القباب هو الأرخص سعراً والأكثر صحية في الاستخدام
كان القبقاب رمزا للدلع بين البسطاء، نظرًا لمزاياه العديدة، ولعل أبرزها علوه عن مستوى الأرض، وما يحدثه من صوت تميز الجميلات عن سواهن، وإن كان كثيرون يعدون صوته الصاخب عيبًا.
القبقاب له مزايا صحية، حيث يوصى به لمن يعانون من الحساسية، ومرض السكري، لأنه "بارد صيفًا ودافئ شتاءًا"، ولا يسبب التشققات الجلدية، ومريح في الحركة والعمل في شؤون البيت، وفي الأسواق والأزقة، وكان الرجال يلبسونه أيضًا إتقاءً للوحل أيام الشتاء، ويؤخذ عليه وزنه الثقيل.
انتشرت صناعة القباقيب بكثافة في خمسينيات القرن العشرين، ثم تراجعت، وصار استخدامها قاصرًا على حمامات المساجد، وتبدو الصناعة اليدوية البسيطة أنها في طريقها للإندثار الآن.
حركة بيع القباقيب تنشط خلال ثلاثة أشهر فقط من العام "تبدأ مع رجب وتنتهي مع أواخر شهر رمضان الكريم -بخلاف المولد النبوي الشريف- لأن أهل الخير يشترونها للتصدق بها على المساجد والزوايا لأنها أطول عمراً "شباشب" الجلد أو البلاستيك، وثمنها أقل، بالإضافة إلى أن القبقاب صحي، ولا ينقل العدوى من شخص لآخر، وفي حال سرقتها يمكن تعويضها بسهولة.
بعض السياح والعرب والأجانب يشترونها للذكرى أو كأنتيكة قبل مغادرة مصر، وهناك أنواع من القباقيب يتم تصنيعها لتعلق على الجدران، وتكون منقوشة بالحفر والتلوين.
لم تعد حركة البيع كما كانت في الماضي وبخاصة في الأرياف فقد كان كل بيت بالريف به قبقاب يتم استخدامه في دورات المياه بخلاف المساجد إلا أنه سعر القبقاب المتواضع، إلا أن الطلب عليه بدأ يتراجع منذ ظهور "الشباشب" المصنوعة من البلاستيك لأنها لا تصدر أصواتا مثل القبقاب، وأخف وزنا، ومسايرة لموضة العصر.
ورش معدودة باقية لصناعة "القباقيب" بالقاهرة والشام، فمعظم ورش "القبقاب" أغلقت إما لرحيل أصحابها، أو لهجرة البعض الآخر إلى مهن أخرى أكثر ربحًا، ومن تبقى فى هذه المهنة فهو ورثها عن آبائه.
هناك العديد من الأخشاب يصنع منها القبقاب وهى الكافور والجوز والمشمش والصفصاف والزان والمانجو والسيبانس والفيكس وهي أرخص نسبيًا من التوت واللبخ والسرسوع، ويتم جلبها من منطقة رملة بولاق في القاهرة وبعض محافظات الوجهين القبلي والبحري، كان يستخدم خشب الصفصاف والجوز في صناعة القباقيب، ولكن ارتفاع أسعارها جعل الحصول عليها صعبًا، وأغلب القباقيب حاليا تصنع من الكافور والتوت والفيكس لأنها أرخص.
صناعة القبقاب ليست بمثل بساطة شكله، وكان الحرفيون في البداية ينحتون النعال بأيديهم إلى أن ظهرت آلات تؤدي هذه المهمة، موضحًا أن مراحل التصنيع تبدأ بجلب الخشب المطلوب حيث يقطع شرائح على أشكال أسافين، ويرسم على قدر قدم الإنسان حسب المقاس، ثم تأتي عملية التفكيك، وفيها تتم إزالة الزوائد الخارجية من الجانبين، ثم النشر بعملية اللف وهي إزالة الزوائد الأمامية والخلفية، وبعدها تأتي عملية التقدير، وهي تشكيل كعب القبقاب، ثمَّ يأتي دور التنعيم أي حف القبقاب، وأخيرًا يركب قطعة من الجلد "كاوتش السيارات"، وفوقها قطعة صفيح تثبت على مقدمة القبقاب بمسامير خاصة تسمى "مسامير قباقبية".
أسعار القبقاب تتراوح ما بين 5 إلى 10 جنيهات وهناك أنواع أخرى يصل سعرها إلى 25 جنيهًا، ويتم تصنيعها بالطلب، ومنها ما يُطعم ويزين بالصدف والألوان واللاكيه والأنواع المصنوعة من خشب التوت أفضل وأجود القباقيب.
سوريا في الماضي كانت تُصدر القباقيب إلى مصر ولبنان وتركيا برغم وجود الحرفيين المهرة، إلا أنَّهم ليسوا بحرفية ومهارة الدمشقيين.