استثمارتها ضعيفة لارتفاع المخاطر ولا تحظى بالتمويل.."المشروعات الصغيرة والمتوسطة" سلاح النمو الاقتصادي المُهمل
أثبتت تجربة الاهتمام بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة نجاحها في نمو اقتصاد دول عديدة في العالم مثل الولايات المتحدة والصين، وذلك لكونها مشاريع سهلة الإعداد وذات فائدة كبيرة للدولة والمواطن، وفي مصر تمثل هذه المشاريع نسبة كبيرة من المنشآت والعمالة في العديد من القطاعات، ولكن دورها في النمو الاقتصادي مازال محدودًا على الرغم من زيادة اهتمام أجهزة الدولة بها بطريقة نسبية.
عادة ما ينظر للمشاريع الصغيرة والمتوسطة كقوة ديناميكية للنمو الاقتصادي المستدام وإيجاد فرص عمل في البلدان المتقدمة.
لهذا تشهد مصر الآن نمواً في أعداد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على مختلف المستويات، ولكن تجدر الإشارة إلى أن التوزيع الجغرافي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة يميل بشكل ملحوظ إلى التمركز في ثلاث محافظات: الشرقية والقاهرة والغربية، وتزيد هذه النسبة عن نصف المؤسسات التي تتمحور أنشطتها الإقتصادية حول الصناعة والتجارة، إلا أن عدداً قليل منها قادر على تصدير المنتجات المصرية في حين 50% منها لا تستغل الخدمات المالية المقدمة من المصارف بهدف الاستفادة من فرص الحصول على التمويل.
وتؤمن المشروعات الصغيرة والمتوسّطة عدداً كبيراً من الوظائف في مصر، وهناك، فبحسب آخر إحصاء، نحو 2.5 مليون مؤسسة صغيرة ومتوسطة، توظّف أكثر من 75٪ من إجمالي القوى العاملة المصرية و99% من القوى العاملة في القطاع الزراعي، وعلى الرغم من أهميتها، فإنها لا تزال تواجه العديد من المشاكل، خاصة في الحصول على التمويل الذي يشكل تحدياً في البلدان النامية.
وعلى الرغم من الإصلاحات المصرفية التي تم إطلاقها منذ عام 2004، تواجه المشاريع الصغيرة والمتوسّطة صعوبة في الوصول لحلول تمويل مناسبة ما يشكل عقبة رئيسية في وجه هذه المؤسسات، لهذا السبب، ولكي تكون هذه المشاريع قادرة على الإستفادة من الخدمات المالية بشكل أفضل، أطلق البنك المركزي المصري في ديسمبر 2008 مبادرة لحصول المؤسسات الصغيرة والمتوسّطة على الخدمات المالية والمصرفية ، وهي جزء من المرحلة الثانية لبرنامج إصلاح القطاع المصرفي (2008-2011).
ولكن من ناحية العرض، تتجنب غالبية البنوك المخاطرة في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسّطة، حيث أن الإعتقاد السائد أن تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة محفوف بالمخاطر، وخدمتها تتطلب الكثير من الإهتمام مع إرتفاع التكاليف، مما يجعل منها أقل ربحية من الشركات الكبيرة.
وأظهرت دراسات عدة أن المؤسسات الصغيرة والمتوسّطة مقيّدة مالياً أكثر من الشركات الكبيرة وإحتمالات حصولها على التمويل الأساسي ضعيفة جداً، ولا توفر البنوك التسهيلات المالية للمؤسسات الصغيرة والمتوسّطة في البلدان النامية نظراً للفجوة التمويلية الكبيرة للمؤسّسات الصغيرة والمتوسّطة في البلدان النامية.
فمن وجهة نظر البنك، إن ارتفاع التكاليف ونقص المهارات وإرتفاع نسبة مخاطر الاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسّطة تترجم إلى إرتفاع أسعار الفائدة وضمانات أخرى. علاوة على ذلك، إن معظم المؤسّسات الصغيرة والمتوسّطة تعمل في بيئات تعاني من ضعف حقوق الملكية وهشاشة تنفيذ العقود، إذ لا يملك المقترضون سندات ملكية قانونية للعقار أو الأرض، وبالتالي لا يمكن استخدام هذه كضمان مالي مقابل القرض. لهذا السبب، تواجه بعض المؤسّسات الصغيرة والمتوسّطة المشاكل مع البنوك.
علاء السقطي رئيس اتحاد جمعيات الصناعات الصغيرة والمتوسطة، يقول إن 90% من النشاط الاقتصادي في مصر يرجع إلى المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
ويضيف "السقطي" في تصريحات لـ"الفجر"، أن من أهم المشكلات التي تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة، تتمثل في عدم وجود تعريف موحد للصناعات الصغيرة والمتوسطة، لافتا إلى أن مصلحة الضرائب تعرفها بطريقة، والبنوك بطريقة، ووزارة الصناعة تعرفها بطريقة ثالثة، لافتا إلى أنه سيكون هناك دور لاتحاد جمعيات الصناعات الصغيرة في إيجاد تعريف موحد للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
في السياق ذاته قال عادل عامر رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية، لـ"الفجر"، إن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تعتبر قاطرة التنمية للاقتصاد المصري، مشددًا على ضرورة تقديم الدولة الدعم الكافي لأصحاب هذا المشروعات نظرًا للظروف الاقتصادية الصعبة التي جعلت تدشين المشروعات الكبرى والاستثمارات الممتدة أمرًا صعبًا.
وأكد "عامر" في تصريحات لـ"الفجر"، ضرورة إدراج أداوت مالية جديدة توجه لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة بشكل رئيسي.
من جانبها قالت سعاد كامل أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعه القاهرة في تصريح خاص، أن دعم الدولة للمشروعات الصعيرة والمتوسطة غير كافي، مشيرة إلى ظاهرة الاقتصاد الغير الرسمي تفاقمت بعد الركود الاقتصادى بعد عام 2011.