10 مطبات في رحلة دعم السلع التموينية.. هل يتحول لـ"نقدي"؟
حالة من الترقب والخوف تنتاب فئة كبيرة من المواطنين، الذين يعتمدون على دعم السلع التموينية التي تعتبر مصدر أساسي للحصول على احتياجاتهم، لاسيما عقب البدء في تنقيتها، لتوصيل الدعم لمستحقيه، والحديث عن تحويله لدعم "نقدي"، وبالرغم من تاريخه الطويل مع المصريين كان الدعم أمام ملوك ورؤساء مصر أزمة تضع القائمين على الدولة في حيرة من أمرهم في التعامل معه سواء بالتفكير في إلغاءه أو تقليص السلع.
وترصد"الفجر"، رحلة الدعم العيني بداية من عصر الملوك إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي.
بداية ظهور دعم السلع
بدأ ظهور دعم السلع بعد الحرب العالمية الأولى، لتسهيل الحياة على المصريين، وذلك بشراء كميات من القمح والدقيق من استراليا وتوفيرها بأسعار منخفضة في منافذ حكومية للمواطنين، ثم أنشأت مصر وزارة للتموين من شأنها توفير بعض السلع والاحتياجات الأساسية مثل السكر، وزيت الطعام، والشاي بنظام الحصص، حيث كان لكل أسرة حصة من السلع التموينية التي تقدمها الوزارة.
بند "إعانة غلاء"
وبعد ذلك وبالتحديد عام 1936، بدأت مصر في تطبيق نظام البطاقات التموينية، وفى عام 1948، تضمنت ميزانية الدولة بند "إعانة غلاء" وتم تطبيق البند على الطبقة الفقيرة وغير القادرين، والذى وصلوا إلى 11 مليون جنيه وقتها.
الدعم في عهد فاروق
عندما تولى الملك فاروق، استمر الدعم على السلع وشغله مهمة التصدى لمشكلة الحفاء التي يعاني منها الملايين من الشعب، واعتمد قرارًا يقضى بشراء 60 ألف حذاء للمصريين الحفاه، وتشكلت لجنة مركزية حكومية من كبار رجال الدولة لتدشين مشروع مكافحة الحفاء الذى كان منتشرا بين أبناء الطبقات الفقيرة فى المجتمع.
الدعم بعد الملكية
ومع سقوط الملكية، وإعلان مصر جمهورية عربية، بدأت الدولة في تطبيق سياسية الإصلاح الزراعى وتبنت الحكومة برنامج رفاة، تحملت من خلاله المسئولية عن تقديم الخدمات الاجتماعية الأساسية للمواطنين من صحة وتعليم، كما شمل البرنامج نظامًا لدعم أسعار للسلع الغذائية الأساسية، والإسكان وغيرها.
الدعم في عهد "ناصر"
ففي عهد عبد الناصر كان الاهتمام متعاظمًا بنظام التموين والدعم للسلع الأساسية يتم صرف 300 جرام من الزيت للفرد بسعر 3 قروش، إضافة إلى كيلو جرام من السكر بسعر 10 قروش، وباكو شاى بـ 4 قروش، قبل أن يتمّ التوسع في الأمر وإضافة العديد من السلع الأخرى.
وبعد حرب 1967 ارتفعت الأسعار بسبب الظروف التي مرت بها مصر في تلك الفترة، وبدأ التوسع الذي أجراه "عبدالناصر" في التراجع، وكان برنامج الدعم يشمل عددًا من السلع الأساسية مثل القمح، والسكر، الأرز، زيت الطعام، الصابون، والكيروسين، وبعض المنتجات القطنية .
الدعم في عهد "السادات"
حاول الرئيس الراحل محمد أنور السادات، تعويض المصريين بعد حرب 1973 بالسلع المدعمة، لتصت قيمة الدعم لـ 20 مليون جنيه وشمل الدعم وقتها 18 صنفًا، إضافة إلى ذلك شمل الدعم الكهرباء، وخدمات النقل الداخلي، والبنزين، واستهدف جميع المواطنين وليس محدودى الدخل أو الفقراء فقط.
ومع بداية عام 1976 بدأ "السادات" في تخفيض الدعم وفقًا لاتفاقيات تمت بالتعاون مع البنك الدولي، للإقتراض وتنفيذ سياسات إصلاحية نتج عنها إنتفاضة جياع وإجتاحت التظاهرات محافظات مصر حتى تراجع "السادات" عن تخفيض الدعم ورفع الأسعار.
إنخفاض الدعم في عهد "مبارك"
إعتبر نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، أن دعم السلع وراء إرتفاع عجز الموازنة، وبدأ في تخفيض الدعم بشكل تدريجي فتولى "مبارك" الحكم وهناك 18 صنفًا مدعمًا، ولكن بعد عشر سنوات تم إزالة 4 سلع من الدعم عام 1990، بل وصل الأمر إلى دعم 4 سلع فقط في 1996 وهم العيش البلدي، والدقيق البلدي، والسكر، وزيت الطعام.
لم يتوقف إلغاء الدعم في عهد "مبارك" عند إلغاء الدعم على السلع وحسب، بل وصل الأمر إلى تقليل عدد الأفراد المستحقين للدعم، برفض تسجيل المواليد الجدد بداية من عام 1989.
الدعم بعد ثورة 25 يناير
"عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية"، بتلك الهتافات إندلعت ثورة 25 يناير ضد نظام "مبارك" بعد ممارساته الأخيرة سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي، ولكن زاد الأمر سواءًا وزاد عجز الموازنة، وأصبح أمرًا ضروريًا إتخاذ قرار بتحريك الدعم وبالفعل تراجعت قيمة الدعم في موازنة 2015، وهو ما استمر أيضًا في موازنة 2016.
الدعم في عهد "مرسي"
مع تولي الرئيس المعزول محمد مرسي لمصر، زادت قيمة الدولار والدين الخارجي وعجز الموازنة، وبدأ "مرسي" أيضًا في رفع الدعم عن بعض السلع التموينية، حيث أكد خبراء الاقتصاد استمرار سياسات التحيز للأغنياء والرأسمالية في عهد الرئيس محمد مرسي، حيث ذهب 20 مليار جنيه فقط من الدعم للفقراء وباقي 97 مليار جنيه، يذهب للأثرياء في دعم الطاقة وغيرها.
الدعم في عهد "السيسي"
وفي عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، وبعد قرار البنك المركزي بتعويم الجنيه بشكل رسمي في البنوك المصرية، أعلنت والحكومة نيتها حول إزالة عدد كبير من المواطنين من البطاقات التموينية، بل وتحويل الدعم العيني إلى نقدي.
ففي الثالث والعشرين من يناير الماضي، فوجئ آلاف المواطنين بحذف أفراد من أسرهم ممن يستحقون الدعم من بطاقات التموين، رغم وجودهم في مصر ولا تنطبق عليهم شروط الإسقاط من البطاقات التي أعلنتها الحكومة، بالإضافة إلى زيادة جديدة لأسعار السلع التموينية، حيث قررت الحكومة زيادة سعر كيلو السكر جنيهاً والزيت 3٫5 جنيه، يبلغ بسعر كيلو السكر 8 جنيهات والزيت 12 جنيها للعبوة زنة 800 جرام، وكان سعر السكر التموينى 7 جنيهات والزيت 8.5 جنيه على البطاقات التموينية، فضلا عن اللجوء لتقليص الدعم، لأن تكلفة الدعم كبيرة.
هل يتحول إلى دعم نقدي؟
وشكلت الحكومة في التاسع من نوفمبر الماضي، لجنة وزارية لدراسة منظومة الدعم وبحث إمكانية التحول التدريجي إلى الدعم النقدي؛ لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه والحد من تسرب الدعم للجهات غير الرسمية والشرعية، خاصة أن مبالغ الدعم زادت مؤخرًا لتصل إلى معادلات غير مسبوقة، وذلك بعدما طرحه المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء في التاسع عشر من أكتوبر الماضي، خلال حوار مع مجموعة من كبار الكتاب والمفكرين، مؤكدًا آنذاك أن الحكومة تدرس التوجه للدعم النقدي.