عبدالحفيظ سعد يكتب: 8 سنوات من سفك الدم السوري
ثمانى سنوات تكتمل فى نهاية الأسبوع المقبل، على ما أطلق عليه فى حينها «الثورة السورية».. حراك خرج بآمال وتطلعات شعب فى الحرية والإطاحة بحكم الأسد، لكنها تحولت لكابوس حرب «عالمية» وليس «أهلية» بعد أن صارت مأساة ستظل فارقة فى العالم وشاهدة على مآسى القرن الواحد والعشرين.
فلا يوجد فى سوريا الآن بعد مرور 8 سنوات، سوى القتل، وسفك الدماء لكل سورى يطوله الرصاص.. ولم يعد الأمر يقتصر فقط على نظام الأسد فقط أو المعارضين له من داخل سوريا، بل يتنافس عليه 4 جيوش نظامية، والتى تتواجد بالفعل على الأراضى السورية بداية من روسيا وإيران حلفاء النظام، ثم تركيا التى تطمح فى أراضى الشمال السورى، ثم أمريكا التى تضع أعينها على آبار البترول فى الشرق وإقليم كردستان سوريا.. يضاف إليهم «العصابات» والتى تجمعت من مشارق الأرض ومغاربها بمسميات عدة تحت لافتات مذهبية وعقائدية، ما بين سنة وشيعة..!
تقاتل داعش وأخواتها من جبهة النصرة وجيش الإسلام وأحرار الشام، تحت راية أهل السنة.. وهو ما أغرى إيران أن تجند ميليشيات شيعية فى المقابل تحت اسم «الزينبيون» و«الفاطميون»، وهم شيعة متشددون، جندهم الحرس الثورى الإيرانى من أفغانستان وباكستان، ليقاتلوا معهم ضمن ميليشيات حزب الله، حتى راية نصرة مراقد آل البيت.
قد تبدو القصة الحزينة مضحكة.. فكل هؤلاء والذين يرفعون فى غالبيتهم راية الرب، يخوضون حربهم على غير أرضهم فى سوريا، ويسفكون دماء شعب اسمه السوريون.. الجيش الروسى يتدخل ويقصف كل يوم لمنع سقوط حليفه الأسد، فهو يطمح فى القواعد العسكرية والموانئ على البحر المتوسط.. إيران ترفض التخلى عن الحلم الفارسى بالوصول إلى سواحل البحر المتوسط، أمريكا لا تريد أن تخرج بدون أن تأكل من الكعكة، فهناك آبار بترول فى الشرق والشمال السورى، تريد أن تضع يدها عليها، عبر تحالفها مع الجماعات الكردية، وهو ما يقلق تركيا، من زيادة نفوذ الأكراد فيدخل جيشها فى تحالف معلن مع جماعات متطرفة وإرهابية، تريد أن تتخلص منها، فستخدمها فى قتل الأكراد فى الشمال السورى.
وللمفارقة أن من يتغنى بمآسى السوريين فى الغوطة، يقتلهم فى عفرين، ومن يدعى أنه يدافع عنهم فى إدلب يذبحهم فى الرقة.. فهى حرب تختلف فيها المسميات والأسباب، لكن يجمعها شيء واحد فقط.. هو قتل كل ما هو سورى، لدرجة أن أعداد القتلى والمصابين تعجز الإحصائيات أن تحصرهم، بين من يقول 300 ألف قتيل إلى 400 ألف قتيل، والمصابون لا أحد يستطيع أن يعطى رقما لهم، ولا يظهر إلا رقم يمكن الوثوق فيه، أنه لا يوجد بيت سورى واحد إلا وفيه قتيل ومصاب ومهجر.. فلا أحد يعنيه كم من الدماء تراق، ولا الأرواح التى تحصد، المهم تحقيق هدفه.
فهم لا يعنيهم خروج الأسد أو بقاؤه بقدر ما يهم تحقيق مكاسب على الأرض والحصول على المزيد من الصفقات، ولا أحد يرغب فى أن تتوقف الحرب، بغير أن يحصل على نصيبه، ثم يعايرون السوريين بأنهم يغيثونهم ويمنحونهم اللجوء.
ثمانى سنوات مرت، ويقتل الروسى والإيرانى والأمريكى والتركى والأفغانى والشيشانى فى سوريا، سواء فى شكل عصابات، أو جيوش نظامية، العالم الذى يتحدث ويستنكر ويدين ويصدر القرارات، هو نفسه الذى يحمل السلاح ويسمح بسفك الدماء، فى مذبحة الأممية فى القرن الواحد والعشرين.