دي ميستورا: جولة مفاوضات خامسة في جنيف مارس المقبل
بعد 9 أيام من الاجتماعات المكثفة، انتهت
جولة المفاوضات غير المباشرة بين الحكومة والمعارضة السوريتين في جنيف، بالتوصل إلى
جدول أعمال "واضح" ينص على 4 عناوين رئيسية ويشكل قاعدة لجولة جديدة تعتزم
الأمم المتحدة الدعوة إليها.
وفي ختام يوم طويل من الاجتماعات مع الوفود
المشاركة، أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا: "اعتزم دعوة
الأطراف السوريين إلى جولة خامسة هنا في مارس.
وفي مؤتمر صحافي مساء أمس الجمعة، قال دي
ميستورا في جملة عكست بعضاً من التفاؤل: "القطار جاهز، إنه يقف في المحطة، كل
شيء جاهز وهو بحاجة فقط لمن يشغله".
وأضاف: "أعتقد أن أمامنا الآن جدول
أعمال واضحاً"، مشيراً إلى أنه يتضمن "4 عناوين" سيتم بحثها "في
شكل متواز"، هي الحكم والدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب.
خلاف على الأولويات
واتسمت جولة المفاوضات الحالية بين الحكومة
والمعارضة السوريتين التي بدأت في 23 فبراير (شباط)، كما سابقاتها بخلاف كبير على الأولويات
بين الطرفين، الانتقال السياسي أو الإرهاب.
وأصرت المعارضة على تناول موضوع الانتقال
السياسي أولاً، وهو الأهم في نظرها تمهيداً لإيجاد حل سياسي لنزاع مستمر منذ حوالى
6 سنوات تسبب بمقتل أكثر من 310 آلاف شخص.
وفي المقابل، طالبت الحكومة منذ البداية
بإضافة مكافحة الإرهاب إلى العناوين الثلاثة التي اقترحها أساساً دي ميستورا.
وتمت إضافة موضوع مكافحة الإرهاب إلى
"السلال الثلاث" بطلب من الحكومة السورية، وفق دي ميستورا الذي أعلن أن المفاوضات
في جنيف ستتناول "استراتيجية مكافحة الإرهاب"، في حين ستركز محادثات أستانا
على مكافحة الإرهاب في شكل عملي انطلاقاً من وقف إطلاق النار الذي سيسمح بالتركيز على
التصدي للمنظمات الإرهابية.
جولة ثالثة
ومن المفترض أن تعقد جولة ثالثة من محادثات
أستانة برعاية روسية تركية إيرانية بين الحكومة السورية والفصائل المعارضة في وقت قريب،
لتثبيت وقف إطلاق النار الساري في سوريا، برغم الخروقات منذ نهاية ديسمبر.
وطوال الأيام الماضية، كان وفد الهيئة العليا
للمفاوضات يصر على أن الإرهاب "لا يحتاج إلى مفاوضات"، متهماً الحكومة بـ"المماطلة"
لعدم الخوض في الانتقال السياسي.
وأما رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري،
فاتهم الهيئة العليا للمفاوضات بأخذ محادثات جنيف "رهينة" لرفضها إضافة الإرهاب
على جدول الأعمال.
وبرغم إضافة الإرهاب إلى جدول الأعمال،
قال رئيس وفد الهيئة العليا التفاوضي نصر الحريري بعد إعلانه انتهاء الجولة الحالية
إثر آخر لقاء مع دي ميستورا: "رغم أننا نعود بدون نتائج واضحة في يدينا، لكن أقول
أن هذه المرة كانت إيجابية أكثر" من السابق.
وأضاف: "هذه المرة الأولى التي ندخل
فيها بعمق مقبول لنقاش مستقبل سوريا، لنقاش الانتقال السياسي في سوريا".
أما وفد الحكومة السورية برئاسة مندوب سوريا
الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، فخرج من آخر لقاء مع دي ميستورا من دون الادلاء
بأي تصريح.
تحقيق تقدم
ويرى كل من الطرفين أنه حقق تقدماً وإن
كان بسيطاً في هذه الجولة، بالنسبة للمعارضة، تناول البحث خلال لقاءاتها مع دي ميستورا
الانتقال السياسي، وهو الموضوع الأبرز في نظرها على طريق ايجاد الحل لنزاع مستمر منذ
حوالى 6 سنوات.
بالنسبة للحكومة السورية، بات موضوع مكافحة
الإرهاب محوراً أساسياً في مواضيع البحث.
ولم ينجح المبعوث الدولي في عقد جلسة تفاوض
مباشرة واحدة، ولم تلتق الوفود وجهاً لوجه إلا في الجلسة الافتتاحية التي اقتصرت على
كلمة ألقاها دي ميستورا وقال فيها: "إنه لا يتوقع خرقاً ولا معجزات".
واعترف المبعوث الدولي بعدم إمكانية عقد
مفاوضات مباشرة في الوقت الحالي.
وحمل دي ميستورا خلال المؤتمر الصحافي الختامي
صورة من الجلسة الافتتاحية، معتبراً أنها "ليست مجرد صورة بل لها رمزية مهمة جداً"،
ورأى أن هذه الجلسة "كسرت الحاجز النفسي" بين المشاركين.
وأكد دي ميستورا: "هدفنا يبقى المفاوضات
المباشرة (...) ولكن في بعض الأحيان تكون المفاوضات غير المباشرة أكثر فعالية".
منصة القاهرة
وشارك في جولة المفاوضات الحالية بالإضافة
إلى الوفد الحكومي ثلاث وفود معارضة، هي وفد أساسي للهيئة العليا للمفاوضات، الممثلة
لأطياف واسعة من المعارضة السياسة والعسكرية، ووفد من "منصة القاهرة"، التي
تضم عدداً من الشخصيات المعارضة والمستقلة بينهم المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية
جهاد المقدسي، ووفد من "منصة موسكو" التي تضم معارضين مقربين من روسيا أبرزهم
نائب رئيس الوزراء الأسبق قدري جميل.
وبعد لقاء جمع دي ميستورا صباح أمس بوفد
منصة القاهرة، قال المقدسي "إن دي ميستورا "لم يتوقع أي اختراقات ولا نحن
توقعنا، لكن نعتقد أنه نجح في الحفاظ على الزخم السياسي لهذا المسار".
وأضاف "اذا أنهى الجانب الإجرائي
(...) الجولة القادمة سيكون الخط فيها مفتوحاً لإنجاز تقدم سياسي".
وطوال جلسة المفاوضات، شارك مبعوثون من
دول عدة، على رأسها الولايات المتحدة وروسيا، بالإضافة إلى قطر وتركيا وفرنسا، في المحادثات
مع الوفود بعيداً عن الإعلام وقاعات الاجتماعات الرسمية.
وجدد دي ميستورا في ختام الجولة تأكيده
أن لا وجود لحل عسكري في سوريا.
وقال "أعلم انه لا يزال هناك البعض
في سوريا يعتقدون أن هناك خياراً عسكرياً أو حلاً عسكرياً"، مضيفاً "هذا
وهم".
أضاف: "الحل السياسي وحده يخاطب التطلعات المشروعة للشعب السوري"، الذي يعاني منذ 6 سنوات من نزاع دام أودى بأكثر من 310 آلاف شخص وشرد نصف السكان داخل البلاد وخارجها.