عادل حمودة يكتب: قبل أن يلتقى السيسى ترامب يكتب عن نفسه
■ أتصرف بقوة وجرأة وأعرف ما يريد الناس وأختار الوقت المناسب للفوز بما أريد
■ الثروة تبدأ بدولار واحد والسلطة تبدأ بصوت ناخب والنجاح يبدأ بطموح كبير
■ أمى علمتنى فن الدراما ووالدى علمنى فن الصفقات
■ روى كوهين المحامى اليهودى الذى أخذ بيدى إلى الطبقة الحاكمة هو أبى الروحى
عندما قدمت الولايات المتحدة ميكى ماوس إلى العالم جعلتنا نحب الفئران بعد أن كنا نتجنبها ونشمئز منها.
لكن.. الفأر الأمريكى فأر أرستقراطى.. يأكل الكورن فليكس.. ويرقص الفالس.. ويمتلك سيارة شيفروليه سبور يستمتع بقيادتها بجانب حبيبته.
ولو كانت الولايات المتحدة قادرة على تغيير مشاعرنا تجاه الفئران فلم لا تقبل بيزنس مان مثل دونالد ترامب رئيسا لها؟
إنها دولة موهوبة فى صناعة المعجزات لا تستطيع الحياة دون مفاجآت.
وعادة ما تبدأ ماكينة الإعلام فى التفتيش فى حياة الرئيس فور ترشحه للمنصب.. تصل للداية التى سحبته.. والبنت التى أحبها.. وسيجارة الماريجوانا التى دخنها.. والمواد الدراسية التى غش فيها.. والمواقف الصعبة التى عجز عن مواجهتها.
لكن.. ترامب أعفى فرق التحرى من المطاردة.. وكشف بنفسه كل صغيرة وكبيرة فى حياته.. بل.. منح الجميع فرصة أن يعرفوا كيف يفكر؟ وكيف يتصرف؟ وكيف يتفاوض؟ وكيف يحقق ما يريد؟
فى عام 1987 نشر ترامب ــ بمشاركة الكاتب الصحفى تونى شوارتز ــ كتابه الأول فن الصفقة، وما إن وصل ترامب إلى آخر مراحل السباق الرئاسى منافسا للمرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون حتى أصبح الكتاب (370 صفحة من القطع الصغير) الأكثر مبيعا.
الكتاب يسرد سيرته الشخصية ويقدم دروسا فى كيفية الفوز فى الصفقات السياسية قبل الصفقات التجارية فلا فرق بينهما.
أمه المهاجرة الأسكتلندية مارى آن كلويد هى الشخصية الأكثر تأثيرًا فى حياته.. تعلم منها كيف يتكلم ويتصرف بطريقة درامية مؤثرة.. وهو ما كان يفتقر إليه والده فريد ترامب المنتمى إلى جذور ألمانية صارمة وصادمة.. لكن.. والده علمه تجارة العقارات.. واقتحام عالم الأعمال الذى تنفرد به الطبقة الراقية بعد أن دربه على كيفية الاستفادة من أبسط الأشياء: كنت أقضى معظم وقتى فى المشى خلف والدى فى مواقع البناء بحثا عن زجاجات المياه الفارغة التى كنا نبيعها مقابل دولارات قليلة.
وورث ترامب من والده الثقة فى العائلة فشاركه شقيقه روبرت فى كازينو تاج محل.. أكبر كازينو قمار فى العالم.. وعهد بالإدارة إلى زوجته إيفانكا.
ويعتبر ترامب الدعاية كلمة السر فى شخصيته ويرجع الفضل فى ذلك إلى المحامى اليهودى روى كوهين الذى ساعده فى العبور إلى الصفوة السياسية والمالية الحاكمة فى البلاد فلم يتردد فى وصفه بالأب الروحى.
شغل كوهين من قبل منصب كبير مستشارى السيناتور جوزيف مكارثى الذى اشتهر بمطاردة الشيوعيين واليساريين فى الولايات المتحدة وبنفس العقلية أقنع ترامب بالتعصب فى معاملة المهاجرين غير الشرعيين والمتطرفين الإسلاميين بجانب الصينيين الذين أصبحوا أثرياء على حساب الأمريكيين.
ويوصف كوهين بأنه محام لا يرحم وتضم قائمة زبائنه رجال عصابات ونواباً فى الكونجرس وأصحاب شركات ومسئولين كباراً كان منهم روجر ستون مساعد الرئيس ريتشارد نيكسون للشئون السياسية وأول شخصية مؤثرة تعرف عليها ترامب.
ويعتبر ترامب العند إحدى صفاته الحميدة : أنا لا أتردد ولا أتراجع ولا أهرب من معركة إنها أسلحتى التى يصفها البعض بالتهور لكننى أقاتل من أجل ما أؤمن به فلست من النوع الذى يمكن التلاعب به أو تحمل الخطأ فى حقه فرد فعلى سيكون قاسيا ولا يعرف الرحمة.
ويكشف ترامب عن علاقة مرتبكة مع الإعلام فأحيانا يقاطع اللقاءات الصحفية حتى لا يضطر للكشف عن أسراره الشخصية وأحيانا يحرص على متابعة ما ينشر عنه لكنه لا يتردد فى الرد على منتقديه ويعتبر ذلك حقا وواجبا.
ويعشق ترامب إثارة الجدل حوله.. ويؤمن بتلوين الحقائق لصالحه.. واللعب على خيال الناس ونرجسيتهم: إن الناس قد لا يشعرون بقيمتهم ولكنهم فى الوقت نفسه يشعرون بالسعادة عندما نقدرهم إن قليلاً من المبالغة لا يضر.
ولا يحب ترامب الحفلات ولا يميل إلى الأحاديث الجانبية ويفضل النوم مبكرًا ويعانى من هوس النظافة ويثق فى إحساسه وربما لا يقبل بصفقة تبدو مغرية لو لم يحس بها.
ودرب ترامب غرائزه على الاتجاه ناحية المكسب مهما دون النظر إلى الجانب الأخلاقى فى العمل المربح.. لقد لاحظ أن شركة هيلتون للفنادق تكسب من كازينوهين للقمار فى لاس فيجاس نصف ما تكسب من 150 فندقاً فى مختلف أنحاء العالم فلم يتردد ترامب فى اقتحام بيزنس القمار.
ولا يفرق ترامب بين الثروة والسلطة فالطريق إليهما واحد ونصائح التعامل معهما مشتركة منها على لسانه:
أطمح إلى ما هو عظيم.. هذا هو سر التميز.. إن معظم الناس لا يفكرون إلا فى الأشياء الصغيرة لأنهم يخافون النجاح.. وهو ما يعطى أشخاصا مثلى فرصاً كبيرة.
(فيما بعد فاجأ ترامب الشعب الأمريكى بالترشح للرئاسة مؤكدا قاعدة الطموح إلى ما هو عظيم وكبير).
أرفع حجم الخيارات المتاحة أمامك.. كن مرنا.. لا تضع البيض كله فى سلة واحدة.. لا تبك على اللبن المسكوب.. لا تحزن على صفقة ضاعت ولو بدت واعدة فى متناول يدك.. ولا تفرح بصفقة ما عقدتها قبل امتلاك الأساليب التى ستنفذها بها لتضمن أن تسير الأمور كما خططت.
(فيما بعد اعتبر ترامب الترشح للرئاسة صفقة يمكن الفوز بها دون أن يحزن لو خسرها).
اعرف السوق التى ستعمل فيها وفتش فى شخصية زبائنك وجمهورك لتعرف كيف يستسلمون إليك وهم سعداء ومهما كانت قيمة أبحاث الخبراء فإن عليك جمع المعلومات بنفسك لتصل إلى الثغرات التى ستنفذ منها دون أن تنسى إقناع الأطراف الأخرى فى الصفقات بأنهم سيكسبون أكثر مما ستكسب.
(فيما بعد أدرك ترامب أن الشعب الأمريكى فقد الثقة فى السياسيين التقليديين وأنه فى حاجة إلى شخصية مختلفة يثق فيها فقدم نفسه إليه باعتباره المنقذ).
السبيل الوحيد للفوز بصفقة تريدها هو أن تتحدث من موقع قوة وإقناع الطرف الآخر بأن لديك شيئا يحتاجه.
(فيما بعد بدا ترامب فى حملته الانتخابية عدوانيا وشرسا فى تصريحاته).
سوق منتجك بطريقة مبتكرة تجذب فيها المفاجأة الناس وكلما تواصلت معهم مباشرة اطمأنوا إليك خاصة أن كثيراً من الوسائل التقليدية أصابها الفساد والعطب.
(فيما بعد استخدم ترامب شبكات التواصل الاجتماعى فى الوصول إلى الناخبين متجنبا وسائل الإعلام التقليدية التى يختلف الناس حول مصداقيتها).
عليك احتواء التكاليف فالسنت على السنت يصبح ثروة من الدولارات والإنفاق الكبير ليس دليلا على النجاح وإنما يعنى أن التخطيط كان رديئا.
(فيما بعد استغل ترامب الظهور فى البرامج التليفزيونية دعاية مجانية كما أنه لم ينفق فى حملته الانتخابية أكثر من 70 مليون دولار بما لا يزيد على عشرة فى المائة من إنفاق منافسته).
بجانب هذه النصائح الرئيسية يدعو ترامب كل من يريد اقتحام العمل العام إلى التحلى بالمثابرة وتجنب الإحباط فالفشل درس يجب تعلمه لنصل إلى النجاح وإعادة الكرة للوصول إلى ما نريد وصفة مضمونة لتحقيق الأهداف.
ويميل ترامب للأسلوب البسيط فى التعامل فلا يحمل حقيبة أوراق ولا يعقد اجتماعات إلا إذا دعت الضرورة لذلك وإذا اضطر إلى عقد اجتماع غلب عليه طابع غير رسمى الأمر الذى يسمح بتبادل الأفكار بحرية.
وهو لا يغلق بابه فى وجه من يريد التواصل معه وهذا سر إضافى ورئيسى من أسرار نجاحه كما أنه يشجع العاملين معه على التقدم بشكواهم ورؤيتهم بما يفيده وبما يقلل من حالة الرتابة والملل من العمل.
ويبدأ يومه وهو لا يعرف كيف سيسير ولا يعنى ذلك أنه شخصية غير منظمة بل هو يتبع الأسلوب المناسب لشخصيته حسب الظروف.
هل بعد ذلك كله فهمنا ترامب وعرفنا كيف نتعامل معه؟.
ربما.