التطبيع القطري الإسرائيلي.. من السياسة إلى الرياضة
تمضي قطر في علاقات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي على أكثر من مستوى، سياسي ورياضي، وهناك أيضاً العلاقات السياحية المستمرة منذ عام 1995.
فعلى هذه المستويات، تخوض قطر سياسة سرية موازية، تعتمد على حجز موقع لها لدى الاحتلال، من أجل استثمار اللوبيات القوية التي تديرها مؤسسات موالية لإسرائيل حول العالم.
ولم تكن صورة وزير الخارجية القطري عبد الرحمن آل ثاني والحاخام أفراهام مويال في الدوحة مفاجئة أو صادمة لمن يعرف تنظيم الحمدين، الذي كان أول من هلل للعلاقات الإسرائيلية، وفتح مكتباً اقتصادياً في الدوحة.
هذه الفضيحة لم تحرج أبواق تنظيم الحمدين، فقد اعتادت وسائل الإعلام المأجورة التي يديرها، على اتباع سياسة «لا أرى لا أسمع» حين يتعلق الأمر بانكشاف العلاقات السرية لقطر.
وبغض النظر عن فحوى اللقاء بين الوزير القطري والحاخام اليهودي، حول الطلب من حركة حماس الرديفة لقطر، بعدم الخروج في احتجاجات حول افتتاح السفارة الأميركية في القدس، إلا أن هذه السياسة تكشف الموقع الحقيقي لدولة قطر. فهي إلى جانب الاحتلال، وليست داعمة بأي شكل من الأشكال لقضية الشعب الفلسطيني.
العلاقة الإسرائيلية القطرية ليست حديثة، وهي مكشوفة للقاصي والداني، وكل من يعرف ديدن هذا النظام الذي يحاول أن يستمد شرعيته من الإرهاب تارة، وعلاقاته بالجماعات المتطرفة، ومن اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة.
وقد ظهر حديثاً وجه آخر قبيح لنظام الحمدين، من خلال العلاقة من نظام الملالي، ففي الوقت الذي يقوم فيه هذا النظام بالقتل في سوريا واليمن والعراق، ويعمل على استهداف دول المنطقة عبر أذرعها الإرهابية، تقوم قطر بإدخال الحرس الثوري الإيراني إلى قصر تميم آل ثاني، في إطار المكايدة السياسية، على حساب أمن واستقرار وتاريخ هذه المنطقة.
ويقول مراقبون إن هذه السياسات الفاقدة للرؤية، والقائمة على أساس البقاء فقط في سدة الحكم، لن تدوم، لأنها سياسات ضد التاريخ وضد الواقع وضد القطريين وضد الجوار، إنها لا تخدم إلا أشخاص سقطوا عربياً وإسلامياً وخليجياً، وقريباً سيسقطون قطرياً، فلم تعد الشعوب مغفلة عن سياسات نظام الحمدين، الذي يعيش على جوقة من المطبلين والمرتزقة.
ويرى المراقبون أن قطر لم تعد دولة بمعنى الدولة، وإنما هي الآن أشبه بعصابة وثلة من الحاكمين المتعاونين مع مرتزقة يعملون من أجل البقاء لأطول فترة ممكنة، بعد أن عرت دول المقاطعة هذه الدولة المارقة، وكشفت أنها عبارة عن بناء من ورق، لا يمكن أن يعيش من دون الآخرين. ويؤكد المراقبون أن قطر في خسارة متزايدة على كافة المستويات، واستمرار هذه الخسارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بمثابة موت بطيء لنظام الحمدين، الذي فقد كل مقومات الشرعية في الحكم.
التطبيع الرياضي
ولا تقتصر العلاقات القطرية الإسرائيلية على الجانب السري السياسي فقط، بل حولت الدوحة ميدان الرياضة إلى ساحة و«فرصة» للتطبيع. فقد أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية، أن قطر سترحب برياضيين إسرائيليين، من المقرر أن يشاركوا في بطولة العالم للجمباز، التي تستضيفها العاصمة القطرية الدوحة الشهر المقبل.
وذكرت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، أن جمعية الجمباز الإسرائيلية، تلقت رسالة من الدوحة تقول: «نحن نحب الرياضة، ونكرم الرياضيين الذين يمثلون بلادهم كسفراء للسلام والوئام»، وأضافت: «نتعهد ونعد بأن يكون الموقف تجاه إسرائيل، مثل أي بلد آخر خلال المسابقات»، ما يعني أن الدوحة ستسمح للاعبين برفع العلم الإسرائيلي، واستخدام رموز هذا العلم، وأبرزها النجمة السداسية.
ونشرت وسائل إعلام إسرائيلية، صورة للرسالة القطرية الموجهة من الاتحاد القطري للجمباز، إلى جمعية الجمباز الإسرائيلية، وتحمل تاريخ 29 أبريل 2018.
وقالت القناة الإسرائيلية، إن الرسالة القطرية إلى إسرائيل، جاءت بعد ضغط من عضو الكنيست في حزب المستقبل، يوئيل رازبوزوف، الذي طلب من محامين، توجيه رسالة إلى قطر بمعاملة الرياضيين الإسرائيليين كغيرهم.
وقال رازبوزوف: «من الطريقة التي صاغوا بها الخطاب، يتضح أن محاولات المقاطعة الرياضية تعرضهم للخطر أكثر من إسرائيل. يجب أن تبقى الرياضة بعيدة عن السياسة».
إسرائيليون في قطر 2022
ويرى المراقبون أن الدوحة ذهبت بعيداً في ترسيخ التطبيع الرياضي مع الاحتلال، تأكيداً منها على عمق العلاقات بين البلدين المنبوذين في محيطهما، مشيرين إلى أن قطر لا تفوّت فرصة للتقرب من إسرائيل.
إشارات قطرية
ومؤخراً، قالت تقارير إعلامية إسرائيلية، إن تل أبيب تلقت إشارات إيجابية قطرية، مفادها استعداد الدوحة لاستقبال عشاق كرة القدم الإسرائليين خلال نهائيات كأس العالم في عام 2022. وكان حسن الذوادي مسؤول البنى التحتية وبناء ملاعب كأس العالم في قطر، أعلن إن الإسرائيليين مرحب بهم في الدوحة، لمشاهدة الفرق التي ستشارك في المونديال.
وأضاف في حوار مع موقع «سبورت وان» الرياضي الإسرائيلي، أنه على الرغم من عدم تأهل المنتخب الإسرائيلي إلى المونديال، إلا أن الجماهير الإسرائيلية مرحب بها لمشاهدة المونديال، ومشاهدة الاحتفالات التي ستقام في الافتتاح، وأنه سيتم تحديد عدد من التذاكر للمشجعين الإسرائيليين.
وفي أواخر عام 2016، كشفت تقارير إسرائيلية، عن قيام الدوحة بدفع مبلغ 200 مليون دولار لشركات إسرائيلية، لتأمين مونديال كأس العالم 2020، الذي من المقرر أن تستضيفه الدوحة، ومن بين هذا الشركات، شركة «ريسكو» الإسرائيلية.
سعادة في تل أبيب
وفي يناير الماضي، أثارت مشاركة لاعب تنس إسرائيلي في بطولة قطر المفتوحة للتنس، جدلاً واسعاً حول علاقات التطبيع المعلنة بين الكيان والنظام القطري، والتي تجاوزت المجالات السياسية والاقتصادية والإعلامية، لتقتحم المجال الرياضي، وبينما شجب ناشطون قطريون وعرب تلك الخطوة، أبدى مسؤول في وزارة الخارجية الإسرائيلية، سعادته بمشاركة لاعب التنس الإسرائيلي دودي سيلع، في بطولة قطر المفتوحة للتنس.
وكتب يونتان غونين رئيس القسم العربي في الدائرة الدبلوماسية الرقمية لدى وزارة الخارجية الإسرائيلية، على حسابه في «تويتر»: «كم أكون سعيداً وأنا أرى اللاعبين الإسرائيليين وهم يشاركون في مختلف البطولات، والآن يشارك نجم التنس الإسرائيلي دودي سيلع، في بطولة قطر المفتوحة للتنس، والمقامة في الدوحة».
وفي السياق ذاته، أعربت الكثير من الدوائر الإسرائيلية، عن سعادتها باستقبال قطر للاعب تنس إسرائيلي، ليشارك في بطولة الدوحة، التي يشارك فيها بعض من كبار نجوم العالم، حيث أبرزت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية «أهمية هذه الخطوة، والأهم من هذا، موافقة الدوحة على استضافة اللاعبين الإسرائيليين»، وفق تعبيرها.
محطات التطبيع
وشهد التطبيع الرياضي بين الدوحة وتل أبيب محطات عدة، ففي مايو 2013، تم الإعلان عن بناء استاد الدوحة البلدي داخل الكيان، حيث كانت كُلفة عملية البناء 6 ملايين دولار من أموال الشعب القطري. وفي أبريل 2016، شارك منتخب كرة الطائرة الإسرائيلية في جولة قطر العالمية المفتوحة للكرة الشاطئية، حيث حطّ اللاعبان الإسرائيليان شون فايغا وأريئيل هيلمان في مطار الدوحة، بعد حصولهما على تأشيرة دخول إلى قطر في الأيام الأخيرة، علماً بأن مسألة مشاركتهما في البطولة، بقيت سرية لآخر لحظة.
وضمت البعثة الإسرائيلية التي حطت في مطار حمد الدولي في الدوحة، إلى جانب اللاعبين، كلاً من رئيس اتحاد كرة الطائرة الإسرائيلي، يانيف نيومان، والمدرب شاكيد حايمي.
ونقلت الإذاعة العامة الإسرائيلية، عن مدير اتحاد الكرة الطائرة ينيب نويمان، قوله إن اشتراك المنتخب الإسرائيلي في الدورة، جاء بعد موافقة اتحاد كرة السلة في الدوحة ولجنتها الأولمبية. وأضاف أن إجراءات حراسة مشددة تحيط بأعضاء البعثة الرياضية، الذين «قوبلوا بترحاب شديد في قطر»، على حد تعبيره.
ترحيب واستقبال
كشف موقع المغرد الإسرائيلي الإلكتروني، في أكتوبر 2016، عن مشاركة فريق الدراجات التابع لدولة الاحتلال الإسرائيلي، في مباريات كأس العالم في سباق الدراجات الهوائية بالعاصمة القطرية، الدوحة. وقال الموقع إن الفريق تم استقباله «باحترام وحفاوة من القطريين، ولم يتم تقييد حركة الرياضيين».
ونشر المغرد، تغريدة جاءت على موقع أكاديمية الفريق، قولهم «كإسرائيليين مولودين في الصحراء، شعرنا كأننا في وطننا في الصحراء القطرية في الدوحة».بالمقابل، غرد ناشطون قطريون على موقع «تويتر»، رفضاً لاستقبال فريق الاحتلال الإسرائيلي، وطالبوا بأن تحذو قطر حذو ماليزيا، التي رفضت قبل ذلك استضافة «كونغرس الفيفا»، بسبب مشاركة الاحتلال الإسرائيلي.
كذلك تساءلوا عن الكيفية التي حصل بها الفريق المذكور على تأشيرة دخول إلى قطر، على الرغم من أن قطر ليس لها علاقة دبلوماسية معلنة مع دولة الاحتلال.