بيان (7) وخطاب "السادات".. كواليس ما بعد نصر "حرب أكتوبر"
تحل اليوم الذكرى الخامسة والأربعين على نصر أكتوبر المجيد، وهو اليوم الذي أعادت القوات المسلحة هيبة وكرامة المصريين، وتمكنت من تحطيم أسطورة "الكيان الصهيوني".
وعند الحديث عن
نصر أكتوبر تبقى عبارة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، التي قالها ضمن
خطاب النصر أمام البرلمان يوم 16 أكتوبر "التاريخ العسكرى سوف يتوقف طويلاً بالفحص
والدرس أمام عملية يوم السادس من أكتوبر ٧٣ حين تمكنت القوات المسلحة من اقتحام مانع
قناة السويس الصعب واجتياز خط بارليف المنيع وإقامة رؤوس جسور لها على الضفة الشرقية
من القناة بعد أن أفقدت العدو توازنه في ٦ ساعات"، عالقة في الأذهان لما
حملته من قوة وجسارة وفخر.
خطاب
النصر
"لست أظنكم
تتوقعون مني أن أقف أمامكم لكي نتفاخر معاً ونتباهى بما حققناه في أحد عشر يوماً من
أهم وأخطر، بل أعظم وأمجد أيام تاريخنا، وربما جاء يوم نجلس فيه معاً لا لكي نتفاخر
ونتباهى، ولكن لكي نتذكر وندرس ونعلم أولادنا وأحفادنا جيلاً بعد جيل، قصة الكفاح ومشاقة،
مرارة الهزيمة وآلامها، وحلاوة النصر وآماله.
نعم سوف يجئ يوم
نجلس فيه لنقص ونروى ماذا فعل كل منا في موقعه ... وكيف حمل كل منا أمانته وأدى دوره،
كيف خرج الأبطال من هذا الشعب وهذه الأمة في فترة حالكة ساد فيها الظلام، ليحملوا مشاعل
النور وليضيئوا الطريق حتى تستطيع أمتهم أن تعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء.
ذلك كله سوف يجئ
وقته وأظنكم توافقونني على أن لدينا اليوم من المشاغل والمهام ما يستحق أن نكرس له
كل وقتنا وجهدنا، وإذا جاز لي أن أتوقف قليلاً وأنا أعلم أن بكم شوقاً إلى سماع الكثير
فإني أقول ما يلي:
أولاً: فيما يتعلق
بنفسي فقد حاولت أن أفي بما عاهدت الله وعاهدتكم عليه قبل ثلاث سنوات بالضبط من هذا
اليوم، عاهدت الله وعاهدتكم على أن قضية تحرير التراب الوطني والقومي، هي التكليف الأول
الذي حملته ولاءًا لشعبنا وللأمة، عاهدت الله وعاهدتكم على أني لن أدخر جهداً، ولن
أتردد دون تضحية مهما كلفتني في سبيل أن تصل الأمة إلى وضع تكون فية قادرة على رفع
إرادتها إلى مستوى أمانيها، ذلك أن اعتقادى دائماً كان ولا يزال أن التمني بلا إرادة
نوع من أحلام اليقظة، يرفض حبي وولائي لهذا الوطن أن نقع في سرابه أو في ضبابه، عاهدت
الله وعاهدتكم على أن نثبت للعالم أن نكسة سنة 1967 كانت استثناءا في تاريخنا وليست
قاعدة وقد كنت في هذا أصدر عن إيمان بالتاريخ يستوعب ( سبعة الاف سنة من الحضارة )
ويستشرف آفاقاً أعلم علم اليقين نضال شعبنا وأمتنا لبلوغها والوصول إليها وتأكيد قيمها
وأحلامها العظمى، ( عاهدت الله وعاهدتكم على أن جيلنا لن يسلم أعلامه إلى جيل سوف يجئ
من بعده منكسة أو ذليلة، وإنما سوف نسلم أعلامنا مرتفعة هاماتها عزيزة صواريها، وقد
تكون مخضبة بالدماء، ولكننا ظللنا نحتفظ برءوسنا عالية في السماء وقت أن كانت جباهنا
تنزف الدم والألم والمرارة ).
عاهدت الله وعاهدتكم
على أن لا أتأخر عن لحظة أجدها ملائمة، ولا أتقدم عنها، لا أغامر، ولا أتلكأ، وكانت
الحسابات مضنية والمسؤولية فادحة، لكنني أدركت كما قلت لكم وللأمة مراراً وتكراراً
أن ذلك قدري وأنني حملته على كتفي عاهدت الله وعاهدتكم وحاولت مخلصاً ان أفي بالوعد
ملتمساً عون الله وطالباً ثقتكم وثقة الأمة وأني لأحمد الله.
ثانياً: لقد كان
كل شئ منوطاً بإرادة هذه الأمة، حجم هذه الإرادة وعمق هذه الإرادة وما كنا لنستطيع
شيئاً وما كان أحد ليستطيع شيئاً لو لم يكن هذا الشعب، ولو لم تكن هذه الأمة لقد كان
الليل طويلاً وثقيلاً ولكن الأمة لم تفقد إيمانها أبداً بطلوع الفجر، وإني لأ قول بغير
إدعاء ( أن التاريخ سوف يسجل لهذه الأمة أن نكستها لم تكن سقوطاً وإنما كانت كبوة عارضة
وأن حركتها لم تكن فوراناً وإنما كانت ارتفاعاً شاهقا ) ً.
إن قواتنا لم تعط
الفرصة لتقاتل عام ١٩٦٧ دفاعا عن الوطن وعن شرفه وعن ترابه، لم يهزمها عدوها ولكن أرهقتها
الظروف التى لم تعطها الفرصة لتقاتل. إن القوات المسلحة المصرية قامت بمعجزة على أعلى
مقياس عسكرى، استوعبت العصر كله تدريبا وسلاحا بل وعلما واقتدارا، وحين أصدرت لها الأمر
أن ترد على استفزاز العدو وأن تكبح جماح غروره فإنها أثبتت نفسها، إن هذه القوات أخذت
في يدها بعد صدور الأمر لها زمام المبادأة وحققت مفاجأة العدو وأفقدته توازنه بحركتها
السريعة.
ولست أتجاوز إذا
قلت إن التاريخ العسكرى سوف يتوقف طويلاً بالفحص والدرس أمام عملية يوم ٦ أكتوبر
٧٣ حين تمكنت القوات المسلحة المصرية من اقتحام مانع قناة السويس الصعب واجتياز خط
بارليف المنيع وإقامة رؤوس جسور لها على الضفة الشرقية من القناة بعد أن أفقدت العدو
توازنه كما قلت فى ٦ ساعات، وإذا كنا نقول ذلك اعتزازاً وبعض الاعتزاز إيمان فإن الواجب
يقتضينا أن نسجل من هنا وباسم هذا الشعب وباسم هذه الأمة ثقتنا المطلقة فى قواتنا المسلحة،
إن هذا الوطن يستطيع أن يطمئن ويأمن بعد خوف إنه قد أصبح درع وسيف.
لقد أعطي شعبنا جهداً
غير محدود وقدم شعبنا تضحيات غير محدودة، وأظهر شعبنا وعياً غير محدود، وأهم من ذلك
كله، أهم من الجهد والتضحيات والوعي، فإن الشعب احتفظ بإيمانه غير محدود، وكان ذلك
هو الخط الفاصل بين النكسة وبين الهزيمة ولقد كنت أحس بذلك من أول يوم تحملت فيه مسؤوليتي
وقبلت راضياً بما شاء الله أن يضعه على كاهلي، كنت أعرف أن إيمان الشعب هو القاعدة،
وإذا كانت القاعدة سليمة فإن كل ما ضاع يمكن تعويضه، وكل ما تراجعنا عنه نستطيع الانطلاق
إليه مرة أخرى.
كواليس
إذاعة بيان نصر أكتوبر
يروي عبد الرحمن رشاد رئيس هيئة الإذاعة السابق وعضو
الهيئة الوطنية للإعلام، كواليس إذاعة بيان نصر 6 أكتوبر المجيدة فى التليفزيون المصري، الذى ألقاه الإذاعي صبرى سلامة، لافتًأ
إلى أنه يعد من المشاهد العظيمة للتليفزيون المصرى حتى الآن.
وأضاف أنه كان في هذا الوقت طالب بجامعة القاهرة بالسنة الدراسية الثانية ويتدرب في الإذاعة المصرية،
وكان يرتدى الزي العسكري استعدادا للحرب.
وأوضح رئيس هيئة
الإذاعة السابق أنه من يوم 6 اكتوبر عام 73 إلى نهاية شهر أكتوبر لم تسجل جريمة جنائية
فى الجمهوية، ويعبر عن مدى التزام الشعب المصرى فى هذا الوقت العصيب الذى تمر به البلاد
من حرب على العدو الإسرائيلى المغتصب لقطعة من الأراضي المصرية وكيفية التغلب عليه
وطرده.
البيان
رقم (7) من القوات المسلحة
"بسم الله الرحمن الرحيم .. نجحت قواتنا
المسلحة في عبور قناة السويس على طول المواجهة، وتم الاستيلاء على منطقة الشاطئ
الشرقي للقناة، وتواصل قواتنا حاليا قتالها مع العدو بنجاح، كما قامت قواتنا
البحرية، بحماية الجانب الأيسر لقواتنا على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وقد قامت
بضرب الأهداف الهامة للعدو على الساحل الشمالي لسيناء، أصابتها أصابات مباشرة..
هنا القاهرة".