أيزيدية تروي قصتها من سبي داعش لحلم المحاماة

عربي ودولي

أيزيدية
أيزيدية


تروي الشابة الإيزيدية دلال قصتها حين وقعت في قبضة داعش إذ لم تتمكن عائلتها من الفرار من سنجار في الوقت المناسب فبدأت معاناة التعنيف النفسي والجسدي والآن وبعد تحريرها بمساعدة "جهادي" شعر بالذنب تريد تعلم المحاماة للدفاع عن المظلومات.

إيلاف: قطعت الشابة الأيزيدية دلال عهدًا على نفسها بأن تحقق حلمها في أن تصبح محامية، بعدما قام تنظيم داعش بخطفها، وتناوب تسعة من عناصره المسلحين على اغتصابها والاعتداء عليها.

كانت دلال في السابعة عشرة حين اجتاح "الجهاديون" قريتها في قضاء سنجار في شمال العراق في 4 اغسطس 2014 بحملة دموية مروّعة كانت بداية إبادة جماعية للإيزيديين في العراق، أسفرت عن مقتل آلاف الرجال واستعباد زوجاتهم وبناتهم والاعتداء عليهن جنسيًا وبيعهن سبايا في سوق الرقيق.

الوقت خذلهم، كانت دلال تعيش مع والدها الكهربائي وأربعة من الأشقاء والشقيقات، وتدرس لكي تصبح محامية متخصصة في الدفاع عن حقوق المرأة.

تقول: "كنتُ وقتذاك راضية عن حياتي، لعدم وجود مشاكل جدية فيها، وكان مسموحًا لنا بالعيش في سلام". تضيف دلال إن جارهم المسلم غير الأيزيدي أبلغهم بأن داعش آتٍ، "ولكن لا داعي للخوف على حياتنا، وأنه علينا رفع راية بيضاء، وألا نُظهر سلاحًا أو ملابس عسكرية. وسيجتمع مسلحو داعش مع العمدة في مقهى المنطقة، ونحن سنواصل حياتنا بسلام".

سرعان ما انتشرت أخبار عمّا يبيّته داعش في الحقيقة، واستعدت عائلة دلال للرحيل، ولكن الوقت دهمها قبل أن تتمكن من الهروب. فاعتقل "الجهاديون" أفراد العائلة مع مئات العائلات الأخرى. وعُزل الرجال من أفراد العائلات، بمن فيهم فواز شقيق دلال، البالغ من العمر 16 عامًا، عن النساء والأطفال، واقتادهم مسلحو داعش إلى مكان آخر.

توزيع النساء

تشير الدلائل بعد الكشف عن وجود قبر جماعي إلى أن "الجهاديين" أعدموهم بطريقة منهجية. وكان شقيق دلال ذو السنوات التسع من بين الأطفال الذين أُجبروا على حمل السلاح والقتال مع داعش وحفظ آيات من القرآن، وغُسلت أدمغتهم بأيديولوجيا داعش أثناء تدريبهم على العمليات الانتحارية والقتال.

في هذه الأثناء صادر "الجهاديون" ما كانت تحمله والدة دلال مع طفلتيها من نقود ومصوغات وهواتف خلوية ومتعلقات قبل إجبار النساء الكبيرات على ممارسة أعمال منزلية وتوزيع الشابات على بيوت "جهاديين" في الرقة والموصل وتلعفر.

الحفظ وإلا الضرب

كانت دلال حصة قائد عسكري في داعش يُعرف باسم نصر وبقيت في بيته خمسة أشهر. روت دلال لصحيفة "أندبندنت" قائلة: "كنتُ كل صباح أُجبر على الصلاة من الساعة الثالثة خمس مرات في اليوم. 

وكنتُ مسؤولة عن العمل المنزلي وإعداد الفطور والعشاء وتنظيف الشقة، ودائمًا حفظ آية من القرآن. لم يكن لديّ متسع من الوقت للحفظ. وإذا لم أتمكن من تلاوة الآية حين يُطلب مني ذلك كنتُ أتعرّض للضرب والإهانة كعقاب".

كانت زوجة نصر تضرب دلال بدافع الغيرة، فيما كان الزوج يغتصبها، ويعتدي عليها بانتظام. وحين قُتل نصر في إحدى المعارك استمر الاعتداء على دلال من قبل "جهادي" آخر ثم آخر وآخرين. 

حملت دلال من أحد مغتصبيها الذي يُدعى أبو مصطفى، ولكن "الجهادي" الذي ورثها منه أجبرها على الإجهاض عبر تناول حبوب طبية وحمل أشياء ثقيلة وممارسة أعمال شاقة.

"جهادي" يكفّر عن آثامه

ظلت دلال تعاني من الوهن والألم بسبب محنتها التي استمرت تسعة أشهر مع تسعة مغتصبين آخرين. قرر آخر "جهادي" تسلم دلال أن يساعدها على العودة إلى أهلها "للتكفير عن أفعاله السابقة"، كما قالت، مضيفة إنه أخذها بالسيارة إلى خطوط القوات العراقية، وتركها هناك، حيث تسلمها جنود عراقيون.

نُقلت دلال إلى دهوك، وهناك وجدت والدها على قيد الحياة مع أفراد عائلتها الآخرين. بدأت تعمل متطوعة في منظمة إنسانية ألمانية لتوزيع المساعدات على النازحين. قدمت المنظمة اسم دلال إلى الحكومة الالمانية لاعادة توطينها في المانيا مع أكثر من 100 آخرين نجوا من مجزرة داعش بجق الإيزيديين.

قالت دلال إنها عولجت طبيًا، واستُخدمت معها علاجات خاصة، ما زالت تخضع لها حتى الآن. أضافت "أُريد إنهاء دراستي قريبًا، وتحقيق حلمي بالعمل محامية".

ابنة النور

في ألمانيا، روت دلال قصتها باسم "شيرين" في كتاب عنوانه: "ما زلتُ ابنة النور". وهي تدعو الآن إلى تقديم قادة داعش إلى العدالة أمام المحكمة الجنائية الدولية، وتوفير حماية أكبر للأيزيديين والأقليات الأخرى في سوريا والعراق، ومساعدة اللاجئين.

عُثر على أكثر من 500 شخص من سكان قرية دلال في مقابر جماعية. ونقل داعش والدة دلال إلى سوريا، فيما قُتل واحد على الأقل من أشقائها، وما زالت شقيقتها الصغرى مفقودة.

ويُقدر أن 3500 أيزيدي في قبضة داعش الآن، غالبيتهم من النساء والأطفال، ويُخشى أن يستخدمهم التنظيم دروعًا بشرية أثناء تقدم القوات العراقية.