علامات الساعة - كثرة الفتن وتقلب الأمور
من علامات الساعة وأشراطها أن تكثر الفتن وتتقلب الأمور وتتبدل أحوال الناس وتكثر الردة ويبيع المرء دينه بأتفه الأمور.
ومصداق ذلك ما رواه الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما عن أبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ الله صَلَّى الله عليهِ وَسَلَّمَ: ) إِنَّ بينَ يَدَي الساعةِ، فِتَناً كَقِطَعِ الليلِ المظلمِ، يُصْبِحُ الرجلُ فِيْهَا مؤمناً، ويُمْسِي كافراً، ويُمْسِي مؤمناً، ويُصْبِحُ كافراً، القاعدُ فِيهَا خيرٌ من القائمِ، والماشِي فِيهَا خيرٌ من السَّاعِي، فَكَسِّرُوا قِسِيَّكُمْ وقَطِّعُوا أَوْتَارَكُمْ، واضْرِبُوا سُيُوفَكُمْ بالحِجَارَةِ، فَإِنْ دُخِلَ عَلَى أَحدٍ مِنْكُمْ، فَلْيَكُنْ كَخَيْرِ ابْنَيْ آدَمَ (.
وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ) بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا (.
وروى أيضاً عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: ) كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا منزلا، فمنا من يصلح خباءه، ومنا من ينتضل، ومنا من هو في جشره، إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة جامعة، فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها، وتجيء فتن فيرقق بعضها بعضا، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي، ثم تنكشف فيقول المؤمن هذه هذه، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه... (.
ففي هذه الأحاديث بيان أن آخر الزمان تكثر فيه الفتن ويقل الأمن؛ وينصرف الناس عن الدين رغبة في الدنيا وطمعا فيها.
قال الإمام النووي: «مَعْنَى الْحَدِيث الْحَثّ عَلَى الْمُبَادَرَة إِلَى الْأَعْمَال الصَّالِحَة قَبْل تَعَذُّرهَا، وَالِاشْتِغَال عَنْهَا بِمَا يَحْدُث مِنْ الْفِتَن الشَّاغِلَة الْمُتَكَاثِرَة الْمُتَرَاكِمَة كَتَرَاكُمِ ظَلَام اللَّيْل الْمُظْلِم لَا الْمُقْمِر، وَوَصَفَ صلى الله عليه وسلم نَوْعًا مِنْ شَدَائِد تِلْك الْفِتَن , وَهُوَ أَنَّهُ يُمْسِي مُؤْمِنًا ثُمَّ يُصْبِح كَافِرًا أَوْ عَكْسه. شَكَّ الرَّاوِي وَهَذَا لِعِظَمِ الْفِتَن يَنْقَلِب الْإِنْسَان فِي الْيَوْم الْوَاحِد هَذَا الِانْقِلَاب. وَالله أَعْلَم».