عبدالحفيظ سعد يكتب: صراعات كهنة الإخوان فى لعبة الانتخابات الرئاسية
التنظيم يعتبر الانتخابات الرئاسية "مطية" للعودة للمشهد السياسى مرة ثانية
يوسف ندا صاحب العلاقات الغامضة بالأجهزة الدولية يوجه رسالة لشروط تأييد الفريق
قبل ساعات من بيان القوات المسلحة المصرية، بشأن الموقف القانونى لـ"الفريق المستدعى" سامى عنان، بشأن المخالفات فى الإعلان عن ترشحه للانتخابات الرئاسية، كان قيادات تنظيم الإخوان فيما وراء البحار، ترتب أوراقها أن تستغل هذه الانتخابات للعودة مرة أخرى للمشهد السياسى.
واستغلت الانتخابات، وأن يكون لها طرح فيها، والعمل على التلاعب بالمرشحين، ومحاولة دفع المرشحين للعمل على التقرب من الجماعة أو فتح خطوط تواصل معهم، ليكون لهم دور فى العملية السياسية.
ولذلك لم يكن إقحام الإخوان أنفسهم فى المعركة الانتخابية الرئاسية، عقب ظهور الفريق عنان وإعلان نيته للترشح، وليد الصدفة أو وجود قناعة لدى التنظيم بأى مرشح.
ولكن هدف الإخوان الوجود فى المشهد الانتخابى، كانت أغراضه تقوم على المكايدة السياسية، تجاه الرئيس السيسى والعمل على تدعيم أى مرشح فى مواجهته، والعمل على انقسام المؤسسة فى مصر، ما يتيح لهم فرصة للعودة مرة أخرى للمشهد.
وظهر ذلك فى رغبة الإخوان وسعيها لتأييد غريمهم التقليدى فى الانتخابات الرئاسية فى عام 2012 «أحمد شفيق» وكشف عن ذلك بمجرد إعلان شفيق نيته للترشح، أبدى الإخوان استعدادهم لتأييده رغم الخلافات الماضية بينهم والتى وصلت لتهديدهم بإحراق مصر، فى حالة إعلان فوز شفيق فى مواجهة محمد مرسي.
ولذلك عقب تراجع الفريق أحمد شفيق عن الترشح، لم يغير الإخوان خططهم فى العمل على تشجيع مرشح آخر للانتخابات، لكن تعمد الإخوان أن يكون هذا المرشح بمواصفات خاصة، أهمها أن يكون ذو خلفية عسكرية.. لأسباب ونيات لا يعرفها إلا التنظيم الذى يناصب العداء والتحريض ضد الجيش على مدار الستة أعوام الأخيرة، خاصة بعد عزل محمد مرسي.
ولذلك نجد أن لعب الإخوان فى الانتخابات الرئاسية، خاصة بعد الإعلان الجدى للفريق عنان، تصدى له أسماء الكبار فى الجماعة أو من يطلق عليهم «كهنة التنظيم»، ولم تعد الأمور متروكة كما كان تتم فى السابق عبر وسطاء مثل أيمن نور أو غيره من الأسماء القريبة منهم، مثل ما يمسى بـ»المجلس الرئاسي»، فى ظل حرص الإخوان أن يظهروا فى المشهد والإعلان عن موقف رسمى منهم فى مسألة خوض الانتخابات حتى لا يحسب عليهم الاعتراف بالعملية السياسية.
وظهر التوجه الجديد للإخوان مساء الأحد الماضي، وذلك بعد خروج أعضاء من حملة الفريق عنان وإعلانها أن مرشحهم فى طريقه للحصول على توكيل واستكمال أوراق ترشحه.
وظهر فى الملعب لأول مرة بعد فترة اختفاء «يوسف ندا» الملياردير الغامض فى التنظيم، والذى يعيش فى منتجعه الفخم على الحدود السويسرية الإيطالية، ليعلن منه ما وصفه بشروط لتأييد الإخوان للفريق سامى عنان.
ما أعلنه يوسف ندا، يعبر عن توجهات ومصالح فى التنظيم الدولى للإخوان، وذلك على الرغم من أن «ندا»، أشار فى حديثه إلى أن كلامه لا يعبر عن نفسه، لكن لا يمكن تصديق ذلك، عندما نضع فى الاعتبار أن «ندا» يعد صاحب المهمات الخاصة فى التنظيم، وذلك لتشعب علاقاته ومصالحه بأجهزة دولية، لا تخفى على أحد، ومن هنا يعد حديثه، معبرا عن تلك التوجهات والمصالح من يقف وراء ندى ذو الـ86 عاما.
ولذلك عقب بيان «ندا» بساعات، خرج علينا «كاهن» آخر من تنظيم الإخوان، وهو إبراهيم منير، نائب المرشد، والذى يتخذ من العاصمة لندن وكرا له، لينفى صلة الإخوان برسالة يوسف ندا، معتبرا أن رسالته للفريق عنان لا تعبر إلا عن شخص ندا، وأن «الجماعة حتى الآن لم تأخذ موقفا من الانتخابات الرئاسية المقبلة بالمشاركة أو المقاطعة ولا الشخصية التى يمكن أن تدعمها».
وفى نفس الوقت أراد منير أن يخاطب ود خالد على عندما قال «خالد على هو الأقرب للتعاون مع الحوار ومعالجة القضايا التى خلفها نظام السيسى باعتباره المدنى الوحيد. ولكن أخطر ما قاله منير فى تصريحه أن مواقف الإخوان تأتى بتنسيق مع الدول الغربية الخارجية، عندما قال: «صلاتنا مع الحكومات الغربية لم تنقطع، أما مستقبل مصر فلا يزال غامضا، وإن كان أغلبهم يحاول عدم الإفصاح عن موقفه، فإن الواضح أن السيسى لم يعد مرغوبا لديهم»، على حد تعبيره..
وتأتى التصريحات المتناقضة بين «كاهني» الإخوان «ندا» و«منير»، لتكشف عن وجود خلافات بين أكبر قادة التنظيم حاليا حول من يتم تأييده للانتخابات، فى ظل معلومات من مصادر خاصة أن ترتيبات الإخوان فى الخارج سواء فى تركيا أو العواصم الأوروبية، ترى أن الانتخابات الرئاسية، هى «مطية» لعودتهم للمشهد السياسى مرة أخرى، وذلك عبر ابتزاز المرشحين المحتملين، بأن حصولهم على تأييد الإخوان يتطلب منهم حصول التنظيم على مكاسب تضمن عودته للمشهد السياسى مرة أخرى، والظهور بأن لهم دورًا موجودًا فى الساحة وقدرة على التأثير.
وكانت فكرة الإخوان أن يتم التلاعب بكل من خالد على وسامى عنان، وعدم إعطاء أى منهما، مباركة نهائية من الإخوان، وهو الترتيب الذى كان يعد له الفريق الذى يقوده إبراهيم منير نائب المرشد، والذى يقوم على فتح العلاقات مع أى مرشح، دون أن يتم الإعلان عن ذلك رسميا، فى الانتخابات.
وكان الغرض من ذلك أنه فى حالة تفوق أى مرشح محتمل سواء خالد على أو سامى عنان، يدعى الإخوان أنهم وراء نجاحه، وفى حالة إخفاقهما فى مواجهة السيسي، يتبرأ الإخوان من أى دعم لأى منهما، وأنهم قاطعوا الانتخابات، وذلك حتى لا يظهر التنظيم فى حالة ضعف، وفى ذات الوقت يحصل على مكاسب أن بقى له قدم فى المشهد السياسي.
ولكن هذا التوجه كان يخالف ما يسعى إليه يوسف ندا، والذى يبدو أن علاقته بالأجهزة الدولية التى دفعته أن يتوجه بشكل مباشر للفريق سامى عنان، ويوجه له رسالة مباشرة له، ولكن يبدو أن خطط توجهات «ندا» تختلف عما يطرحه «منير» آخر» الذى كان يريد أن يلعب بكل الأطراف، ولا يأخذ موقفا لا يحسب على التنظيم بين أفراده فى المشاركة فى العملية السياسية، وأن حدث ذلك يكون فى السر وليس بشكل رسمى ومعلن.
ولكن يبدو أن خطوات الإخوان، قد تخيب هذه المرة، كما خابت فى المرة السابقة، مع أحمد شفيق، فى ضوء المستجدات، وخروج بيان من القوات المسلحة بأن «الفريق المستدعى» سامى عنان خالف قوانين المؤسسة العسكرية ولم يحصل على إلغاء استدعائه، ليجد التنظيم أنه مطالب بأن يلعب بورقة أخرى، لم تتكشف بعد، وهو ما ستكشف عنه الأيام المقبلة، فى لعبة أخرى للإخوان، فى ضوء تحركات كهنته ولعبهم مع أجهزة دولية.
