ما حكم الشرع فى زواج المحلل؟
السؤال:
أثناء إجراء التحقيق في إحدى القضايا وجد أن زوجًا طلق زوجته ثلاث طلقات، نص في الإشهاد الأخير أن زوجته لا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره، وبعد فترة تم عقد زواج هذه المطلقة على آخر، وبعد يومين تحرر إشهاد بطلاقها، وقد قررت الزوجة أن هذا الزواج الأخير كان زواجا صوريًّا كمحلل، ثم تزوجت بزوجها السابق، وطلقت منه وتزوجته مرة أخرى، والمطلوب به الإفادة برأي الدين والشريعة في موقف زواج هذه المطلقة بزوجها السابق بعد عقد زواجها الذي وصفته بالصورية كمحلل، والآثار المترتبة عليه؟
يجيب الدكتور محمد سيد طنطاوي - مفتى الجمهورية الأسبق-:
المقرر شرعًا أن البائنة بينونة كبرى وهي التي طلقها زوجها ثلاث طلقات لا تحل لمطلقها حتى تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحًا شرعًا قصد به الدوام، والإشهاد، ويدخل بها هذا الزوج الثاني دخولا حقيقيا بأن يعاشرها معاشرة الأزواج، ثم يطلقها أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه شرعًا، وحينئذ يحل لمطلقها الأول أن يعيدها إلى عصمته بعقد ومهر جديدين بإذنها ورضاها، هذا هو ما يتفق مع روح الشريعة ومع ما قصد إليه الشارع الحكيم من عدم حل مراجعة الزوج لزوجته بعد أن استنفد الطلقات الثلاث.
أما الزواج بقصد التحليل فهو زواج غير صحيح شرعًا، لا يترتب عليه أي أثر من آثار عقد الزواج الصحيح؛ للحديث الصحيح المروي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله المحلل والمحلل له" رواه الحاكم في الصحيح والترمذي والإمام أحمد في مسنده والنسائي في سننه، وعن ابن عباس قال: "سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المحلل فقال: "لا إلا نكاح رغبة لا نكاح دلسة ولا استهزاء بكتاب الله، ثم تذوق العسيلة"، وقد نُقِلَ مثل ذلك عن الصحابة، من ذلك ما روي عن ابن عمر أنه سئل عن تحليل المرأة لزوجها فقال: "ذاك السفاح".
وطبقا لما تقدم: يكون زواج هذه المطلقة -موضوع الاستفتاء- من آخر كمحلل زواجا غير صحيح شرعًا لا يحلها لزوجها الأول، وبالتالي يكون زواجها من زوجها الأول باطلا كذلك، لا يترتب عليه أي أثر من آثار عقد الزواج الصحيح، ويجب على الزوجين أن يفترقا فورا طواعية واختيارًا وإلا وجب على من يهمه الأمر أن يرفع أمرهما إلى القضاء ليفرق بينهما جبرًا.