نادية صالح تكتب: سكك "حديد" مصر أم سكك "خردة" مصر
ياقلبى على حبايبنا اللى راحوا نتيجة جهل أو فقر أو خيبة إدارية.. الله أعلم!! وياحسرة على من كانت مصدرًا من مصادر فخر مصر عشرات السنين، فنحن من أقدم البلاد أو الدول التى استخدمت السكك الحديدية كوسيلة حديثة للنقل فى هذا العصر، ومازال الكبار منا فى السن يتذكر مستوى الخدمة والانضباط فى المواعيد والنظافة فى هذه المؤسسة «سكك حديد مصر» - التى كانت- عريقة، هذه المؤسسة تنقل مايزيد على 2.5 مليون مواطن بين محافظات مصر، ولكن لم تعد السكك «حديد»، ولم تعد الهيئة هيئة نعتز بها بل دخلها ما وصل إلينا من تراخى فى الأداء وسوء إدارة وعدم انضباط وأقل ما فيه عدم انضباط المواعيد، وليتها وقفت عند هذا بل ذهب التردى والاهمال إلى ازهاق الارواح بحوادث تكررت ولم نعد نعرف حقيقة سببها، هل هى سوء الإدارة أم ضرورة التجديد الذى لم تتمكن منه الهيئة لقلة الميزانية أو فقرها.. وأظن أن هول الحادث الأخير الذى راح ضحيته أكثر من أربعين من المواطنين الابرياء يحتاج تذكر ما قبله من الحوادث، أظن أن كل هذا يجعلنا ويجعل كل السادة المسئولين أمام ضرورة اتخاذ اللازم لمنع التكرار حتى لو اضطرنا الأمر إلى توقيف هذه السكك «الحديد» تماما حتى تتوفر إمكانيات تجديدها وتشغيلها، ولابد من إعلان السبب أو الاسباب الحقيقية لهذا الحادث ولما قبله من الحوادث، ولعل مستشار الوزير الذى ذهب إلى موقع الحادث الأخير ومات متأثرا بما رأى وبالتأكيد بما يعرف من الأسباب، مات الرجل ومات معاه «السر»، هل نقول ذلك؟! من الواضح أن الأسباب كبيرة وتحتاج إلى حسم من أجل حلها ومن الظاهر لنا أنها أصبحت سكك «خردة» وليست حديد.. العربات «خردة» والقضبان كذلك، فماذا تبقي؟!
ويا أيها السادة ابحثوا عن السبب الحقيقى، ومهما كان ثمن العلاج فلن يكون أكبر ولا أغلى من هذه الأرواح التى تزهق فى كل مرة، وسوف تتحمل الناس حتى إلغاء السكك «الحديدية» مجازا و«الخردة» واقعا، سوف تتحمل العلاج وربما تأكل الزلط كما نقول لو اقتضى الأمر ولكن دونما الموت وقصف الأرواح.
المهم.. أريد أن أقول إنه لابد أن هناك حلا فليس هناك مستحيل.. أما قبول استقالة فلان أو علان فليست حلا، وإنما الحل يكون بالنظر ومواجهة جذور المشكلة، ولابد من شفافية توضيح السبب حتى يطمئن الناس على أرواحهم ويثقون فى مؤسساتهم وقد تذكرت الآن.. اعلان «حديد مصر» الذى يصدع أدمغتنا ليل نهار زاعقا «حديد مصر»، فهل هذا هو حديد المصريين؟! لا أظن ولا أرجو ولا أتمنى، واجعلوا منه الحل الحقيقى للمشكلة «حديد» وليس «خردة» تودى بحياتنا، ولنظل إلى حين نستخدم الباصات والترام والمترو آملين أن تعود إلينا «سكك حديد مصر» بدلا من «سكك خردة مصر» لا قدر الله..
وأخيرا وليس آخرا من الواجب أن أقول لحضراتكم أن دعوتى السابقة ليست تشاؤما ولا يأسا إنما هى رغبة حقيقية فى ضرورة أن نعتاد مواجهة المشاكل وحلها بإظهار الأسباب الحقيقية، ثم معالجتها، والله المستعان.