"أبو سعدة": القومي لحقوق الإنسان بذل الكثير من الجهود لترسيخ حقوق المسيحيين
وجه حافظ أبو سعدة عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، الشكر إلى باتريك كرم رئيس تنسيقية مسيحيي الشرق الأوسط، والسيد جون ماهر رئيس المنظمة الفرنسية المصرية لدعوتهما؛ للحديث عن موضوع ذات أهمية فائقة، وهو مصير الطوائف المسيحية فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال مشاركته بمؤتمر باريس حول مكافحة التطرف وحمايته مسيحيي الشرق الأوسط، موضحا أن الموضوع حساس يجب تناوله بدقة، وموضوعية مجردة من أي أجندات سياسية، أو بمعنى آخر يجب التعامل معه كقضية حقوقية.
وقال أبو سعدة، خلال كلمته: فى هذا السياق بصفتى كعضو فى المجلس القومى لحقوق الإنسان، وناشط حقوقي، سيكون خطابى مركزًا على دور وجهود المجلس القومي لحقوق الإنسان فى تعزيز مفهوم المواطنة فى مصر، ودورنا فى دعم المنظمات الدولية فى حربهم على الإرهاب، ويجب التنويه مبدئيا أن تيارات الإسلام السياسي ترتكز أفكارها جزئيا على تهميش الأقليات بشكل عام واضطهاد المسيحيين بشكل خاص.
وأضاف أبو سعدة أن مصر شهدت فى الثمانينات والتسعينات، موجة إرهاب عنيفة من قبل الجماعات الإسلامية الجهادية شملت استهداف المواطنين المسيحيين في مصر، في ظل هذا المناخ انتشرت الأفكار المتطرفة في بعض الأوساط المجتمعية، وكانت النتيجة ارتفاع معدلات أعمال العنف ضد المسيحيين وممتلكاتهم وكنائسهم، ولعل أبرز هذه الوقائع مذابح الكشح في عامي 1998 و2000 التي أودت بأرواح 20 مواطنا مسيحيا.
وقال أبو سعدة: شهدت مصر أيضا بعد ثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق مبارك صعود جماعة الإخوان المسلمين، والجماعات السلفية والجهادية، وفي هذه الفترة ارتفعت معدلات العنف ضد المسيحيين والكنائس، وفي يونيو 2012 تم انتخاب رئيس جمهورية من جماعة الإخوان المسلمين، وشهدت مصر وقت حكمة خطابات مفعمة بالكراهية ضد المسيحيين، وظهر هذا جليًا عندما هاجمت مجموعات مؤيدة للرئيس مرسى كاتدرائية العباسية عام 2013، ونتج عن ذلك سقوط قتلى وجرحى، وعندما عزلت ثورة 30 يونيو مرسى من منصبه، بدأت الجماعات الإسلامية حملات تحريض ضد المسيحيين وتوعدتهم بالعقاب، لوقوفهم مع الثورة ضد الرئيس المعزول محمد مرسى.
ووضح أبو سعدة أنه بعد فض قوات الأمن اعتصامات النهضة ورابعة العدوية المؤيدة لمرسي في أغسطس 2013 برزت عداوة أنصار الرئيس المعزول ضد المسيحيين، فقاموا بعدة أعمال إرهابية فى عدد كبير من محافظات مصر المختلفة، حرقوا خلالها عدد كبير من الكنائس، وفي الأشهر والأعوام التي أعقبت ثورة 30 يونيو قامت التنظيمات المتطرفة بهجمات إرهابية عديدة استهدفت عدد من الكنائس وممتلكات المسيحيين وأرواحهم في طنطا والإسكندرية والقاهرة والمنيا وشمال سيناء، وفى واقع الأمر لم يقتصر الاستهداف فقط علي المسيحيين، ولكن أيضًا المسلمين وقد شاهدنا ذلك فى مذبحة مسجد الروضة بسيناء عام 2017، والتى أودت بحياة 300 مواطن مسلم.
وأكد حافظ أبو سعدة أن في ظل هذه الظروف المؤلمة قام المجلس القومى لحقوق الإنسان بأخذ العديد من الإجراءات لتعزيز بيئة التسامح وقبول الآخر في مصر، لضمان احترام مبدأ المواطنة والتصدي للأفكار المتطرفة ومواجهة الإرهاب، وكان من بين هذه الخطوات المؤتمر الدولي الذي نظمه المجلس القومى لحقوق الإنسان فى القاهرة عام 2017، ناقش المؤتمر دور كيانات التوعية في محاربة الإرهاب والتطرف بهدف حماية حقوق الإنسان، وفى نهاية هذا المؤتمر أقر المشاركون إعلان القاهرةـ، أدان البيان التطرف والحض على الكراهية وأقر بأن هذه الأشياء تتنافى مع حقوق الإنسان وحرياته، وتبنى البيان استراتيجية مواجهة التطرف التي ذكرها الأمين العام للأمم المتحدة.
وأكد الإعلان على أهمية إنهاء النزاعات فى ليبيا وسوريا، وشدد علي أهمية إيجاد توازن بين حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب ودعا الإعلان إلي تعزيز دور المؤسسات الدينية فى مواجهة الإرهاب والتطرف وتجديد الخطاب الديني، وطالب الإعلان بإصلاح التعليم وتدعيم دور الفن والإعلام فى نشر الثقافة والوعي ضد التطرف.
وقال أبو سعدة أن المجلس القومي لحقوق الإنسان بذل الكثير من الجهود لترسيخ حقوق مسيحي مصر، ونجحت ضغوط المجلس القومى ومنظمات حقوق الإنسان المصرية فى إقناع الدولة باتخاذ خطوات جدية لمعالجة هذه المشكلات، وبالفعل قام البرلمان في عام 2017 بإصدار قانون بناء وترميم الكنائس المصرية، وهو أول قانون يختص ببناء دور عبادة للمسيحيين منذ أكثر من قرن ونصف القرن من الزمن، وجاء ذلك في سياق دعوات الرئيس السيسى لتجديد الخطاب الدينى، حتى يكون متوافقًا مع مبادئ المواطنة، وحقوق الإنسان الأساسية.
واختتم أبو سعدة كلامه بصفته عضو فى المجلس القومى لحقوق الإنسان، ورئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان: أطالب الحكومة المصرية والحكومات العربية الأخرى، والمجتمع المدني العربي بتأييد مبادرة الإيمان من أجل الحقوق التي أطلقها المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ؛ حتى تتكاتف كل الجهود لترسيخ ثقافة قبول الآخر والتسامح في الشرق الأوسط للتغلب على أفكار التطرف والإرهاب.