د. نصار عبدالله يكتب: وزير الداخلية الذى هرب
طبقا لما نشرته صحيفة "المصريون"، فإن وزير الداخلية الأسبق: "حبيب العادلى" قد اختفى عن الأنظار، ولم يعد يعلم بمكانه أحد حتى من أقرب المقربين إليه، رغم أنه كان يخضع للإقامة الجبرية طبقا لقرار أصدرته محكمة الجنايات فى شهر نوفمبر الماضى!!.. ولاشك أن هروب وزير الداخلية الأسبق الذى سبق أن أدين فى تهمة تسخير المجندين للعمل فى مزارعه الخاصة وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات قضاها بالفعل قبل أن يقدم مجددا للمحاكمة فى قضايا أخرى تمس ذمته المالية ومن بينها تسهيله أثناء شغله منصبه للاستيلاء على المال العام، لا شك أن هروبه (رغم خضوعه فيما هو مفترض لحراسة أمنية مشددة) من شأنه أن يثير تساؤلات كثيرة حول كيفية هروبه، وأهم من التساؤلات أنه يثير الشبهات حول احتمال وجود فساد معين فى وزارة الداخلية ضالع معه ومتستر عليه بل ربما أيضا مستفيد منه!، والمطلوب الآن من وزارة الداخلية، وتحديدا من وزير الداخلية ذاته أن يبرهن للرأى العام ببرهان عملى أنه قادر على أن يكشف هذا الفساد وأن يقدم عناصره للمحاكمة، وإلا فإن البديل العادل المطلوب هو تقديم وزير الداخلية نفسه للمحاكمة باتهامات أيسرها العجز والإهمال المهنى الجسيم الذى لا يختلف فى حصاده النهائى عن خيانة الأمانة الملقاة على عاتقه!! ...ليس معقولًا ولا مقبولًا أن تسكت وزارة الداخلية عن حدث جلل مثل هذا الحدث، وكأنها توجه رسالة طمأنة إلى كل من عساه يكون متسما بالإهمال أو ممارسا للفساد بين أبنائها (والنتيجة واحدة كما ذكرنا)، رسالة تقول: اطمئنوا جميعا.. لا خوف عليكم وعلى ما جمعتموه أو ما ستجمعونه، ففى وقت اللزوم بوسعكم أن تختفوا ولن يلاحقكم أحد حتى لو كنتم خاضعين بأمر المحكمة للإقامة الجبرية!، فالأحكام كما تعلمون لا قيمة لها بدون تنفيذ!، والداخلية وحدها هى التى تنفذ، والآن هى التى تطمئن، فاطمئنوا!! ولا يروعنكم أن وزير الداخلية الأسبق قد قضى ثلاث سنين فى السجن لأن هذه مرحلة قد مضت ولن تعود.. لقد كانت مجرد انحناءة عابرة أمام موجة الثورة، وقد عبرت الموجة، كما هدأت من حولها كل الأمواج، فانصرفوا إلى ما أنتم فيه، وليكن وزيركم الأسبق قدوة لكم.. فإذا ما قدر لا قدر الله لواحد منكم أن ينكشف فليس له عندئذ أن يفكر فى الانتحار مثلما يفعل ضباط الشرطة الجبناء فى دول أخرى كاليابان التى ما زال ضباط الشرطة فيها يتذكرون مدير أمن طوكيو الذى أغمد بنفسه سيفا فى صدره عندما انكشفت واقعة فساد كان متورطًا فيها، وما زالوا إلى يومنا هذا رغم انقضاء سنوات عديدة عليها، مازالوا يعتبرونه مثلا أعلى وقدوة لهم!! ..ليس هذا من ديننا ولا من تقاليدنا نحن المصريين بوجه عام ونحن ضباط شرطتهم الباسلة بوجه خاص ـ!.. إننا أمة لها تراثها وأعرافها وباشواتها أيضا.. وسوف تظلون الباشوات.. فإذا سقط واحد منكم فلن يحمى الباشوات غير الباشوات.. تذكروا هذا جيدا فالدنيا دوارة، وهى كما يقول القول المأثور مثل الخيارة، فإذا كانت اليوم فى أيديكم، فإن أحدا لا يعلم أين غدا سوف تكون.. تحسبوا لمثل ذلك الغد، وتستروا على ذلك الذى كان يوما وزيركم، حبيب باشا العادلى لأنكم حين تفعلون هذا، فسوف تجدون بالتأكيد من بينكم من يتستر عليكم ويحميكم، لو حدث لا قدر الله أن دارت الأيام على واحد منكم فوجد نفسه حبيبا عدليا مطاردا ومطلوبا، بعد أن كان آمرا ناهيا، مستوجب السمع والطاعة.