حكم من أخر الصلاة ومات قبل آدائها
ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية يقول: "ما حكم من أخر الصلاة عن وقتها المحدد ومات قبل أن يؤديها؟"، وجاءت الإجابة على النحو التالي:-
تجب الصلاة في وقتها وجوبًا موسعًا؛ بمعنى أن لكل صلاة وقتًا محدودًا؛ يبدأ بأوَّل الوقت حتى لا يبقى إلا ما يسع لأدائها، فما بين دخول الوقت إلى خروجه وقت وجوب؛ فعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، فَسَأَلَهُ عَنْ وَقْتِ صَلاةِ الصُّبْحِ، قَالَ: فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ، ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ مِنَ الْغَدِ بَعْدَ أَنْ أَسْفَرَ، ثُمَّ قَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ وَقْتِ الصَّلاَةِ»؟ قَالَ: هَا أَنَذَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ» أخرجه مالك في "الموطأ".
قال شيخ الإسلام ابن حجر الهيتمي الشافعي في "تحفة المحتاج ومعه حاشيتا الشرواني والعبادي" (1/ 431-432، ط. دار إحياء التراث العربي): [تَجِبُ الصَّلَاةُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ وُجُوبًا مُوَسَّعًا إلَى أَنْ لَا يَبْقَى إلَّا مَا يَسَعُهَا كُلَّهَا بِشُرُوطِهَا، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عَنْ أَوَّلِهِ إلَّا إنْ عَزَمَ عَلَى فِعْلِهَا أَثْنَاءَهُ، وَكَذَا كُلُّ وَاجِبٍ مُوَسَّعٍ... وَإِذَا أَخَّرَهَا بِالنِّيَّةِ وَلَمْ يَظُنَّ مَوْتَهُ فِيهِ فَمَاتَ لَمْ يَعْصِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ لِكَوْنِ الْوَقْتِ مَحْدُودًا وَلَمْ يُخْرِجْهَا عَنْهُ] اهـ.
وأداؤها في أول الوقت أفضل؛ لحديث عبد اللهِ بن مسعود رضي الله عنه قالَ: سألتُ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم: أيُّ العمَلِ أَحَبُّ إلى اللهِ؟ قالَ: «الصلاةُ على وقتِها» أخرجه البخاري في "صحيحه".
قال الشيخ الشرواني في "حاشيته على تحفة المحتاج": [قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَظُنَّ مَوْتَهُ فِيهِ إلَخْ) فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَمُوتُ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ بَعْدَ مُضِيِّ قَدْرِهَا.. تَعَيَّنَتِ الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فَيَعْصِي بِتَأْخِيرِهَا عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ تُضَيِّقَ عَلَيْهِ بِظَنِّهِ] اهـ.
وعليه: فمن مات قبل خروج وقت الصلاة ولم يكن قد صلى، وكان عازمًا على أدائها في وقتها، لا يكون عاصيًا، ولا إثم عليه.