د. رشا سمير تكتب: ولا عزاء لوزارة النقل!
تعودنا بالأمس فى البيوت المصرية أن تُصاحب المُسافر جُملة وداع هى: «خُد بالك من نفسك وطمنا لما توصل»..
أما اليوم ومع تطور الأوضاع، أصبحت الجُملة التى تُصاحب المسافر هى:
«لو وصلت إسكندرية طمنا، ولو وصلت مستشفى كفر الدوار إبقى خلى حد يطمنا!»
نعم.. تلك هى النُكتة التى هزمت مرارة الواقع.. وشر البلية ما يُضحك!.
لقد أصبحت مصر بفضل حوادث الطُرق السريعة والقطارات مقبرة للمواطن الغلبان.. فمن ينجو بعون الله من حوادث الطُرق السريعة واستهتار السائقين، يقع فى يد هيئة النقل العام فلا ترحمه القطارات المتهالكة والقضبان الملتوية..
وقع حادث قطار الإسكندرية الأخير والذى انتهى بوفاة 41 وإصابة 132 مواطنا.. لعل الله اختارهم إلى جواره ليرحمهم من ذل الدنيا ومهانتها لمن لا حول لهم ولا قوة.
قامت الدنيا من جديد، وتقدم السيد رئيس هيئة السكة الحديد باستقالته..ووقف المهندس هشام عرفات وزير النقل فى ميدان الرأى العام متهما، وكل من يمر يرميه بحجر.. ولكن؟..
من كان منكم يا سادة بلا خطيئة فليرمه بحجر!..
وأنا هنا على الرغم من معرفتى بالسيد وزير النقل لست بصدد الدفاع عنه ولكننى بصدد أن أقول كلمة حق..
حين تكتب على الجوجل كلمة «حادث قطار» يلاحقك الجوجل فى أقل من ثانية بكتابة.. قطار الإسكندرية، البدرشين، العياط، أسوان..إلخ!.. إذن فسلسلة الحوادث بلا نهاية.. والحوادث تتكرر منذ عهد وزير نقل الملك منكاورع وحتى الآن!..
إذن الحل لم ولن يكون أبدا بإقالة وزير أو رئيس هيئة إلا لو كان قد أخطأ خطئا مباشرا..الحل هو التطوير والقضاء على الفساد بحل المنظومة بأكملها..الحل وزير يضرب بيد من حديد دون توجيه اللوم له ودون عرقلة خطواته بشلة الفاسدين المنتفعين من وراء تلك المنظومة المتعفنة.. الحل هو صلاحيات للمسئولين بلا ضغوط ولا شللية ولا محسوبية.
تحدثت من قبل مع د. هشام عرفات يوم قامت ضده الدنيا عندما رفع سعر تذكرة المترو من جنيه إلى 2 جنيه.. فكان رده: « أنا ضميرى مستريح لأن ما قررته يصب فى مصلحة المواطن البسيط، لأن جمع أقل قدر من المال حتمى لتطوير ورفع كفاءة الخط الأول من المترو الذى ناهز 30 عاما من عدم التطوير، لأنه مع الوقت سوف يتحول إلى مترو المرغنى أو ترام الرمل، وفى النهاية لن يعانى من أثر ذلك إلا المواطن البسيط الذى سوف يضطر فى وقتها أن يدفع 3 أضعاف ما سيقوم بدفعه الآن.. إننا فقط نسترد قيمة تشغيل المترو دون أى مكسب، وإذا أردنا استرداد تكلفة البنية التحتية فستصل قيمة التذكرة إلى 20 جنيها!..إننى عقدت العزم يوم توليت المسئولية أن أحافظ على أصل من أصول الدولة ومصلحة الشعب ولن أحيد عن ذلك».
إن رُكاب المترو يتحدثون فى المحمول بقيمة لا تقل عن 200 جنيه شهريا! وهم أنفسهم الذين ارتضوا زيادة فاتورة الكهرباء برضاء غير مبرر أنها خطوة فى طريق الإصلاح.. فلماذا تبرموا من الجنيه؟!
الواقع يقول إن وزارة النقل تحتاج إلى دعم مالى كبير من الدولة، أو حتى من رجال الأعمال والقطاع الخاص لرفع كفاءة تلك المنظومة بدلا من احتكار القنوات الفضائية الخاصة! فالإعلام يا سادة ليس هو الحل..
كما أن ارتفاع سعر البنزين يجب أن يُصاحبه توفير مواصلات حكومية آدمية يستغنى بها المواطن عن سيارته دون إهانة حلا لأزمة المرور الخانقة، إن دخول الميكنة والتحكم الإلكترونى فى منظومة النقل أصبح حتميا وآن أوانه منذ دهر مضى..وبالتالى إخضاع السائقين لاختبارات المخدرات وتطبيق قانون رادع عليهم دون واسطة ولا معارف ولا ياما ارحمينى!..
لماذا لا يتم تأجير أرصفة القطارات لأصحاب المشروعات والمكتبات والكافيهات مع أكشاك الفتوى! لإيجاد دخل إضافى للهيئة قد يساعد فى تطويرها.. أما إقالة وزير أو رئيس هيئة، فهذا بمثابة كبش الفداء.. لأنه لا يُقدم ولا يؤخر.. حوادث القطارات ارتبطت بكل الوزراء السابقين وأدعو الله أن تنتهى فى يوم ما عند وزارة ما..
الحلول كثيرة.. وأنا على ثقة من كفاءة السيد وزير النقل المشهود له بها منذ كان أستاذا جامعيا وفى كل الوظائف السابقة التى تولاها..
المواطن المصرى لازال يدفع ثمن استهتار وفساد المؤسسات.. ولا عزاء للحكومات الغائبة عن الوعى.