نادية صالح تكتب: حكايتي مع الحاج محمود العربي
هى حكاية قصيرة جدا.. عميقة جدا.. كانت من حوالى 25 سنة ولا أتذكر السنة بالضبط ولكنها كانت وقت أن تعرضت مصر وصعيد مصر بالذات للسيول، تهدمت بيوت وفسدت أراضى زراعية كثيرة هناك، فى هذه الأيام انطلقنا مذيعين ومذيعات لجمع تبرعات للمساهمة فى بناء البيوت من جديد ومساعدة الأهالى وتعويضهم عن خسائرهم الكبيرة، وتسابقنا نحن الإعلاميين لجمع التبرعات، وبالطبع كانت المذيعة أو المذيع صاحب أكبر التبرعات موضع تقدير من رئيس الإذاعة وقتها ولا أتذكر سواء كان الأستاذ فهمى عمر أطال الله عمره أو الأستاذة صفية المهندس رحمها الله..، ونظرا لأننى من هؤلاء البشر الذين يندفعون ويسارعون فى إنجاز المهام ذهبت وسارعت وجمعت تبرعات كانت فى صدارة الأرقام التى حصلنا عليها لنساهم فى هذه الحملة الوطنية، ورغم طول وبعد السنوات إلا أن حكاية «الحاج محمد العربى» مازالت عالقة فى ذهنى وبين ذكرياتى التى لايلغيها النسيان أبدا..
هذا رجل -ياسادة- ذهبت إليه طلبا لمساعدة منكوبى السيول والمساهمة والتبرع، فما كان منه إلا -وفى أقل من دقيقة- يقدم لى تبرعا بمليون جنيه، ومليون جنيه فى وقتها كانت تقريبا بمثابة نصف مليار جنيه.. دفعها الرجل بكل الإنسانية التى يحملها وكل الوطنية دون تردد، وللغرابة مازلت أتذكر ملامحه جيدا وبشرته المصرية السمراء بلون النيل يومها فرحت من قلبى وتطلعت إليه بكل الاحترام والتقدير لهذا الكرم والوطنية والإنسانية، وقد زاد من مشاعر التقدير والاحترام رفضه التسجيل أو الإشارة لهذا التبرع.. أو إلى قيمته، ولعلنى الآن أترك إلى القراء الحكم على هذا الموقف الإنسانى الوطنى والكريم، ولابد أن أجره وثوابه موعود به يوم القيامة، ولكن وفى الدنيا ها هى السنوات تدور والعمر يجرى يا «حاج محمود» وأرى الرئيس السيسى يرسل ويبعث إليك بتقدير وتحية والدعاء لك بالصحة والعافية مع ابنكم ورئيس مؤسستكم التجارية المهندس «إبراهيم العربى» وأظن أن ذلك من بين النياشين التى حصلت عليها من أجل كرمكم وحسن سمعتكم كرجل أعمال مصرى، وأغلب الظن أن الرئيس السيسى يعرفك جيدا من خلال نشأته فى الجمالية ويعرف عن وطنيتك وكرمك كما عرفتك أنا بالصدفة البحتة..
والآن وختاما.. «ياحاج محمود».. أنت قد لاتتذكرنى يوم جئتك «مذيعة» تطلب تبرعا لمتضررى السيول ولكنك لاتترك ذاكرتى أبدا ولا يترك كرمك وذوقك فى مكتبك بالموسكى الذى ذهبت إليك فيه، وأظن أنها مناسبة طيبة لأدعو الله لك بالصحة وطول العمر، وأن يكثر الله من أمثالك رجل أعمال عصامى بدأ حياته بالشرف ومازال ووصلت تجارته إلى الدنيا كلها دون أن يتخلى عن هذا الشرف الذى وضعه أمامه فى كل تعاملاته، ولم يكن من الغريب أن تحصل على أعلى وسام يابانى تقديرا واحتراما .. ومن جديد.. ندعو لك بالصحة والعافية لك ولمؤسساتك العالمية ولكل تلاميذك وأبنائك الذين غرست فيهم -ولاشك- أخلاقك ووطنيتك.. جزاك الله عنا كل خير.