إيمان كمال تكتب: أنت مختلف أنت "حمار"
فى الماضى كنا نسمع «الاختلاف لا يفسد للود قضية» لكن الآن بات الاختلاف هو الفساد الأعظم، حيث لا يمكن أن تخرج بعيدا عن ذوق الآخر وتقبله للأشياء.. فلا مساحة لرأيك فى هذا العمل أو ذلك الفنان.. فتعبيرك عن ذاتك ينتهى حيث يحب الآخرون ويقدسون.. فإذا كنت لا تحب هذا الفنان أو تحب آخر فمن الخير لك أن تصمت بدلا من أن تخرج عليك جيوش هذا أو ذلك فى هجوم لن تأمن منه نفسك وأهلك من السباب والتهديدات.
لكل زمن وسائل تعبيره ولكل عصر طريقة فى التعاطى مع التذوق العام ولكل فنان أولتراس منذ بداية الفن.. وعلى النقيض يأتى من لا يهوى ما يقدمه هذا النجم ولا يرضى ذائقته الشخصية.
مقدمة لابد منها لما وصلنا له من «غول» السوشيال ميديا الذى يهدد قيمة الاختلاف وقيمة التذوق وفكرة أنه لا يوجد عمل فنى يجتمع عليه الكل ولا حتى فنان.. لكن عبر السوشيال ميديا أصبح لا يمكن لشخص ما أن يكتب بأن أعمال هذا الفنان لا تلقى استحسانه حتى وإن عبر عن رأيه بطريقة راقية فسيل من السباب والشتائم والألفاظ النابية عبر التعليقات وحتى الرسائل الخاصة ناهيك عن محاولات النيل من الشرف والعرض كأنها أمور عادية جدا.. «مادام مش بتحب نجمنا تبقى مباح» ومباح تعنى أن تتعرض لأقصى و«أقسى» ما يمكن من وسائل الردع والمنع كى لا تكرر خطيئتك وتعبر عن رأيك أو تتفوه بما لا يرضاه الأولترس.
قبل عرض فيلم «الكنز» توقعت أن يثير الجدل لكونه عمل غير عادى وكأى عمل فنى كان طبيعيا أن يحبه البعض فيما لم يعجب آخرين ندموا على ثمن التذكرة التى دفعوها فى السينما ولكن لم يتوقف الأمر عند الندم على إضاعة الوقت والمال فى هذا العمل بلا لسباب واتهام كل من أحبوا العمل بأن لهم حسابات معينة فى وجهة نظرهم أو أنهم محاسيب هذا الفنان أو أحد صناع العمل ، لتصبح معركة اتهم فيها النقاد والصحفيون ممن أبدوا أعجابهم بالفيلم بأشنع الألفاظ وبشكل واضح ومباشر عبر «غول» السوشيال ميديا.
قبل أشهر ذكرت عبر صفحتى الشخصية وبشكل بعيدا عن مهنتى كصحفية بأننى لا أحب أن أدخل فى صراعات على شاكلة خلافات أحمد عز وزينة لأن ما يعنينى فقط هو أعمالهما الفنية التى حتى لم أقيمها فيما كتبت لتصلنى ما يقترب من تسعين رسالة فى الشرف والعرض ليس لى وحدى ولكن لعائلتى وأمى «رحمها الله» التى لا ذنب لها سوى أنها ربتنى على ثقافة احترام الاختلاف وابنتى التى لا تملك سوى شهور فى هذا العالم لتوصف بالعهر فى ثوان..
وقبل الشهر تحديدا تحدثت عن أن معركة عمرو دياب وشيرين عبد الوهاب هى عادية جدا إذا ما رجعنا للوراء قليلا وتابعنا معارك كبار النجوم مثل أم كلثوم وعبد الحليم وفريد الأطرش وغيرهم فهذه المعارك لم تقلل من قيمة ما قدموه حتى وإن لم تمح من تاريخهم بعيدا عن أعمالهم فالتقييم الفنى والمهنى أبعد ما يكون عن هذه المعارك «التافهة» وبأن شيرين وإن اخطأت فلا يمكن أن نهدم ما قدمته فى لحظة لأجد مئات الرسائل ومحاولات النيل منى بل ومطالبة الفيس بوك بحذف ما نشرت من الأساس مادام يسىء لفنانهم «عمرو دياب» والذى ذكرت كثيرا بأننى استمع له حتى قبل أن يولد الأولتراس أنفسهم.
لكن لماذا أعبر عن رأيى فى مساحتى الخاصة؟ لماذا أعجب الناقد الفلانى بهذا العمل ولم يهاجمه هو «حمار» إزاى يحب فيلم أنا شايفة مش كويس؟
غول السوشيال ميديا قرر بديهيا ما نحب وما نكره ما نراه جميلا وما لا يعجبنا ونسى أن الله خلقنا نحمل كافة التناقضات والاختلافات فى اللون والأفكار والتذوق والحب والحياة.. نسى أن هذا العالم يحمل كل ما يمكن من التنوع.. فهل ننهزم أمام عبودية المحبة؟ أم نفكر بأن الاختلاف هو حالة صحية تخلق الإبداع؟