنها توفر فرص عمل للآلاف الذين يعانون في ظل ركود الاقتصاد العراق.