د. رشا سمير تكتب: "زرايب العبيد".. رواية ليبية تكشف عورات المجتمعات الذكورية
"زرايب العبيد".. تاريخ العبودية فى ليبيا
5 روايات من القائمة القصيرة لـ"بوكر" العرب 2017
فى زمن سحيق كان للعبودية تاريخ طويل كتب قصص البشر، واليوم.. فى زمن الحرية بلا سقف والطموح بلا حدود، وأصبح للعلاقات الإنسانية ألف وجه ولون، وتفوقت تاء التأنيث على كل الحروف الأخرى وأركعتها، وهزمت نون النسوة جمع المذكر السالم فلم يعد الرجال يُرفعون بالواو ولا ينصبون بالياء، هجرت النساء كهوفهن المسحورة وسكنّ تلك السحابة الرحبة فى عنان السماء، ولكن..
حتى الآن هناك نساء يتوارين منكسرات فى ظلال الرجال، ولا يزال القهر والظلم هما عنوان استكانة الكثير من النساء فى المجتمعات العربية، ما زالت النساء تدفع ثمن خطايا جنسهن وضعفهن واستكانتهن.. فالعبودية بكل أسف ماضٍ له حاضر.
العديد من حكايات النساء تحمل ملامح الضعف والهزيمة، والآن هناك العديد من زرائب العبيد والإماء والسبايا، وما زال موجودًا جزء من المجتمع يدفع بالنساء لأسفل، ويتعامل معهن كإماء، لم ينته زمن الرق طالما لايزال هناك تهريب للبشر، والعمالة القسرية وتجنيد الأطفال والزواج القهرى والاستغلال الجنسى التجارى والقوانين المخلة بحرية الإنسان وحقوقه.
عن دار «الساقى» صدرت مؤخرًا رواية «زرايب العبيد» للكاتبة الليبية نجوى بن شتوان، فى 304 صفحات من القطع المتوسط، تحكى بكل جرأة عن تاريخ النساء فى ليبيا حين وجدن أنفسهن سبايا فى زرايب العبيد، رواية أسرتنى منذ سطورها الأولى وأسكنتنى بقعة من الأرض لم أكن أتصور أنها موجودة، وصلت الرواية إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية 2017، وأتوقع لها الفوز بالجائزة.
1- حوار مع المؤلفة وحكاية صورة
نجحت فى الوصول إليها من خلال فيسبوك، اعترفت لها بإعجابى بقلمها الرشيق وروايتها المختلفة، فردت على بكل سعادة وامتنان لأن روايتها وصلت إلى القراء العرب إخصوصا القاهرة.
من خلال حديث قصير لمحت فى ردودها امرأة بسيطة حالمة تبحث عن المفقود بين سطور الأحداث، سألتها عما إذا كانت الأحداث حقيقية أو مستوحاة من قصة حقيقية أو ربما حكتها لها إحدى الجدات؟ ردت: «كلا.. فأنا لم أعش فى ليبيا بشكل كافٍ لأستمع إلى حكايات الجدات ولا حتى أمى، فأنا أعيش فى روما».
حكت لى الروائية كيف أنها بدأت الفكرة بصورة قديمة رأتها عن زرائب العبيد قبل مائتى عام، وضعت الصورة أمامها على الكمبيوتر، وكانت تُطيل النظر إليها وتتمعن فى تفاصيلها، حتى عاشت البطولة المُطلقة وكأنها العبدة السوداء، وفى ظل ظروف حالكة من الارتباك والحزن والإفلاس قررت أن تكتب حكاية لم تعشها سوى فى خيالها.
سألتها: هل الرواية معروضة بليبيا؟
قالت: لم تدخل إلى ليبيا بشكل كبير بسبب الأوضاع الأمنية، والخوف من المصادرة، وعندما دخلت إلى بنغازى، كتبت على صفحتى «زرايب العبيد عادت إلى موطنها الأصلى».
فقلت لها: عنوان الرواية مباشر لكنه بديع ومختلف، لماذا اخترته؟ وهل هو اختيارك أم اختارته دار النشر؟
أجابت: هو اسم المكان الذى عاشت به تعويضة – أم بطلة الرواية- بعد هروبها من «زرايب العبيد» وهو مكان حقيقى على أطراف مدينة بنغازى، حى هامشى يسكنه المهمشون والبؤساء، زرايب لأنه عبارة عن عشش تصلح لعيش البهائم، ودار الساقى لم يكن لها دور فى الاختيار، على العكس قبلوا المخطوط كما هو وشجعونى على نشره.
2- عبيد بلا قيود
تناقش الرواية فى مجملها تاريخ العبودية فى ليبيا، وبالتحديد بنغازى، وتعود بنا الروائية إلى زمن ما قبل الاحتلال الإيطالى لليبيا حوالى 200 عام للوراء، لتكشف جزءًا من ذلك التاريخ المظلم الذى ما زالت آثاره ماثلة حتى الآن فى بعض الأماكن هناك.
وتروى الكاتبة بقلمها الرشيق كيف انتهى تاريخ العبودية فى ليبيا مع طرد العثمانيين منها على يد إيطاليا، التى استبدلت عبودية البشر بعبودية الأوطان، فتحول الأمر من مجرد استعمار العقول إلى قيد فرضته الدول المستعمرة على الأراضى التى وطأتها.
مع تلخيص لهذه العلاقة الاستعمارية بجُمل بديعة، مثل: «كان البياض بيننا وبينهم وليس السواد، هذا ما كنت أدركه من دون تفسير، بل هو أول حجر فى المسافة».
3- عتيقة بنت تعويضة
الشخصية الرئيسية التى تتمركز حولها الأحداث هى عتيقة بنت تعويضة، وهى كما قرأتها من بين السطور، مجرد رمز أو إسقاط واضح على كل سيدة ليبية حملت قهر مجتمع ذكورى فوق أكتافها حتى جثم على صدرها ليصنع من أحزانها سدًا عظيمًا، أو بشكل أكثر دقة هى كل نساء الوطن العربى مجتمعات فى عبدة سوداء.
عتيقة الصبورة الصامتة كأمها، كصخرة تتحمل لطم الأمواج المالحة لها منذ زمن دون أن يفتتها الملح، ذات العينين اللوزيتين الحزينتين، تستسلم لإلحاح على صاحب الإطلالة البهية، المختلف عن عائلة تتنكر لها شكلا ومضمونا، تروى له ويسمع منها، على الطرف الآخر من الدم والأصل والشجن، يقر لها بالتوجع فى حضرته ما وسعها ذلك، يفتح الأبواب المؤجلة لتنتقى عتيقة موضعها من المكان والزمان والأحاسيس.
تتحدث بلسان حالها طوال الوقت، فتعرفنا بنفسها وتصف سمرتها وعيونها الخضراء التى هى سبب اختلافها لتقول:
«أنا عتيقة بنت تعويضة، حكايتى هى نسبى والميراث الذى لا ينازعنى فى صحته أحد، أدركت الشىء الذى أحمله مخالفا لسمرتى، عرفت أنه فى عينى، هوية لا يمكن تزييفها بقول أو بفعل، عطية منتقاة من رجل حُر من مصراتة الحمر البيض كالألمان، ذلك اللون الذى رأيته يشع فى المرآة، لون عينين لا يوجد مثلهما فى زرايب العبيد، جعلنى القدر له وجعله لى، كانت عيناى نجمتين أسطوريتين فى السماء الماكنة ما بين وسط لبلاد وزرايب العبيد».
4- بداية تحمل ألف تساؤل
تبدأ القصة بشاب يطرق باب عتيقة بنت تعويضة خادمة الحاج محمد بن عبدالكبير بن على بن شتوان، يُعرفها ويُعرفنا الرجل نفسه بكونه على بن شتوان، آتى إلى عتبة بيتها ومعه الكاغد الشرعى للخادمة- ما يُعرف بالنسب الشرعى- وعلى الرغم من ذلك ترفض مقابلته أو تتردد.
بعدما تراجع نفسها وزوجها، تذهب إليه ليحكى لها حكاية خاله «محمد» الذى عشق أمها «تعويضة» التى كانت بدورها عبدة فى دارهم، وفى سبيل هذا الحب أهمل زوجته ما دفع عائلته للتدخل لإبعاد الخادمة السوداء التى سلبت قلب ابنهم وعقله، ولم يستطيعوا منع النبت التى جاءت جراء تلك الزيجة، فكانت الابنة التى ولدت فى زرايب العبيد بعد إبعاد الأم عن دار أسيادها.
نشأت عتيقة فى الإرسالية اليوسفية تحت رعاية الأخوات الراهبات وتعلمت الكتابة والقراءة بالإيطالية والحياكة، واكتشفت أن العالم به أشياء ممتعة تسعد القلب، وتلتقى عتيقة مع يوسف جوسيبى، ليدخلها فى عالمه الجديد المرتبط بالإنسانية ولا دخل له بتصنيف الإنسان بحسب لونه أو جنسه، نشأت علاقة مختلفة بينها وبين يوسف الذى كان يكبرها بسنوات كثيرة، لكنها رأت فيه رجلا مختلفا، يساند النساء ويدفعها لأن تخرج وتعمل وتكبر فى القامة، يسافر يوسف للدراسة بإيطاليا وحانت لحظة وداعه، وبقيت الرسائل هى كل ما بينهما، لكنه عاد وطلبها للزواج، فتزوجا وأنجبا محمد.
5- طفلة شاهدة على العصر
فى أكثر من مكان بالرواية يظهر صوت الراوى العليم «عتيقة»، تتذكر طفولتها وسقوطها فى حُب سيدها والظلم الذى تعرضت له، ومن بين تلك الأحداث الكثيرة المتلاحقة تسلط الضوء على الظُلم الذى عاشته من خلال قصص الآخرين، فها هى تروى قصة زواج حماد وفطومة، وتتعرض لتفاصيل ليلة الدُخلة فيها، والغريب حقا أن تقاليدها لا تختلف كثيرًا عن تقاليد بعض الأماكن الشعبية فى مصر.
6- الظُلم حين يُصبح قدرا
يأخذنا فلاش باك آخر من قصة عتيقة إلى قصة تعويضة الخادمة، التى أحبت سيدها محمد، فقد وجد فيها ما لم يتوقع أن يجده فى خادمة، حين أثارت شغفه مرة عن مرة واستولت على قلبه واختصرت فيه كل النساء، فأثار ولعه الشديد بها الحسد والغيرة فى قلب كل من يعرفه، واعتقد أبواه فى أول الأمر أن ما بينهما مجرد نزوة عابرة تنطفئ جذوتها عندما يرتوى منها، ولكن تعلقه زاد بها وغيرة زوجته أشعلت نار الانتقام بينهما.
بعد أن عاشرها ابن سيدها، دفعها القدر إلى دفع ثمن شىء لم تقترفه من جديد، عندما نست لحم خروف على الطاولة دون قصد فتتسلل القطة وتأكله، فإذا بصاحب البيت والد عشيقها، يقرر عقابها وكأنه يعاقب فضيحتها ووقوعها فى حُب ابنه، فيحجزها ويعلقها فى القبو، وبجوارها وليدها ابن اليوم الواحد، مُلقى فى صندوق صغير دون رحمة ولا شفقة من جده.
يبكى الطفل من شدة الجوع، تنهار والدته مسترحمة السيد دون أن يلين قلبه أو يشعر بالرحمة، وتحدث المفاجأة ويموت الرضيع جوعًا فى منزل والده، وحتى لا يسوء الوضع، يدعى أصحاب المنزل أن الجارية حملت سفاحا من ابنهم المراهق وأنجبت طفلا، ومن فرط إهمالها أنه يختنق أثناء الرضاعة ويموت.
7- ليبيا الوطن والمعنى
سر مذاق الطبخة الحقيقية لتلك الرواية فى اعتقادى، هى المعتقدات المختلفة والجو المثير الذى استطاعت الروائية أن تأخذنا إليه فى كثير من الأماكن للتعرف على بلادها والائتناس بعاداتها وأماكنها، فخطفتنى فى خضم الحدوتة المثيرة إلى الكثير من الأماكن والأشياء، التى تُعبر عن المجتمع الليبى ما أعطى للرواية جوًا مختلفًا ومتفردًا، فتعرفت على الأشياء من خلال قلمها، مثل عمال الغربال، وهم من يجلسون حول غربال الرمل من الصباح للمساء يغربلون رمال البحر لصالح البنائين، وكذلك سوق الجريد أحد أكبر أسواق بنغازى، وموسم الدنقة الذى تقوم فيه الفتيات بالرقص المصحوب بضرب الطبول، وهو كرنفال يقوم به العبيد السود، أما الكويسات المعروفون بـ«المومسات»، فهو شكل آخر من أشكال العبيد وكيف يتاجر الرجال بأجسادهن.
8- العناوين بمذاق الاختلاف
فكرة تقسيم الرواية إلى مجموعة عناوين لتحمل كل مجموعة صفحات فكرة معينة، هى فكرة حديثة فى عالم الرواية، فروايات زمن توفيق الحكيم والعقاد ونجيب محفوظ لم تكن تحمل عناوين بل حملت أرقاما، وأحيانا لم تكن تحمل شيئًا ليظل السرد مسترسلا دون تقطع.
وحديثا استحدثت دور النشر فكرة أن يكون لكل فصل عنوان يعبر عن حدث أو شخص أو حتى حرف، ولكن المهم أن تتلاحم العناوين كلها وتلتقى، الغريب هنا فى هذه الرواية أن الروائية اختارت عناوين مختلفة جدًا عن بعضها، ولكن دعونى أصرح بأنها فكرة مختلفة وبديعة للغاية.
فى الحقيقة العناوين لم تتبع تسلسل ولا مجموعة ألوان ولا حتى أشياء تربطها صفة واحدة، مثلما فعلت إليف شافاق مثلا فى لقيطة أسطنبول حين أطلقت على كل فصل اسم نوع من الحلوى التركية، الغريب حقا أن عناوين نجوى بن شتوان أثارت فضولى واستحوذت على ذهنى كقارئة وشدتنى لمحاولة الكشف عن هوية العناوين والروابط بينها، أرفع لها القبعة على الاختيار المختلف، فالاختلاف فى الأدب دائما هو سر نجاحه.
9- صوت المجتمع الذكورى
ما بين الفكرة الرئيسية للرواية وهى مجتمع العبيد بمشكلاته ومآسيه، تظهر بالتوازى قضية أخرى تتناولها الروائية وهى قضية المرأة ومعاناتها، وقهرها فى المجتمعات الذكورية، وفيه تنتقد الكاتبة بشدة المعتقدات البالية والتقاليد المتوارثة التى تمارس على بنات جنسها، تستطيع كقارئ أن تلمح ملامح هذا السرد شديد النعومة وشديد النقد يتسلل إلى موجات الجذر والمد السردى بين صفحات الرواية، أو عبر المشاهد المتناثرة بين الأحداث الخاطفة للرواية.
يظهر ذلك جليا فى المشهد الذى تروى فيه الروائية على لسان عتيقة طقس «تقفيل البنات»، وهو ما فسرته بالتصدى لوسوسة الشيطان قبل الزواج، وهذا ما يجعل المتزوجات اللائى يستجبن للشيطان أو نداء الغريزة بإفشالها حين تتهيأ الظروف للأقوال أن تتجسد أفعالا وللكلمات أن تتحول حقيقة واقعة، إذن الجنس ممنوع على الإناث دون زواج ويحق للرجال ممارسته بزواج أو بدونه، هذه القاعدة تتيح لهم وتمنع عنهن، حيث لا تجد التقاليد أى غضاضة فى وجود استثناء من اللقيطات للتسلية واللهو فيما يُمنع ذلك على حرائر الناس.
الغريب حقا هو نظرة الفتيات لهذا الفعل الواقع عليهن من تحرش واغتصاب لكونه قدرا ينتظرونه، يتضح هذا من خلال كلمات تعويضة عن الرجل الذى استحلها.
«إنها لم تتخيل يوما أن تقف قبالته وتتكلم معه، فكيف بأن ينام فى فراشها، علت خفقات قلبها تحت تأثير صدمة لا تتمنى الخروج منها وهى الخادمة السوداء التى لم يرغبها عبد ولا حر إلى الآن، ولم يمسسها أحد كما يحدث لكل الخادمات فى عمرها، لا أحد لاطفها أو تحرش بها فى السوق أو فى المنزل، حتى إنها تذكرت أنها مازالت تحمل غشاءها الفطرى إلى الآن».
تحية تقدير للروائية نجوى بن شتوان التى امتلكت الشجاعة لتكتب، ودار الساقى للنشر لرؤيتها فى اختيار الأفضل.
تأسست جائزة البوكر العربية عام 2007 فى دولة الإمارات العربية المتحدة، بتمويل من هيئة أبوظبى للسياحة والثقافة وبدعم من مؤسسة جائزة بوكر البريطانية، وتُمنح الجائزة فى مجال الرواية حصرياً.
يتم ترشيح ستة عشر عملا روائيا فى القائمة الطويلة، وهى التى يتم تصفيتها إلى ست روايات فى القائمة القصيرة، لتتنافس فيما بينها على الجائزة وتمنح الرواية الفائزة خمسين ألف دولارأمريكى، بالإضافة إلى عشرة آلاف دولار لكل الروايات الست المرشحة للفوز بالجائزة. وفى الأسبوع الماضى ألقيت الضوء فى عرض صحفى على الأعمال التى وصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية، ومنذ أيام تم الإعلان عن القائمة القصيرة للروايات المرشحة لنيل الجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2017، والتى شملت 6 روايات كالتالى:
1- موت صغير:
فى رواية من القطع المتوسط تقع فى 500 صفحة صدرت رواية ( موت صغير) عن دار الساقى للروائى السعودى محمد حسن علوان.
الرواية تاريخية تتناول حياة إمام المتصوفين وهو أحد أئمة الحب والتصوف الكبار الشيخ «محيى الدين بن عربى»، الذى ردد الناس مقولته عبر السنين ألا وهى: «أدين بدين الحب أنى توجهت ركائبه فالحب دينى وإيمانى». وكعادة الروائيين، أخذنا السرد إلى طريقين يتقاطعان بذكاء شديد، الكاتب سار فى خطين متوازيين.. أولهما تاريخ انتقال مخطوطة تحكى سيرة ابن عربى منذ عام 610هـ/1212م، حتى وصلت إلينا عام 1433هـ/2012م، والتى تمر بأيام عصيبة فى التاريخ الإسلامى، وتشهد الكثير من الحروب والصراعات والابتلاءات عبر ذلك التاريخ الممتد.
أما الخط الموازى فهو سيرة ابن عربى، منذ ميلاده وحتى وفاته وما مر به من صعاب وابتلاءات وصنوف المحن والسجن ورحلته الطويلة فى الأندلس مرورًا بدمشق والقاهرة ومكة وغيرها للبحث عن أوتاده الأربعة، حتى وافته المنية، ولعل أقسى مراحل الرواية حين أصبح الإمام رجلا طاعنا فى السن، واضطر للعمل أجيرًا فى بستان.
وصف النقاد الرواية بأنها تجربة شجاعة تستحق القراءة، وأنها سوف تكون تاريخا لابد من الرجوع إليه عند الكتابة عن الصوفية.
2- السبيليات
رواية للكويتى إسماعيل فهد إسماعيل، والصادرة عن نوفا بلس للنشر، تسرد لنا حكاية منطقة «السبيليات»، خلال الحرب الإيرانية العراقية، الأطول فى القرن العشرين، حيث قامت القوات العراقية بطمر مداخل جميع الأنهار المتفرعة عن شط العرب بالتراب، ما تسبب فى منع وصول الماء إلى غابات النخيل الواقعة على الضفة الغربية من شط العرب.
وبعد سنوات ذبل النخيل، وماتت الأشجار، عدا شريان من الأرض أخضر يمتد من عند شط العرب وحتى حدود الصحراء غربا، فى منطقة تدعى «السبيليات»، وفى تلك المنطقة تولد هى سيرة السيدة «أم قاسم»، وهى إسقاط واضح على السيرة الوجودية للحرب، أو باختصار هى سيرة الفقد الإنسانى، مثلما هى تمثل جوهر العلاقة المتفردة بالمكان المفقود، ولكنها بكل بساطة ترمز لوحشية الحرب، وقسوة الفقد.
هذه النظرة لا تعنى بالقطع التحايل على الواقع، بل هى محاولة فى إعادة تدوين التاريخ المضاد للمكان الحربى، إذ تستحضر صورة شاحبة للحرب أو ما تبقى منها.
3- أولاد الآدم - اسمى غيتو
هى رواية صادرة عن دار الآداب للروائى اللبنانى إلياس الخورى، وتبدأ بحادثة، يوحى الراوى للقارئ بأنها واقعية وحدثت معه هو شخصيا فى نيويورك، حيث تقوده طالبته سارانغ إلى مطعم فلافل، ويلتقى هناك آدم دنون الذى يغلف شخصيته بضبابية ما، يقدم نفسه على أنه إسرائيلى رغم أنه فلسطينى فى الأصل.
ويلتقط الروائى من طرف خيط تلك الحادثة بحرفية حكاية آدم دنون، الذى هاجر إلى نيويورك هربا من قصة حب ماتت فى خضم الدمار الذى خلفه الاحتلال، حيث عمل فى مطعم لبيع الفلافل، ليقرر كتابة رواية عن قصة حب بطلها شاعر عربى قديم من العصر الأموى، اسمه وضاح اليمن، لكن كتابته الخيالية تصطدم بقسوة وغلاظة الواقع.
يصرف آدم النظر عن كتابة رواية ليشرع فى كتابة مذكراته الشخصية، فيقرر أن يروى حكايات طفولته فى الغيتو الذى أقامه الجيش الإسرائيلى لمجموعة صغيرة من سكان مدينة الذين بقوا فى مدينتهم، بعد طرد الأغلبية الساحقة من سكانها.
4- فى غرفة العنكبوت
صادرة عن دار العين للنشر للروائى المصرى محمد عبدالنبى، وهى الرواية التى سبق وتطرقنا لها الأسبوع الماضى بعد وصولها إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر، وسوف ألقى عليها نبذة سريعة لمن فاته العدد.
تستعرض الرواية حياة المثليين وتبدأ بحادثة «الكوين بوت» التى جرت فى مصر عام 2001، حين ألقت السلطات المصرية القبض على اثنين وخمسين مثلياً بتهمة ممارسة الفجور، وقدمتهم للمحاكمة، فى قضية أثارت كثيراً من الجدل، وجعل الكاتب بطل روايته «هانى محفوظ» واحداً من أولئك المثليين الذين قُبض عليهم، الرواية تنحاز إلى الأقليات وأعتقد أن هذا هو سبب ترشحها للبوكر، كما أن لغة الروائى قوية.
5- مقتل بائع الكتب
للأديب العراقى سعد محمد رحيم الصادرة عن دار ومكتبة سطور، الرواية هى السيرة الذاتية لليسارى محمود المرزوق، بائع الكتب المستعملة الذى اغتيل قبل شهر فى شارع الأطباء فى بعقوبة بالعراق. تتناول الرواية الصحفى الذى يعمل بجريدة الضد اليسارية، اسمه (ماجد بغدادى) يبدأ بكتابة قصة عن محمود المرزوق بائع الكتب القديمة فى سرداب إحدى العمارات، والمرزوق يسارى معروف فى وسطه الضيق، لكن الشيخ صاحب فكرة نشر الكتاب ومن أيده فى ذلك، يعرف قيمته ويريد تخليده فى التاريخ العراقى، من خلال هذه الروائية، ونظرا لأفكاره الجريئة تعرض لعملية اغتيال فى ظروف غامضة وسُجل الحادث ضد مجهول.
يعقد الصحفى علاقات مع معارف الراحل وأصدقائه، ويعثر على دفتر دوّن فيه المرزوق بعض يومياته، التى تؤرخ لحياة المدينة منذ اليوم الأول للغزو الأمريكى واحتلال العراق، ويعثر على رسائل بينه وبين امرأة فرنسية تعمل «موديل» وارتبط بها بعلاقة حميمة قبل قتله الذى سيبقى مبهمًا حتى النهاية، قبل أن يصل الروائى بنا إلى القاتل الحقيقى.