اليوم.. البرازيل على أعتاب انتخابات رئاسية حاسمة
تشهد البرازيل، اليوم الأحد، الجولة الأولى
من الانتخابات الرئاسية وحكّام الولايات الــ27، والنوّاب، وثلثى أعضاء مجلس الشيوخ
، وذلك وسط أجواء من الاستقطاب الشديد بين المتنافسين والترقب لما ستسفر عنه هذه الجولة
من نتائج، فى واحدة من أكثر الاستحقاقات الانتخابية انقساما فى تاريخ البرازيل.
وقد دفعت أجواء التوتر ، التى تشهدها البلاد،
السلطات البرازيلية إلى اتخاذ تدابير أمنية استثنائية من خلال نشر 280 ألف رجل أمن
لتأمين 83 ألف مكتب تصويت فى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، التى تعد التاسعة
من نوعها منذ استعادة الديمقراطية عام 1985.
ويشارك فى عملية التصويت أكثر من 147 مليون
ناخب برازيلي، ويتم التصويت على فترة رئاسية جديدة ستبدأ فى 1 يناير 2019 وتنتهى فى
1 يناير 2023. أما فى الكونجرس، فسيتم تجديد 513 مقعداً من مجلس النواب وثلثى أعضاء
مجلس الشيوخ البالغ عددهم 81 عضواً.
ويحتدم التنافس فى الاقتراع الرئاسى بين
مرشح اليمين المتطرف جايير بولسونارو عن "الحزب الاجتماعى الليبرالي"، ومرشح
حزب "العمال اليساري" فرناندو حداد، حيث أظهر آخر استطلاع للرأى أجراه مركز
"داتافولها" أن بولسونارو يحتل المرتبة الأولى بين صفوف المرشحين بعد حصوله
على تأييد 35% ، يليه فى المركز الثانى فرناندو حداد الذى حصل على نسبة تأييد 22%،
فيما لم يسجّل مرشح "يمين الوسط" جيرالدو ألكمين، ومرشح "يسار الوسط"
سيرو غوميز أكثر من 10%، مما حصر المنافسة بين حداد وبولسونارو.
ورجح الاستطلاع إجراء جولة إعادة، فإذا
فشل أى مرشح فى الحصول على الأغلبية المطلوبة سيخوض المرشحان الحاصلان على أعلى نسبة
تصويت جولة إعادة يوم 28 أكتوبر الجاري.
وعلى الرغم من دخول حداد المتأخر إلى حلبة
التنافس إلا أنه استطاع مفاجأة خصومه وتحقيق تقدم ملحوظ أمام منافسه بولسونارو. وكان
حداد قد أعلن عن ترشحه فى سبتمبر الماضى بعد أن أعلن القضاء عدم السماح بترشح الرئيس
السابق لولا دا سيلفا الذى حكم عليه فى يوليو الماضى بالسجن بعد إدانته بالفساد فى
أكبر فضيحة فى البرازيل عرفت باسم "مغسل السيارات".
وفى حالة ترشحه فى الانتخابات كان من المتوقع
أن يفوز دا سيلفا بسهولة نسبية على منافسه الرئيسى بولسونارو، لكن بعد خروج لولا من
السباق الانتخابي، أصبحت الأمور غير محسومة.
وبعد أن فشلت مساعى دا سيلفا للترشح للرئاسة
اختار حداد ليكون خلفا له حيث أعلن فى خطاب له "من اليوم فصاعدًا فرناندو حداد
هو لولا لملايين البرازيليين". وعلى الرغم من تأخر ترشح حداد إلا أنه استطاع فى
وقت قياسى تعزيز شعبيته بسبب حضوره الملحوظ والكاريزما التى يتمتع بها، إضافةً إلى
سجلّه السياسى الناجح، وهو ما جعل منه منافسا شرسا لبولسونارو فى هذا السباق الانتخابى
حيث نجح حداد فى أن يحقق التوازن بين كونه وكيلاً لدا سيلفا من جهة الذى يتمتع بشعبية
واسعة فى الأوساط البرازيلية، وبين حضوره الشخصى القوى من جهة أخرى ليكسب ثقة الناخبين
ويعزز مكانته داخل المشهد الانتخابي.
اليساريون السابقون رفضوا تقديم الدعم لحداد،
بل أخذوا يوجهون إليه الاتهامات كما شن المرشحون الثلاثة الآخرون، سيريو غوميز، ومارينا
سيلفا، وغيليرمى بولوس، هجوما لاذعا عليه دون الالتفات إلى أن هذا كله يصب فى مصلحة
عدوّهم المشترك جايير بولسنارو الذى تزداد شعبيته يوما تلو الآخر.
ويرى المراقبون أن تقدم جايير بولسونارو
فى استطلاعات الرأى يعود بالأساس إلى تزايد حالة الاستياء التى يشعر بها المواطنون
إزاء حزب العمال - لكونه من وجهة نظرهم - مسؤولا عن الأزمات التى تعانى منها البلاد
وعلى رأسها الأزمة الاقتصادية، وارتفاع البطالة التى تطال نحو 13 مليون شخص فضلا عن
مشاكل انعدام الأمن.
إضافة إلى ذلك فإن تعرض بولسونارو لحادث
طعن فى تجمع انتخابى قبل شهر، وهو ما أبعده عن حملته بسبب وضعه الصحي، قد زاد من التعاطف
الشعبى معه. ورغم أن الحزب الاجتماعى الليبرالى الذى ينتمى إليه بولسونارو لا يعد من
الأحزاب الثقيلة على الساحة السياسية البرازيلية إلا أن فريقا من المراقبين رجح إمكانية
فوز بولسونارو بالرئاسة من الجولة الأولى نظرا لانقسام المرشحين الذين يميلون لليسار
بين "حداد" ومجموعة من المرشحين الآخرين.
فى ضوء ما سبق يبدو المشهد الانتخابى غامضا
وغير واضح المعالم. فرغم تقدم بولسونارو فى استطلاعات الرأى ونجاحه فى الاستفادة من
انشقاقات اليسار وضعف يمين الوسط، غير أن أراء كثيرة ترجح أنه لو صعد إلى جولة إعادة
مع أى مرشح فإن فرص فوزه ستكون ضعيفة حيث أن شريحة كبيرة من البرازيليين لاتزال ترى
اليمين المتطرف كخطر حقيقى يهدد مصالح البلاد. أما فى حالة فوزه بالسباق الرئاسى فستكون
البرازيل قد اختارت للمرة الأولى رئيساً من اليمين المتطرف وهو ما سيعد انقلابا على
قواعد اللعبة السياسية فى البلاد وسيكون له بدوره أثر واضح على سياسات البرازيل.