مصطفى عمار يكتب: بالقرب من رجل أعرفه جيدا
لم أتعود أن أكتب عن شخص وهو جالس على كرسى المنصب، ربما فى هذا الوقت تحديداً أعماله كخصم وليس كصديق إن كنت أعرفه، أنتقد قراراته وأناقش تصرفاته، وبمجرد أن يخرج من المنصب أعود لصفوف الأصدقاء لا يوجد بيننا أى مصلحة أو وجه للمنفعة من قريب أو بعيد.
هذا ما كان يحدث خلال علاقتى بالمهندس أسامة الشيخ الرئيس السابق لاتحاد الإذاعة والتليفزيون، أرشيف الفجر وذاكرته ممتلئة بكتابات وأحرف كتبتها ضد بعض قراراته وتصرفاته خلال توليه هذه المسئولية، بعد أن تعرض المهندس أسامة الشيخ للظلم وتم حبسه لأكثر من عامين فى قضية كنت على يقين من برأته منها، لأننى أعرف الرجل عن قرب، كتبت وقتها أكثر من 20 مقالاً وتحقيقًا، لمساندة الرجل ومحاولة التأكيد أنه لم يكن فاسداً ربما كانت بعض قراراته خاطئة أو محل نقاش، ولكننى عرفته شريفاً نزيهاً صاحب مبدأ.. بعدها خرج أسامة الشيخ من السجن وتولى مسئولية قناة النهار لوقت قصير، تراجعت عن صلة الصداقة التى تجمعنا وامتنعت حتى عن محادثته تليفونياً، وانتقد بعض حلقات برنامج ريهام سعيد، وكتبت كيف يرضى أسامة الشيخ بأن يحدث مثل هذا المستوى المتدنى من المادة البرامجية فى قناة يرأس شبكتها، اتصل بى وقتها وهو حزين وقال لى بنبرة لا أنساها.. أنا بأكل عيش يا استاذ مصطفى عشان ما بقاش عندى فلوس.. أول مرة أكره شيئًا كتبته، وأقول لنفسي، ليه أعطى لحقى محاكمة الناس وتصرفاتهم دون أى معلومات عن ظروفهم وحياتهم.. ربما كان درسًا لا أزال أحتفظ به جيداً فى كل تعاملاتى مع الغريب قبل القريب.
وبعدها رحل أسامة الشيخ عن النهار وعادت صداقتنا من جديد، تقابلنا كثيراً، تحدث عن شعوره بأيام السجن، ومرارة الظلم، كيف تقرب إلى الله، وكيف رآه كما لم يعرفه من قبل، شهور من الإحباط والحزن وساعات قليلة من الأمل والتفاؤل، ولكنه فى كل الأحول كان راضيا بما كتبه الله، ويردد دائماً أنه فى نعمة كبيرة، بعدها تولى منصب رئيس مجلس إدارة شركة إعلام المصريين، وابتعدت عنه من جديد، كان يتصل بى ويسألنى لماذا لا تسأل، فأجيبه بأننى لا أريد أن أعطله، توقع الجميع أننى من العاملين معه أو أننى من المقريبن له، ولكنهم لم يعلموا وقتها أننى كنت تقريباً بلا عمل لفترة قصيرة قبل أن أنتقل إلى قناة الحياة كرئيس تحرير للشبكة فى الوقت الذى تولت فيها مسذوليتها الإعلامية الكبيرة هالة سرحان، ورحل أسامة الشيخ بسرعة كبيرة عن إعلام المصريين، وعاودت الاتصال به ومقابلته وجمعتنا جلسات طويلة، مع مجموعة كبيرة من تلاميذه وأصدقائه، لا أجدهم حوله إلا عندما يكون بلا منصب أو أى مصلحة، يحبون الرجل لذاته وشخصه، ويقررون الانسحاب بهدوء عندما يتولى أى مسئولية، يعلقون على ما يكتبه فى الفيس بوك سواء كان جالساً على كرسى أو لا.. يهرولون إليه للاحتفال به عندما يقابلونه صدفة فى أى مكان، نحن نعرف قيمته وقيمة صداقته بدون أى مصلحة، لأنه يستحق هذا التقدير، أتذكر هذا الكلام معكم لأننى حزنت عندما قرأت أحد منشورات المهندس أسامة الشيخ على الفيس بوك، والذى كتب فيه يقول احتمال ترجع لايكات الغجر وكومنتاتهم بعد غياب طويل.
للأسف نقبهم على شونة لأنهم فاهمين غلط بالطبع صفحة المهندس أسامة الشيخ تمتلئ الآن بالتعليقات وعلامات الإعجاب مع كل حرف، بسبب خروج شائعة بأنه المسئول الأول عن الشبكات التليفزونية التى يؤسسها المستشار تركى آل الشيخ بمصر، لم أتحدث إلى اسامة الشيخ لمعرفة حقيقة الخبر من عدمه ورغم أننا نتحدث على الأقل مرة أسبوعياً ولكننى تجاوزت سؤاله عن حقيقة الخبر، ولكنه نفاه بعد أن سخر من فريق المنتفعين.. أسامة الشيخ سواء تولى مسئولية هذه القنوات أم لم يتولاها، سيبقى قيمة للإعلام المصري، لا أعرف السبب فى عدم الاستفادة من خبراته وسنوات عمره الطويلة التى قضاها فى المهنة وصناعتها، ربما يحتاج الإعلام المصرى فى هذه المرحلة رجلاً يحمل خبرته وهدوءه، رجلًا يعرف قيمة الكتاب الصحفيين الكبار ويؤمن بطاقة وموهبة الشباب، رجلاً تعود على النجاح والصدق فى عمله، أردت أن أكتب هذا المقال عنه، ربما لأننى لا أقول هذا الكلام له وجهًا لوجه، وربما تتحول الشائعة لحقيقة وأتوقف بعدها عن الحديث معه لأنه سيعود لنفس الكرسى الذى يجعل شلة المنتفعين تلتف حوله من جديد.