محمد مسعود يكتب: صناعة الدراما فى مصر
1- فى تسعينيات القرن الماضى، جلس الراحل ممدوح الليثى، على مقعد رئيس قطاع الإنتاج باتحاد الإذاعة والتليفزيون المصرى، وفى عهده خرجت أفضل الأعمال الدرامية الخالدة فى وجدان المشاهد المصرى.
كان الليثى رئيسا لقطاع حكومى لا يبحث عن الربح، وكان الإعلام خدمة لم تسع لربح بينما تسعى لتوجيه المجتمع وإثرائه، وكان للفن دور مهم فى ذلك، لذا لم يكن يبحث قطاع الإنتاج عن الربح فى أعماله، بقدر ما يبحث عن القيمة، وذات يوم تم الاستعانة بأحد المخرجين لإخراج مسلسل من إنتاج قطاع الإنتاج، ووضعت الميزانية وتم تسكين الأدوار وبدأ التصوير، وبعد فترة فوجئ الليثى بالمخرج يخبره بأنه انتهى من التصوير، قبل نهاية الجدول المحدد، وجاء المخرج إلى مكتبه متهللا وعلى وجهه علامات البشرى، وفرت لك فى الميزانية وضغطت أيام التصوير.. صرخ رئيس قطاع الإنتاج فى وجهه لا من فرحته بتقليص الميزانية وإنما من صدمته أن هناك مخرجا يفكر فى ذلك على حساب العمل الفنى وقيمته، وانتهت الواقعة بعدم عرض المسلسل حتى الآن.
2- غسيل الأموال
وفى بداية الألفية الجديدة اتخذت جهات الدولة شكلا جديدا فى الإنتاج، انتهى إلى غير رجعة بالقبض على عبدالرحمن حافظ رئيس مجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامى، بالتحديد فى عام 2005، ورغم أن تلك الفترة هى الوحيدة التى ازدهرت فى صناعة الدراما من حيث الكم، وكانت المدينة تنتج فى السنة الواحدة نحو 40 مسلسلا تعطيها لعدد من المنتجين منهم منتجون جادون فى الصناعة، ومنهم مرتزقة، وأحدهم كان نقاشا، وآخر جمع ثروته من تجارة المخدرات، وأصبحت الساحة ملكا للحابل والنابل، وضاعت قيمة الدراما فى الأعمال إلا من رحم ربى.
بعض المنتجين كانوا يتعاقدون مع جهات الإنتاج بنظام المنتج المنفذ على رقم محدد للساعة، ويحصلون على أرقام أقل نظير أن تستمر العلاقة بينه وبين الجهة التى ينفذ لها الإنتاج.. واختفى المنتج الفنان، إلا من أشخاص يعدون على أصابع اليد الواحدة.
ولهذا السبب ارتفعت الأجور بشكل مبالغ فيه وبالتحديد قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير، بات الدخلاء من المنتجين يلهثون خلف كل من يحققون من ورائه مكاسب مالية، ولولا طمع بعضهم ما رفعوا أجور نجوم ونجمات لخطفهم من منتجين منافسين.
والحقيقة أن الدخلاء على المهنة هم من أرسوا هذه القاعدة، فهم فى النهاية يستثمرون أموالهم فى صناعة، لا تعنى لهم أكثر من كونها بيزنس ووجاهة اجتماعية، فمنهم من يعمل بمال ليس ماله، ولم يضع هؤلاء حدا لشهواتهم، وتجاهلوا كون هذه الصناعة، تعرض على جمهور عريض وتؤثر فيه.. وتشكل وجدان مجتمع وإرساء قيمه، لذا باتت ساحة الإنتاج فى مصر تعج بالدخلاء.. عديمى الموهبة، قليلى الشهرة.. فيتمسحون فى نجومية من حولهم من النجوم، ويتباهون بأنهم خطفوا فلانا من فلان، وفلانة من علان، ويأتى الفن والصناعة والمنتج الفنى نفسه.. فى المقام الأخير!
3- أزمة محمد رمضان
الأسبوع الماضى كتبت تقريرا عن الفنان محمد رمضان، بعنوان «رمضان إذا هوى»، والحقيقة «إذا» هنا كانت مقصودة لأنه لم يهو بعد، رغم ما قيل فى أزمته مع مجموعة mbc وأزمته مع محمد عبدالمتعال، رئيس قناة mbc مصر.
كان الهدف من التقرير الحفاظ على نجم مصرى كبير، ومطالبته بدرء الشبهات عن نفسه.. وتوضيح أسباب الأزمة وسبل حلها، فهو فى النهاية كنجم لا يجوز أن يكون فى حجم أقل من حجمه وفى إطار بعيد عن نجوميته.
خرج محمد رمضان فى فيديو طرحه على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعى اتهم فيه بيان mbc بالكذب، مؤكدا أنه وقع عقدا مع جمال العدل لتقديم عمل فى رمضان 2018 بعلم من mbc.
خلاف رمضان والمحطة الخليجية، لا يشغلنا، وكل ما يعنينا أن يكون محمد رمضان فى أفضل صورة كونه نجمًا مصريًا كبيرًا وله مكانة عريضة فى القلوب، أما خلافاته مع mbc فقد يتم حلها بين لحظة وأخرى، أو أن يثبت كل طرف صحة أقواله فى ساحات المحاكم.