مصطفى محمد يكتب: سترات ونوايا.. صفراء وماكرون يدفع الثمن!
هناك بوادر واضحة على وجود مخاض يبدو متعثر لعملية إكتمال تشكيل ( عالم جديد ) متعدد الأقطاب.
ورغم تزايد حدة و وتيرة الصراع بين القوى الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل إيقاف عجلة التاريخ وسننه، بإجهاض هذا الزخم!
إلا إن النظام العالمي الجديد والمتشوقين إليه، يخطون بثبات ونجاح خلال العقد الأخير، في اتجاه إتمام هذا التحول التاريخي لإعادة ترتيب العلاقات الدولية وخلق قدر معقول من التوازن في المجتمع الدولي، يسمح لقوى جديدة أوروبية وآسيوية بلعب دور أكبر ومستحق على الساحة العالمية.
في إطار محاولات مشروعة ومطلوبة لوضع أساس وتفسير أكثر عدلا ومنطقية لمفهوم العولمة، لكي لا يكون هناك قطب واحد فقط يفرض ثقافاته وأفكاره ورؤيته على بقية العالم!
وفي هذا السياق، لم يكن لدي أدنى شك في أن الشاب الألمعي الطموح إيمانويل ماكرون، سيدفع ثمن جرأته عندما طالب وسعى لجيش أوروبي موحد، على هامش إحياء ذكرى 100 عام على انتهاء الحرب العالمية الأولى في باريس منذ أسابيع!
فالإشكالية هنا ليست في عدالة مطالب حركة السترات الصفراء التي ظهرت فجأة في فرنسا وبلجيكا، احتجاجا على ارتفاع أسعار الوقود أو اعتراضا على مسائل تنظيمية لبعض القوانين الجديدة لبلد راسخ في تطبيق أعلى معايير وآليات الديموقراطية، ولمجتمع كوزموبوليتان متجانس ( على الأقل ظاهريا وأمام القانون).
مع الأخذ في الإعتبار بالطبع، ما تعكسه هذه الإحتجاجات من معاناة حقيقية وإضطرابات تواجه بنية النظام الرأس مالي العالمي، الواقع تحت ضغط إيجاد حلول للمطالب المتزايدة بتوفير ضمانات اجتماعية وأشكال للدعم والحماية للفئات المهمشة.
والقضية ليست أيضا نتاج خلافات حول اتفاقية المناخ ( كوب 21) في باريس 2015 وتأييد ودعم فرنسا لها،
وسط إعتراضات أمريكية غير مقنعة و انسحاب من المعاهدة للتنصل من الإلتزامات المترتبة عليها، وإصرار على نسفها لأسباب لوجستيه، تتعلق بالهيمنة الأمريكية المطلقة على تكنولوجيا الصناعات الثقيلة والحيوية في العالم!
ما يحدث على سطح الكوكب ليس سوى حلقة في سلسلة لصراع مرير..
ليس فقط على مصالح حيوية للقوى الكبرى، ولكنه في جوهرة تدافع ومعركة تكسير عظام بين قوى تقليدية مهيمنة وتريد الإستمرار وحدها في قمرة القيادة للعالم، من جهة..
و من جهة أخرى أطراف صاعدة تحاول أن تغير الواقع الذي ربما يقود إلى صدام حتمي، يخشى الكثير من العقلاء أن يكون فيه فناء لما تبقى لدى الإنسان من تواجد، سواء لمنظومة قيم معنوية أو روحية،
بل ربما، يقود هذا الجنون المحموم لفناء العنصر البشري ماديا..
في ظل ما تمتلكه هذه القوى المتناحرة من أسلحة كفيلة بإخفاء كوكبنا من المجموعة الشمسية!
والله من وراء القصد