خبراء يجيبون.. ما السيناريوهات المتوقعة لانتهاء أزمة "السترات الصفراء" في فرنسا؟
أسابيع عديدة شهدت خلال الفترة الماضية احتجاجات ما يسمى بـ"السترات الصفراء" التي يعبر المواطنون الفرنسيون من خلالها عن اعتراضهم على سياسات فرنسا ورئيسها إيمانويل ماكرون، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في الدولة، وهو ما تسبب في إشعال الأزمة التي فقدت الحكومة الفرنسية القدرة على السيطرة عليها.
وبالرغم من إلقاء "ماكرون" لخطابه الأول في محاولة لتهدئة الأزمة، إلا أن الخطاب لم يكن موفقًا بالنسبة للشعب الفرنسي، والذي اختار الاستمرار في هذه الاحتجاجات تعبيرًا عن غضبه من عدم الاستجابة لكافة المطالب التي يسعون خلف تحقيقها.
وما زاد الأمر صعوبة، هو ارتفاع حالات الوفيات جراء تظاهرات السترات الصفراء، حتى بلغت 6 حالات، كان آخرها محتج لقي مصرعه مساء أمس الأربعاء، بعدما اصطدم بشاجنة بالقرب من مدخل طريق سريع في مدينة أفينيون جنوب فرنسا، وهذا فضلًا عن المئات من الإصابات التي شهدتها التظاهرات لأصحاب السترات الصفراء.
"الانتحار السياسي" نهاية متوقعة لـ"ماكرون"
قال الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية، إن هناك نية لدى ذوي السترات الصفراء لاستكمال الاحتجاجات يوم السبت القادم، لتمتد الفترة التي تشهد هذه التظاهرات إلى خمس أسابيع، وهو ما يؤكد عدم اقتناعهم بخطاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والذي استغرق 12 دقيقة فقط.
وأوضح "اللاوندي" في تصريح خاص لـ"الفجر" أن خطاب "ماكرون" تطرق إلى زيادة الحد الأدنى في الأجور، ولكنه لم يكن مرضي للمتظاهرين، وهو ما أدى إلى ارتفاع سقف المطالب حيث أصر المحتجون على إقالة الرئيس الفرنسي وحل البرلمان وسحب الثقة الكاملة من الحكومة.
وأشار خبير العلاقات الدولية، إلى أنه بالرغم من انسحاب عدد من كبار السن عن المظاهرات بعدما وجدوا أن الأمر يتطور إلى نهب وسرقة المصارف والمطاعم وبيوت الأزياء العالمية، فضلًا عن أعمال التخريب والحرق، إلا أن عدد المتظاهرين من ذوي السترات الصفراء لايزال كبيرًا، منوهًا إلى أنهم سيواصلون الاحتجاجات حتى يرضخ "ماكرون" إلى مطالبهم.
وحول السيناريو المتوقع لنهاية هذه التظاهرات، أضاف الدكتور سعيد اللاوندي، أن النهاية ستكون استجابة إيمانويل ماكرون لمطالب أصحاب السترات الصفراء، حيث يكرر بذلك سيناريو شارل ديجول حينما انسحب تمامًا من الحياة السياسية وسكن في قريته حتى مات، موضحًا أن ماكرون ليس أمامه حل سوى ما يطلق عليه بالانتحار السياسي الذي لابد منه.
تقديم بعض التنازلات الإضافية من قبل فرنسا
وفي سياق متصل، أكدت الدكتورة نهى بكر، أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية، أن المظاهرات الفرنسية لا تزال في تصاعد مستمر بالرغم من التوقعات بحدوث تهدئة بعد خطاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وقالت "بكر" في تصريح خاص لـ"الفجر" إنه هناك 3 سيناريوهات من المتوقع أن تنتهي الأزمة عليها، الأول وهو الحل الأفضل أن تتم التهدئة في الشأن الفرنسي وهو الحل الذي سيتبعه بعض التنازلات الإضافية من قبل فرنسا.
وأوضحت أن السيناريو الثاني، هو انتقال هذه التظاهرات إلى دول أوروبية أخرى بما يتسبب في حدوث ضغوط أخرى بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وأضافت أستاذ العلاقات الدولية، أن السيناريو الأخير هو أن يتحول هذا الحدث إلى أمر معدي في دول أوروبية أخرى، موضحة أن الحدث قد يتصاعد إلى دول جنوب البحر الأبيض المتوسط، خاصة مع تزامن هذه الأحداث مع اقتراب الاحتفالات السنوية بالثورات التي حدثت في تونس ومصر خلال الفترة من نهاية 2010 وحتى عام 2011م.
ولفتت إلى أن استمرار احتجاجات السترات الصفراء قد تحقق المزيد من الفوضى في المنطقة، والتي قد تنتهزها بقايا الجماعات الإرهابية التي تم إزاحتها في الموصل والرقة مثل داعش وأمثالهم، منوهة إلى أن الأمر يحتاج إلى استباق من كافة الدول وأن يوضع هذا السيناريو المتوقع في خطتهم العاجلة ليتمكنوا من التعامل معه حال حدوثه.
وحول احتمالية استقالة "ماكرون" من منصبه، أوضحت الدكتورة نهى بكر، أن هذا القرار سيمرر في الدول الديمقراطية من خلال إقرار دستوري، محذرة أنه سيكون حلًا غير مجديًا، خاصة في ظل وجود معسكرين يحكمات التظاهرات الفرنسية، وهما اليسار ومعسكر اليميني المتشدد وهم أغلبية المسيطرين على تظاهرات السترات الصفراء.
ولفتت "بكر" إلى أن إقالة إيمانويل ماكرون، لن يكون الحل الأفضل حيث أنه سيؤدي إلى المزيد من الاستقطاب في الشارع الفرنسي.