حصاد الجامع الأزهر في 2018.. روعة المعمار تعانق وقار العلماء
شهد عام 2018 نقلة نوعية غير مسبوقة للجامع الأزهر على كافة الأصعدة، حيث تعانقت روعة المعمار مع وقار العلماء، بعدما شهد هذا العام افتتاح أوسع عملية ترميم للجامع على مر تاريخه الذي جاوز الألف عام، فيما واصل الرواق الأزهري بمختلف فروعه دوره التعليمي والدعوي، في تقديم العلم الشرعي وفق المنهج الأزهري الوسطي المستنير، لكل الفئات والأعمار، وطوال العام وبالمجان، وهو ما تجلى في ذلك المشهد المهيب للآلاف الذين احتشدوا في صحن الجامع وأركانه لحضور المجالس الحديثة، التي يشارك فيها كبار علماء الأزهر ومحدثيه.
*افتتاح الجامع الأزهر:
شهد يوم السادس من مارس 2018 افتتاح أوسع عملية ترميم وتطوير للجامع الأزهر على مر تاريخه، وذلك بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، والأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وقد استغرقت عملية الترميم التى تمت بمنحة من خادم الحرمين الشريفين المغفور له الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ورعاية ودعم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية، ثلاث سنوات.
وشملت تغيير وتحديث البنية التحتية للجامع الأزهر بشكل كامل، بما فى ذلك الأرضيات والفرش وشبكات الإضاءة والمياه والصرف والإطفاء والتهوية والصوت، وذلك وفقا لأحدث المعايير العالمية، وبخامات تماثل المستخدمة فى الحرم المكى.
وتميزت عملية الترميم بمراعاة الطبيعة الأثرية للجامع، حيث تمت كافة الخطوات تحت الإشراف الكامل لوزارة الآثار، كما جرى توثيق جميع مراحل الترميم، بحيث أصبح هناك ملف شامل لكل حجرة وركن وزاوية داخل المسجد، يتضمن وضعها قبل وخلال وبعد عملية الترميم، حيث تمت معالجة جميع أركان الجامع معالجة بيولوجي، مع تنظيف بالبخار للأحجار الداخلية والخارجية وتفتيح العراميس وإعادة ملئها، وتنظيف وحقن وتقوية للزخارف الجصية الملونة والسادة.
كما تضمنت عملية الترميم إجراء تدعيم إنشائى للظلة الفاطمية وضريح عبد الرحمن كتخدة، إضافة إلى ترميم المحراب الحجرى والمنبر الخشبي بعد تنظيفه وتعقيمه وإعادة دهانه وتذهيبه، باستخدام مواد كيميائية وكمادات لإزالة العوالق بالأعمدة الرخامية والتيجان وقواعد الأعمدة، فضلًا عن ترميم الحوائط الداخلية والخارجية لمآذن الجامع، هذا بالإضافة لترميم قباب الجامع، بما تحويه من زخارف ملونة وغير ملونة، كما تم ترميم الأهلة المعدنية، إضافة لإعادة اكتشاف الصهريج الموجود بصحن الجامع، مع استبدال الأرضيات الرخامية لصحن الجامع الأزهر برخام "تاسوس" الموجود بالحرم المكى.
*نشاط الأروقة الأزهرية:
بالتوازي مع تلك النهضة المعمارية، شهدت أروقة الجامع الأزهر خلال عام 2018 انطلاقة قوية، من خلال تنفيذ عدد كبير من الفعاليات والندوات، التي استهدفت ترسيخ التواصل العلمي والفكري والثقافي والدعوي والاجتماعي مع كل فئات المجتمع، وجذبت المجالس الحديثة الآلاف من طلاب العلم ومريديه، خاصة جلسة الجزء الخامس من كتاب "الأحاديث المعللة" لابن المديني، وجلسة "الأربعون التساعية" لابن دقيق العيد، و"فضائل الأوقات" للبيهقي، وذلك بحضور كوكبة من علماء الأزهر الشريف.
وحظي رواق العلوم الشرعية للتدريب على السلم التعليمي في مراحله المتعددة (خريطة العلوم الشرعية– التمهيدية– التكوينية– التأصلية) بحضور مكثف من رواد الجامع، فيما شمل نشاط رواق القرآن الكريم وعلومه، العديد من البرامج على حفظ القرآن الكريم وتجويده، بينما عقد رواق التدريب الكثير من الفعاليات والبرامج، وأقام رواق اللغة العربية للناطقين بغيرها العديد من برامج التدريب كالتأسيس والتربوي والكفاءة، فيما نظم رواق المكتبة 13 فاعلية ما بين برنامج ودورة تدريبية وورشة عمل.
كما واصل رواق اللغات الأجنبية برامجه التدريبية التي شملت المصريين والوافدين، أما رواق التاريخ والحضارة فقد نظم العديد من البرامج، كما شهد رواق البحوث والنشر دورات في تحقيق التراث ودراسة مخطوطات العلوم الشرعية، فيما نظم رواق الدعوة عدة برامج لإعداد الخطباء والوعاظ والواعظات، بينما شهد رواق الفكر والثقافة عدة دورات للتدريب على تفنيد الشبهات وشرح كتب الصحاح، هذا بالإضافة لعقد العديد من الندوات عن تجديد الفكر والخطاب الديني، ضمن أنشطة رواق الفكر والثقافة. وقد تواصلت خلال عام 2018 خطة افتتاح أروقة بجميع المحافظات، حيث وصل عددها حتى الآن إلى 14 رواقًا، وكان آخرها افتتاح الرواق الأزهري في الأقصر، بجنوب مصر.